رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

اللهم فيلا في الساحل

أتمنى من الحكومة الا تتعامل مع كل المصريين على أنهم من فئة الأثرياء الذين تزاحوا خلال الأسبوع الماضى لشراء فيلات ووحدات مصيفية بأحد منتجعات الساحل الشمالي، والذى وصل سعر الفيلا الواحدة فيه إلى 115 مليون جنيه، ولاسيما وأن الواقع والأرقام الرسمية يؤكدان أن الأغلبية العظمى من هذا الشعب من الفقراء، بل وأن الملايين منه يقبعون تحت خط الفقر ولا يجدون قوت يومهم إلا بالكاد، ولم يعد لديهم القدرة على تحمل مزيدا من الأعباء.

فخلال الأسبوع الماضي تابع الجميع وبشغف، ذلك المشهد الاستفزازى لتزاحم الآلاف من فئة مرفهة من المصريين، لحجز فيلات ووحدات مصيفية بأحد منتجعات الساحل الشمالي، والذي تراوحت سعر الوحدات المصيفية فيه بين 10 ملايين جنيه لوحدات التوين هاوس المقامة على مساحة 280 متر، و115 مليون جنيه للفيلات المقامة على البحر مباشرة بمساحة 1000 متر.

ولإننى لا أنتمى لجهه رقابية أو سيادية تسمح لى بالبحث عن مصدر ثروة أى ممن دفعوا 115 مليون جنيه فى وحدة ترفيهية، ولا أمتلك حق السؤال عن حجم ثروة أى من هؤلاء الذين دفعوا كل هذه الأموال فى وحدات لن يقيمون فيها أكثر من شهر أو شهرين فى العام، فاننى سأكتفي هنا فقط بتذكير الحكومة بأن هذه الفئه ليست كل المصريين، وأنها لا تزيد عن 2 أو 3% من الشعب الكادح الفقير.

وحتى لا تخطىء الحكومة وتقدم على إتخاذ خطوات تتعامل بموجبها مع كل المصريين على أنهم من ملاك وحدات الملايين بالساحل الشمالي، فيكفى القول أن الواقع المر الذي يعشه السواد الأعظم منهم، والأرقام الرسمية المعلنة بالاحصاء الأخير الذي أجراه الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء فى عام 2017 يقولان، أن معدلات الفقر فى مصر فى عام 1999 قد بلغت 16.7% من إجمالي المصريين، وارتفعت في عام 2004 إلى 19.6%، ثم قفزت فى عام 2008 إلى 21.6%، وزادت في عام 2010 إلى 25.2%، وواصلت الصعود بعد يناير 2011 حتى بلغت في عام 2012 نحو 26.3%، ثم قفزت في عام 2015 إلى 27.8%، ثم سجلت فى عام 2017 نحو 32.5 % ثم انخفضت - طبقا لتصريحات الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط - إلى 29.7 % فى عام 2019-2020.

الفقر والفقراء

أعتقد أن الشفافية تحتم الاعتراف بأن واقع الفقر فى مصر يزيد عشرات المرات عن الأرقام الرسمية المعلنة، بدليل أعترف جهاز الإحصاء بصحة كل الأرقام الماضية خلال ذكرى اليوم العالمي لمحاربة الفقر فى العام الماضى، بل زاد عليها بأنه بأن 6.2 من اجمالى الشعب المصرى كانت تقبع حتى عام 2017 - 2018 تحت خط الفقر المدقع، وهو الحد الذى يصعب على المواطن خلاله تدبير قوته اليومى، غير أن تقارير البنك الدولي قدرت في عام 2019 عدد الفقراء المدقعون فى مصر ب 5 ملايين مواطن، وزادت عليه بأن 60% من عدد السكان معرضين ل الفقر نظرا لانخفاض دخلهم اليومي عن 1.9 دولار، أي ما يعادل 35 جنيها يوميا.

لا أستطيع أن أنكر جهود الحكومة لتخفيف الأعباء عن الفقراء قدر استطاعتها، والذى قامت بمقتضاها بتنفيذ برنامج تكافل وكرامة، الذى يستوعب نحو 20 مليون ممن يعيشون تحت خط الفقر، من خلال دعم كل منهم شهريا بمبلغ 500 جنيها لاعانتهم على مواجهة مصاعب الحياة، وكذلك مبادرة حياة كريمة التى تستهدف -طبقا لما هو معلن- نحو 55% من الفقراء الذين مازالوا يعيشون بالقرى والنجوع فى منازل تفتقر للحد الأدنى من الآدمية.

غير أننى أتمنى أن تعى الحكومة بأن الأرقام السابقة عن الفقر والفقراء قد زادت وتضاعفت خلال السنوات الخمس الأخيرة بحكم الظروف الاقتصادية المرهقة التى تعرض لها المصريين منذ بدأ برنامج الإصلاح الاقتصادى فى عام 2016 والذى تطلب رفع وتقليص الدعم عن كافة السلع والخدمات الأساسية.

وهى الإجراءات التى زادت من بالفعل من أنين الفقراء وجعلت الأغلبية العظمى منهم عاجزون بالفعل حتى عن الوفاء بمتطلباتهم الأساسية، لدرجة وصلت مع بداية العام الدراسي الماضى إلى حد مطالبة وزير التعليم بعدم ربط صرف الكتب الدراسية لطلاب المدارس مع المصروفات المدرسية التي تقدر بـ 300 جنيها، وخروج الوزير بعدها ليعلن أن 14 مليون طالب عجزوا عن دفع المصروفات المدرسية.

لن اتطرق إلى حجم الأموال التى دفعها أثرياء الساحل الشمالي أو مصدرها، فهذا شأن الدولة وجهاتها الرقابية، غير أن ما أتمناه أن تعى الحكومة بأن الفقر فى مصر واقع، وأن الفقراء يمثلون الاغلبية الساحقة من هذا الشعب الكادح، وأنه لا طاقة لهم بأعباء جديدة تزيدهم ألم على ألم.. واللهم فيلا حلال فى الساحل الشمالي.. وكفى

Advertisements
الجريدة الرسمية