رئيس التحرير
عصام كامل

من الاستواء والتجسيد إلى تحريم احتفالات المولد النبوي.. مكائد السلفيين للأزهر عرض مستمر

مؤلفات ابن تيمية
مؤلفات ابن تيمية

قبل أسابيع اندلع خلاف شرس بين الأزهريين والسلفيين بسبب قضية التجسيد والاستواء، بدأ فجأة وكأن هناك من يريد إعادة اختراع الدين الإسلامي وأركانه وشروطه ولو على حساب بث الفتنة بين أبنائه، ليرد الأشاعرة وأبناء الأزهر بقوة ويخرجون السلفيين من المعادلة، ويثبتون عليهم تهمة الجمود وعبادة النص، وما إن هدأت المعركة بدأ السلف صراعا مع الأشاعرة لتحريم الاحتفال بالمولد النبوي، وهو صدام أشد وأصعب، إذ يجر إليه عوام المسلمين باعتبارها قضية تتماس مع عاداتهم وتقاليدهم التاريخية التي توقر المناسبة وتحتفل بها. 

معركة المولد النبوي بين السلفيين والأشاعرة

واشتعلت المعركة بين السلف والأشاعرة واستعرت بشدة حول شرعية الاحتفال بالمولد النبوي، ونشطت الحسابات السلفية ترمي الجميع بمخالفة صحيح الدين وترفض أي خروج عن أفكارها حتى لو جاء من أهم وأفضل مؤسسة دينية في العالم ـ الأزهر.

الصراع الأزهري السلفي لا يمكن وصفه بالطارئ، بل هو صراع الجذور والأسلاف والمنهج، مشكلات تاريخية عصفت بأئمة عظام وأزاحت بعضهم من الساحة الدعوية والفكرية والتاريخية، لكن المثير أن الأسلاف الذين أشعلوا الحرب في الماضي كانت لهم تقاليد صارمة خلال أزمات الاوطان أو حتى إدارة الخلاف، إذ يتناسى الجميع الخلافات دائما في أوقات المحن والأزمات، وهو ما حدث أيام هجوم التتار على ديار الإسلام بحسب الدكتور أحمد قوشتي عبد الرحيم أستاذ الدعوة وأصول الدين. 

ويوضح قوشتي أن شيخ الإسلام ٱبن تيمية -رحمه اللَّٰه- وهو الإمام السلفي الكبير خرج للجهاد مع سلاطين المماليك وجلهم أشاعرة مع أنهم سجنوه بسبب عقيدته، لأنه يعلم يقينا أن التتار إن ٱستولوا على ديار الإسلام فلن يبقوا مسلما، سواء أكان أشعريا أو سلفيا ولن يتركوا عقيدة ولا شريعة ولن يسألوا المسلم قبل قتله عن منهجه أو مذهبه. 

من أشهر أحاديث ابن تيمية: "الناس يعلمون ما بين الحنبلية ـ السلفيّة ـ والأشعرية من صدام وتنافر، ومع ذلك أنا كنت من أعظم الناس تأليفا لقلوب المسلمين وطلبا لٱتفاق كلمتهم ٱتباعا لما أمرنا به من الٱعتصام بحبل الله وأزلت عامة ما كان في النفوس من الوحشة".

ويضيف قوشتي: “حين هدأ صليل السيوف عاد ابن تيمية إلى مشروعه العلمي الذي يختلف كليا عن الأشاعرة، وهو في ذلك كله يعلم أن لكل مقام مقالا، وأن لكل حال خطابا، وأن وقت الشدة ليس مثل وقت الرخاء، وأن وقت تكالب الأعداء لٱستئصال الأمة بالكلية ليس مثل وقت الرفاهية والنقاشات العلمية، وأن الخلاف حقيقي وواقع لا يمكن إنكاره؛ لكن التعامل معه لابد أن يكون منضبطا”.

وأكد أهمية التزام أهل العلم بجمع كلمة الأمة والبعد عما يفرقها حتى وإن كان كل طرف يعمل على توضيح المعتقد الصحيح وتبليغه للناس والدفاع عنه من جهة أخرى، فالموفق دائما من يفقه ذلك كله، ويطبقه بحكمة وٱعتدال، دون إفراط ولا تفريط، فيفعل ما ينبغي في الوقت الذي ينبغي على الوجه الذي ينبغي، على حد وصفه. 

الجريدة الرسمية