رئيس التحرير
عصام كامل

دولة التلاوة.. التي زالت

استغربت كثيرا عندما تابعت ردود رواد وسائل التواصل الاجتماعي -فيس بوك- على بوست نشره ناشط فيسبوكي، يحمل استطلاعا حول قارئ القرآن المفضل لدى متابعيه. سر استغرابي هو أن أحدًا من المجيبين لم يذكر اسم مقرئ مصري من "أصوات السماء" الذي أبكوا الملايين في مشارق الأرض ومغاربها.

 

أسماء مصرية

تجاهل المجيبون عبد الباسط عبد الصمد، ومحمد صديق المنشاوي، ومصطفى إسماعيل، ومحمد رفعت، وعبد العظيم زاهر، وعبد الفتاح الشعشاعي، ومحمود علي البنا، وراغب مصطفى غلوش، وغيرهم، أقلعت عن ذكرهم خشية الإطالة.

المفاجأة أن معظم من أجاب ذكر أسماء مقرئين خليجيين ممن لا أستطيع تمييز أصواتهم لو استمعت إليها، وهذا لا يحدث إلا من قبيل الصدفة. كل إنسان حر في تفضيلاته، لكن هذه الأسماء، مع احترامي للجميع، لا تحرك بداخلي ساكنًا، ولا تمس مشاعري، وأحسب أنني لست وحيدًا في هذا الشأن.

 

أصوات القراء المصريين

أنا أسعى لسماع أصوات القراء المصريين، وأرى أنه لا أحد يقارعهم في الخشوع، والعذوبة، والسلاسة، والإخلاص، والإبداع والروعة. القراء المصريون.. هم ملوك دولة التلاوة.. لهم تاريخ عريض في تلاوة آيات الذكر الحكيم، وهم من علموا مئات الملايين في جميع أنحاء العالم، حب القرآن الكريم، والاستمتاع بالإنصات إليه، حين يتلى.

لو استمعت لقارئ غير مصري، لأحسست بأنه يهرول، ويقذف بالكلمات من فيه، بسرعة، وكأنه في مسابقة يخشى أن يدركه منافسة! وثمة أخطاء في قواعد التلاوة ترتكب، ويمكن أن يلحظها المستمعون بوضوح.

 

المصحف المطبوع

 

قيل قديمًا: القرآن نزل في الحجاز، وطبع في الشام، وقرئ في مصر.. هذه حقيقة.. رغم أنه كان لدينا الكثير من دور النشر والمطابع التي كانت تصدر القرآن الكريم مطبوعًا.. لكنها باتت أثرًا بعد عين! المصحف المطبوع على الرسم العثماني كان يملأ أرجاء الدنيا، لكنه اختفى الآن، ولا سبيل لعودته، هكذا سحب البساط من تحت أقدامنا، وانتهت إلى ماشاء الله، قوى ناعمة كانت تميز مصر بين سائر الدول.

 

إذاعة القرآن الكريم

 

الذنب ذنبنا، فإذاعة القرآن الكريم لا تغري الشباب بالاستماع إليها، والأوقاف مهمومة بتوحيد خطبة الجمعة، ومتابعة تنفيذ الإجراءات الاحترازية، ولا تضع في اهتماماتها نشر تلاوات كبار القراء في مصر، ولا أدري هل يمكن أن يقوم الأزهر الشريف بهذه المهمة، إضافة إلى طباعة مصحف مصري. وهناك أيضًا المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أتحدى أن يعرف أحد موقعه، ولا أنشطته، وأهدافه!!

 

رحم الله أيامًا كان فيها القراء المصريون يتنقلون بين الدول الإسلامية، ويخرجون في شهر رمضان لتلاووة القرآن، وإحياء الليالي الرمضانية، في إندونيسيا، وماليزيا، وسوريا، وغيرها من البلدان، فتسير بذكرهم الركبان. هل يمكن أن تعود لنا أمجادنا التليدة؟! وكيف؟!

الجريدة الرسمية