رئيس التحرير
عصام كامل

البحرية المصرية وبطولات منسية في انتصار أكتوبر

يتحدث الخبراء والإعلام عن العبور العظيم وعن دور حائط الصواريخ والضربة الجوية الأولى والمشاة والصاعقة، ويتراجع الحديث عن القوات البحرية التى لو دققنا فى تاريخها، سنكتشف سريعا أن القوات البحرية المصرية متفوقة دائما على العدو الصهيوني، ولم يحدث في تاريخ المواجهات أن تفوق السلاح البحرى الصهيوني، حتى فى يونيه 67 لم تخسر القوات البحرية جنديا أو قطعة واحدة، وتاريخ البحرية المصرية في حرب الاستنزاف خير شاهد.. 

 

العالم كله شهد للبحرية المصرية بالتفوق عندما دمر أبطالنا المدمرة إيلات أكبر مدمرات العدو بزوارق صغيرة، مما ساهم في تغيير الفكر العسكرى في العالم، وتدمير الحفار في أبيدجان، وتدمير ميناء إيلات عدة مرات حتى تم إخراجه من الخدمة تماما، من هنا عندما نقرأ في تاريخ البحرية الحديث نشعر بالفخر والسعادة.. 

 

فى حرب أكتوبر كان للبحرية المصرية دور متميز رائع، حيث بدأت القوات البحرية الحرب قبل موعدها بخطة خداع استراتيجى تم وضعها بشكل علمى مدروس بعقول مصرية وقلوب تتحرق شوقا للثأر وتحرير الارض، ففى شهر سبتمبر تم نشر خبر عن توجه ثلاث قطع بحرية مصرية إلى الموانئ الباكستانية لإجراء أعمال الصيانة الدورية لها، هذه القطع هي "الفاتح..الظافر.. الفرقاطة رشيد"، وانطلقوا الثلاثة من ميناء سفاجا، وكانت أولى محطات الوصول وهم فى الطريق إلى باكستان هى ميناء عدن..

 

وهناك قضي الفوج البحري أسبوعا كاملا، ثم جاءت الأوامر بالاتجاه إلى أحد الموانئ الصومالية في زيارة رسمية، وأيضا قضت الوحدات الثلاث إسبوعا آخر في الصومال، الهدف كما هو وضح لنا أن هذا ضمن الخداع الاستراتيجى من القوات البحرية من أجل السيطرة وإغلاق مضيق باب المندب، ثم جاءت التعليمات إلى هذه القوة بالعودة إلى ميناء عدن، وبمجرد الوصول إلى الميناء وصلت رسالة في مظاريف مغلقة، وأوامر بعدم فتحها إلا بعد أن تصلهم كلمة سر من القيادة..

بطولات البحرية المصرية

وبالفعل في مساء الخامس من أكتوبر 1973 م وصلت كلمة السر وتم  فتح المظاريف.. إنها الحرب، الحرب التى انتظرها كل جندي وكل مواطن مصري منذ الخامس من يونية 67، للثأر وتحرير الأرض، وكانت التعليمات بالتوجه فورا إلى مواقع تم تحديدها عند مضيق باب المندب، وفي سرية تامة يتم مراقبة حركة جميع السفن العابرة في البحر الأحمر وتفتيشها.. 

 

وكانت الأوامر لهذه الوحدات الثلاث بتفتيش السفن حتى لا تتجه أى سفينة إلى العدو الصهيونى ومنعها، بالاضافة إلى أن التعليمات واضحة في حالة عدم إمتثال أى سفينة للتفتيش يتم إطلاق النيران عليها حتي يتم تطبيق الإعلان الملاحي لوزارة الخارجية المصرية والخاص بتحديد المناطق المحظور فيها الملاحة في البحرين الأبيض والأحمر.

 

استطاعت البحرية المصرية خلال الفترة من السادس من أكتوبر وحتى الواحد والعشرين من أكتوبر من السيطرة الكاملة على البحر الأحمر، وحدث أن ناقلة بترول صهيونية لم تمتثل لتعليمات البحرية المصرية، فقامت الغواصات المصرية باعتراضها وإغراقها بالطوربيدات، فتوقفت الملاحة نهائيًا منذ يوم 7 أكتوبر في البحر الأحمر.

 

وهنا يطل علينا التاريخ لكى يقول كلمة للذين يتشدقون ببعض الأحكام للأسف عن جهل، بأن تدخل مصر في اليمن في الستينات لم يكن هناك أسبابا منطقية تبرره، والحقيقة كل خبراء الاستراتيجيات يدركون أن باب المندب هو بوابة الأمن القومى المصرى، فمن يضع يده على باب المندب أصبح يملك البحر الأحمر كله، وبالتالى مصر لا يمكن أن تفرط في يوم من الأيام في باب المندب.

 

ومن قراءة في أوراق أعظم أيام مصر الخالدة، أيام الحرب المجيدة، وجدنا أن القوات البحرية أغرقت 5 سفن وقصفت 12 هدفًا ساحليًا، وتصدت لـ9 هجمات بحرية للعدو الصهيوني، ونفذت 4عمليات خاصة، حتى بلغ إجمالى عدد القطع البحرية التى غرقت للعدو فى هذه المعارك نحو 29 قطعة بحرية، وناقلة مجهزة لحمل الطائرات الهليكوبتر، وثلاث ناقلات بترول كبيرة ومتوسطة وصغيرة، وثلاث سفن، وأسقطت 12 طائرة هليكوبتر للعدو و7 قطع من السفن.

 

ومن المعارك التى لقن فيها أبطالنا العدو درسا لا ينسى، عندما حاول الإقتراب من شواطئ الدلتا تصدت لها وحدات بحرية بمعاونة قوة جوية، ودمرت 4 زوارق، وإرتد باقي التشكيل، كما أن ابطالنا دمروا وحدة من الكوماندوز البحرية الإسرائيلية بالغردقة كانت تستعد الهجوم على ابطالنا، وفي 17 أكتوبر حاول العدو الإغارة بواسطة الضفادع البشرية على قاعدة بورسعيد، تصدى لهم أبطالنا وأغرقوا أحد القوارب وقتلوا مجموعة الضفادع البشرية..  

 

 

وفي 22 أكتوبر دارت معركة بحرية أمام بورسعيد وأسفرت المعركة عن تدمير 3 قطع بحرية للعدو وإصابة طائرتين هليكوبتر، وفي منطقة البحر الأحمر حاولت مجموعة من وحدات البحرية الخاصة الاسرائيلية الاقتراب من الشاطئ فتصدت لها قواتنا البحرية ومدفعيتنا ودمرت زورقين، واستولت على أحد الزوارق بما فيه من أفراد، كما حاول العدو دفع بعض أفراده من الضفادع البشرية نحو إحدى قطعنا البحرية، وتم اكتشافهم وتدميرهم جميعا..

 هذه مجرد نماذج من بطولات البحرية المصرية فى حرب أكتوبر المجيدة التى قادها الفريق أول فؤاد ذكرى، عاش زهدا حتى رحل فى عام 1983 فى هدوء، تحية لروحه وتحيا مصر ببطولات ابنائها..

الجريدة الرسمية