رئيس التحرير
عصام كامل

اخلع نعليك.. أنت في سيناء

اخلع نعليك.. أنت في سيناء.. كل ذرة رمل  هنا في جنوبها وشمالها أو أوسطها مقدسة ومباركة.. في الشمال كانت البوابة التي مر منها الجميع إلى مصر وإفريقيا.. دخل منها الأنبياء والمرسلين وكانت مسار رحلة العائلة المقدسة السيدة مريم والسيد المسيح إلى أن وصلت في قلب صعيد مصر هربا واختباء من الطغيان.


وفى الجنوب قضيت عدة أيام الأسبوع الماضى  حيث السحر والرهبة والجلال..  ورغم زياراتي المتعددة إلا إننى أجد في كل زيارة كشفا وسحرا غير مسبوق لا أعرف سره.. منذ الخروج من نفق أحمد حمدى تشعر إنك تدخل إلى عالم الجلال حيث الرهبة في كل بقعة بل على كل ذرة رمل لا يستطيع مقال محدود أن يصف مشاعر أقل ما توصف بها أنها صوفية روحانية نورانية وطنية تختلط فيها المشاعر الإنسانية والدينية نحو ذو الجلال والإكرام.

 
بداية الجبال هنا شامخة بشكل نادر أو هكذا تضفى عليها المشاعر وصفا..  نعم الجبال هنا في مجملها من النوع البركاني أى الخارج من باطن الأرض وليست من الرسوبيات من مياه البحار.. وبعيدا عن التكوين الجيولوجي تأخذنى حدة الشكل وارتفاعها إلى عنان السماء إلى الشعور في كثير من الأحيان -ولا أعرف مدى صدق ما أراه بالواقع- أنها ترفع يديها إلى السماء تدعو الخالق وتسبح له في شكل مهيب.

 
في منطقة دير سانت كاترين تختلط المشاعر، وسواء كنت مسلما أو مسيحيا أو يهوديا ستجد نفسك أمام الخالق وجها لوجه، تسمرت مشاعرى وانتابتني رهبة كبيرة وأنا أقف بين الجبال المحيطة بدير سانت كاترين.. أنا أقف أمام الجبل الذي تجلى فيه الله.. ليس على سيدنا موسى فحسب بل على الكون كله.. هنا البقعة الوحيدة في العالم التي تجلي فيها الله.. هنا أرض المناجاة.. هنا مكان غير موجود مثيله على سطح الأرض ويؤمن به الجميع.

 

هنا لم يصمد الجبل لهذا الحدث الجلل فخر صاعقا.. هنا مظهر الجبل الذى يتوسط الجبال الجرانتية والبركانية مختلف عما حوله في تحول صخوره إلى فتات إذا ما قورنت بمن حولها من جبال شامخة.. الواقف هنا أمام جبل التجلي يلاحظ لون الجبل الأسود  في حين أن الجبال المحيطة ذات لون مختلف، وهو ما يؤيد وقوع حادثة التجلى فى هذا الموقع.


وسواء كان جبل التجلى هو المقصود أو جبل موسى بجواره الذى تلقى عليه سيدنا موسى الوصايا العشر بعد أن ظل 40 يوما يناجي ربه.. وهنا نزلت الوصايا العشر وهو ما يؤمن به اليهود والمسيحيين والمسلمين.. هنا مقام النبى هارون وحكايات عن مدفنه ومدفن نبى الله صالح.


دير سانت كاترين


يقع دير طور سيناء أو دير القديسة كاترين عند قدم جبل حوريب، المذكور في العهد القديم، حيث حصل موسى على لوح الوصايا وهو الموقع الذي يقدسه المسلمون أيضًا ويدعونه جبل موسى. يعنى المنطقة مقدّسة للديانات السماويّة الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلام.. وتأسس الدير في القرن السادس الميلادي، وهو الدير المسيحي الأقدم الذي حافظ على وظيفته الأساسية حتى الآن.. وقررت لجنة اليونسكو عام 2002 إدراجه مع المنطقة ضمن قائمة التراث العالمي.


ويحيط دير سانت كاترين سور ضخم يحتضن عدة أبنية داخلية بعضها فوق بعض تصل أحيانًا إلى أربعة طوابق، والدير يشبه حصون القرون الوسطى ويعود بناء الدير إلى القرن الرابع الميلادي حين أمرت ببنائه الإمبراطورة هيلانه والدة الإمبراطور قسطنطين سنة 432م ثم أكمل في عهد الإمبراطور جوستينيان سنة 545م ليكون معقلًا لرهبان سيناء. 

 

من أهم مباني الدير الكنيسة الكبرى التي ترجع إلى عهد الإمبراطور جيستيان في القرن السادس الميلادي، وقد عرفت باسم كنيسة التجلي وبداخل الكنيسة صفان من الأعمدة وهي 12 عمود تمثل شهور السنة وعلى كل جانب يوجد 4 هياكل يحمل كل منها اسم أحد القديسين ويوجد التابوت الذي وضعت داخله بقايا جثة القديسة كاترين داخل صندوقين من الفضة، حيث رأى احد الرهبان في المنام ان جثة كاترين على قمة الجبل بعد موتها في الاسكندرية فصعد إلى الجبل ليجد بقايا الجثمان فينزل به الى حيث ترقد الان.

                                                                                                  
شجرة موسى وأيقونة المسيح


أما أقدس مكان في الكنيسة فهو هيكل الشجرة الذي يعتقد أن سيدنا موسى وقف فيه عندما تجلى الله له وخاطبه. وتتمثل باقي أبنية الدير في الكنيسة الصغيرة التي شيدت فوق جبل موسى، كنيسة الموتى وهي حجرة لحفظ جماجم الموتى، كنيسة العليقة خلف كنيسة الدير الرئيسية، كما توجد بالكنيسة أيقونة السيد المسيح.

 
مقام النبي هارون


وبجوار العليقة المقدسة مقام النبي هارون، مسجد الحاكم بأمر الله وهو مسجد صغير أمام الكنيسة الرئيسية بني من اللبن والحجر الجرانيتي في عهد الفاطميين تنفيذًا لرغبة الوزير أبو النصر أنوشطاقين في عام 500هـ/1106م، وهناك مخطوط في الدير ينص على أن الجامع بني في عهد الحاكم بأمر الله..

 

المسجد القديم ويقع بجوار الكنيسة الكبرى، المكتبة الغنية بالمخطوطات وتقع في الطبقة الثالثة من بناء قديم جنوب الكنيسة الكبرى، وتضم مخطوطات نادرة وعددًا من الوثائق والفرمانات التي أعطاها الخلفاء والحكام للدير.


لذلك اعتقد ان مشروع الرئيس عبد الفتاح السيسي لتطوير المنطقة ورصد 4 مليارات جنيه لتطوير المكان ولتكون سانت كاترين واحة للسلام وملتقي الأديان السماوية كفيلة بتحويل هذه المنطقة لأكبر مزار ديني يشترك في زيارته المسلمون والمسيحيون واليهود يمكن أن تكون أكبر مصدر للدخل القومى فضلا عن القيمة الروحية التي تجعل المكان قبلة الجميع وكعبتهم التي يحجون إليها في مكان غير متكرر لأصحاب الديانات الثلاثة حيت يتوحد الجميع في التوجه إلى الخالق!
yousrielsaid@yahoo.com

الجريدة الرسمية