رئيس التحرير
عصام كامل

الغلاء.. مصنع الأجيال المشوهة

من طالع إعلام المقربين سيرى بيقين أن الحكومة تقول للناس: استعدوا للجوع والعوز والحاجة وكثير من الألم.. قاله أكثر من واحد من هؤلاء الذين نراهم على مسافة قريبة من الحكومة. ويبدو أن الحكومة التي أرادت أن تنقل للناس ملامح مستقبلهم المظلم إنما قد اختارت الطريقة البغيضة لتوصيل رسالة مفادها إننا لسنا وحدنا في الهم إنما طال الهم كل الأمم.


طبعا جماعة الإعلام المقرب لهم طريقة في توصيل الرسائل لا توحي أبدا بأن الحكومة تريد من الناس أن تتكاتف أو تبحث عن بديل في وقت يصعب فيه خلق البديل. الخبز حتما سيرتفع ثمنه واللحوم والأسماك والشاي والقهوة والبنزين.. باختصار هناك نسخة من الحياة قادمة ومحملة ربما بأكثر من ٣٠٪ غلاء.. إذن كيف تجد بديلا للعيش والملح والأكل والشرب والانتقال والكيف البسيط في الشاي والقهوة وغيرهما.

 

كارثة صحية


لا بديل.. والنتيجة أننا سنكون أمام كارثة صحية بكل المقاييس.. سيبحث البسطاء عن الرخيص من الكربوهيدرات لسد الجوع وهذا معناه أجيال من المرضى والمعاقين والمعتوهين عقليا وناقصى النمو وقصار القامة وغير ذلك من النتائج التي لن نواجهها بالطبع بسبب الغلاء.


إنها قضية أمن قومي صحي سيواجه الأجيال الجديدة أما الأجيال التي طالت قليلا من التغذية فلها الله بما ستواجهه من أمراض ومعاناة وذل وإهانة واستهانة بما بقى لها من أعمار. أظن أن حكومتنا الرشيدة لم تفكر في هذه القضية من قريب أو بعيد وهو أمر جلل لابد وأن يشغل الأستاذ الدكتور خالد عبد الغفار وزير الصحة فهو المسئول الأول في هذا المجال.
 

أتذكر قصة موحية في بدايات عصر السادات عندما زار وزير التعليم إحدى المدارس ودخل فصلا وبدأ في توجيه أسئلة إلى التلاميذ وكانت المفاجأة أن معظم التلاميذ لا يجيدون القراءة والكتابة. شخط الوزير ونطر في مدير المدرسة وكان مدير المدرسة مفوها وذكيا وواعيا بأصل المشكلة.. قال الرجل للوزير: سيدى الوزير ربما تظن أنى المسئول عن هذا الضعف ولكن المسألة على غير ذلك.

 


وأضاف مدير المدرسة قائلا: يأتينى الطفل حافى القدمين ولم ينم ليلته لأنه باختصار ينام وسط كومة من أشقائه على الأرض بدون غطاء ويأتيني هذا الطفل دون أن يتناول إفطارا. وأضاف: أنا هنا يا سيدى الوزير لا أستطيع أن أوفر له فيتامينات ولا سرير للنوم ولا حذاء ولا إفطار.. أنا هنا ربما أكون مكانا لراحة هؤلاء الأطفال المتعبين من حياتهم.. ينامون عندى بعض الوقت ويعودون إلى منازلهم المرهقة!!

ولم تنته الحكاية بعد أن أدرك الوزير أصل القضية وصعد بالمشكلة فأتيحت وجبات باليوم للأطفال لتعويضهم ما ينقصهم من بديهيات الغذاء.
سنواجه بلا شك معضلة في نشوء أجيال من المرضى فهل أعددنا العدة؟!

الجريدة الرسمية