رئيس التحرير
عصام كامل

رحيل ميخائيل جورباتشوف.. له ماله وعليه ماعليه

جورباتشوف وبوتين
جورباتشوف وبوتين

توفي  آخر زعيم للاتحاد السوفيتى، ميخائيل جورباتشوف، عن عمر ناهز 92 عاما بعد صراع طويل مع المرض، بعد حياة عاش خلالها يحمل ذنب تفكdك جمهوريات بلاده ويتمتع بكراهية شعبية ظلت ترافقه حتى أdامه الأخيرة.

وفاة ميخائيل جورباتشوف

ووفق ما أفاد به المستشفى السريري المركزي في العاصمة الروسية "موسكو"، "توفي ميخائيل سيرغيفيتش غورباتشوف هذا المساء بعد مرض شديد وطويل الأمد".

 

رغم أن انهيار الاتحاد السوفيتي كان بعهده إلا أنه لعب دورًا أساسيًا في بعض الحوادث المفصلية التاريخية، كإنهاء الحرب الباردة وسقوط جدار برلين وتوحيد ألمانيا الشرقية والغربية.

تولى جورباتشوف الحكم 

خلال النصف الأول من الثمانينيات، عاش الاتحاد السوفيتي على وقع نوع من الفراغ السياسي بسبب وفاة 3 من قادته في ظروف طبيعية. فيوم 10 نوفمبر 1982، توفي ليونيد بريجنيف، بشكل طبيعي ليخلفه على إثر ذلك يوري أندروبوف الذي توفي بدوره بعد 15 شهرًا فقط يوم 9 فبراير 1984 عقب معاناة مع فشل كلوي. لاحقًا، تولى قسطنطين تشيرنينكو قيادة الاتحاد السوفيتي لفترة تجاوزت بالكاد العام وتوفي يوم 10 مارس 1985 بسبب اعتلال بالرئة وقصور القلب.

 

على إثر ذلك، تولى يوم 11 مارس 1985 ميخائيل غورباتشوف، البالغ من العمر 54 عامًا، قيادة الاتحاد السوفيتي. ومنذ حصوله على مقاليد الحكم، اتجه الأخير لإحداث جملة من التغييرات أسفرت عن انهيار الاتحاد السوفيتي.

 

مطلع الثمانينيات، واجه الاتحاد السوفيتي مشاكل اجتماعية عديدة حيث سجلت الرشوة والفساد انتشارها بمعظم القطاعات كما عانى عدد كبير من المواطنين السوفيت من ويلات الفقر تزامنًا مع تفشي الإدمان على الكحول بسبب الأسعار المنخفضة لمشروب الفودكا. من ناحية أخرى، أنفق الاتحاد السوفيتي أموالًا طائلة على حربه بأفغانستان وواجه أزمة غذائية واضطر لاستيراد كميات هامة من القمح من الولايات المتحدة الأمريكية، وإضافةً للرقابة الصارمة والتعتيم الإعلامي، عانى القطاع الصناعي السوفيتي من تأخر كبير مقارنةً بالغرب حيث تحكمت الدولة بأغلب دواليبه وحددت للمصانع، التي أنتجت أساسًا للسوق الداخلية، كميات الإنتاج والأسعار متسببةً بذلك في غياب الجودة والمنافسة بالسوق.

برامج جورباتشوف الاصلاحية 

مع اعتلائه لسدة الحكم عام 1985، اتجه غورباتشوف للبحث عن سياسة جديدة قد تعيد الاتحاد السوفيتي لمكانته العالمية وتجعله قادرًا على مواكبة تطورات السوق الدولية. وبموافقة رفاقه القدامى بالحزب، أعلن غورباتشوف عن برنامجين إصلاحيين بالبلاد عرفا ببيريسترويكا  أي إعادة الهيكلة، وغلاسنوست أي الشفافية، لتحسين مستوى الحياة بالاتحاد السوفيتي وجعله مواكبًا للعصر.

وفي الاتحاد السوفيتي، فقد غورباتشوف شعبيته بشكل سريع واضطر للاستقالة سنة 1991 تزامنًا مع انهيار الاتحاد.

امتاز جورباتشوف منذ طفولته بمهاراته التنظيمية العالية وتفانيه الكبير أثناء العمل، وأبدى ميلًا للعمل في المجال السياسي، ومع تقدمه في السن ازداد شغفه بالعمل السياسي وأصبح عضوًا بارزًا في الحزب الشيوعي. وأصبح أصغر عضوٍ في المكتب السياسي عام 1979، وعُين في عام 1985 أمينًا عامًا للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي.

 

سعى أثناء فترة ولايته إلى إصلاح الحزب واقتصاد الدولة عن طريق إدخال مفاهيم الانفتاح وإعادة الهيكلة والديمقراطية والتنمية الاقتصادية، وعلاوةً على ذلك، فقد أحدث العديد من التطورات التكنولوجية التي أدت إلى زيادة الإنتاجية. أدت جهوده الرامية إلى إضفاء طابعٍ ديمقراطي على النظام السياسي في البلاد واعتماد اللامركزية في الاقتصاد إلى سقوط الشيوعية وانهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991.

ميلاد ميخائيل جورباتشوف

وُلد ميخائيل جورباتشوف في 2 مارس 1931، والداه هما سيرغي أندرييفيتش غورباتشوف وماريا بانتلييفنا غورباتشيفا. كان والده يعمل في جمع المحاصيل إضافةً لكونه أحد المحاربين القدامى في الحرب العالمية الثانية وأمه كانت عاملةً أيضًا.

 

تميز بقدرته على التعلم والتدريب الذاتي على استخدام آلات التشغيل، فرغم صغر سنه بدأ يساهم في الدخل المنزلي بحلول عام 1948، وأصبح أصغر من يحصل على وسام الراية الحمراء في العمل نظرًا لدوره النشط في جمع المحصول لذاك العام.

 

أنهى دراسته الثانوية برتبة شرف، وحصل على الميدالية الفضية عند تخرجه من مدرسته الثانوية، والتحق بجامعة موسكو ودرس القانون وتخرج من الجامعة في عام 1950. وحصل على درجة الماجستير بالمراسلة من معهد ستافروبول للزراعة في عام 1967.

 

تزوج من "رايسا تيتارينكو" التي كانت زميلته أثناء دراسته في جامعة موسكو الحكومية في عام 1953، وبعد أربع سنوات من زواجهما أنجب الزوجان فتاةً تدعى إيرينا.

حصول جورباتشوف على نوبل

وفي 14 أكتوبر عام 1990، تم منح زعيم الاتحاد السوفيتي، ميخائيل غورباتشوف، جائزة "نوبل للسلام"، وذلك لـ "دوره القيادي في إحلال السلام، الذي تتمتع به اليوم أجزاء هامة من المجتمع الدولي".

 

 وأشادت "لجنة نوبل" في بيان رسمي بالتغييرات التي قام بها الزعيم السوفييتي التي أهدت بلده والمجتمع العالمي، تخفيف حدة التوتر بين الشرق والغرب، وتباطؤ سباق التسلح.

 

وبعد فترة رئاسته، أسس الحزب الاجتماعي الديمقراطي في روسيا واستقال منه في عام 2004، وبعد ثلاث سنوات شكّل حزبًا جديدًا يدعى اتحاد الديمقراطيين الاجتماعيين.

وسام الحرية الأمريكى

في عام 2008، قدام مركز الدستور الوطني الأمريكي، وعلى يد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش (الأب)، بمنح ميخائيل غورباتشوف "وسام الحرية" لدوره "الشجاع" في إنهاء الحرب الباردة، وكانت مراسم الفعالية ضمن الاحتفال بذكرى الـ 20 لسقوط "جدار برلين".

 

وإلى جانب عمله في المجال السياسي، فقد ظهر في وسائل الإعلام الشعبية، ولعب دور البطولة في العديد من الأفلام وقام بتصوير الإعلانات التلفزيونية، ولم يكتفِ بذلك وحسب، بل سجل أيضًا ألبومات الأغاني الروسية القديمة ووجه دخلها بالكامل، حسب قوله، لمؤسسة البحث الخاصة به المسماة "صندوق غورباتشوف".

 

وتعد من أشهر العبارات التى أطلقها عقب انهيار الاتحاد السوفيتى فى عهده قوله: "ربما يكون الاتحاد السوفيتي معيبا من البداية، سواء اقتصاديا أو سياسيا أو أيدلوجيا.. وربما كان مقدرا أن يكون قوة خارقة قصيرة العمر".

وأضاف وقتها، في حديث سابق مع شبكة "بي بي سي": "ما يؤلمني هو أن الناس في روسيا لا تفهم بشكل كاف ما أنجزته وما فعلته فعلا، فتحت البيريسترويكا (إعادة الهيكلة والإصلاحات) الباب أمام البلاد والعالم للتعاون والسلام، وآسف فقط لأنني لم أتمكن من رؤيتها حتى النهاية".

 

 

الجريدة الرسمية