رئيس التحرير
عصام كامل

الإبداع لا يتحقق بالتعليمات!

على مدى يومين حضرت ندوة نظمها المجلس القومى لحقوق الإنسان حول حرية الإبداع والحريات الأكاديمية.. وطرحت في الندوة التى أشرفت على الإعداد لها وتنظيمها الدكتورة نيفين مسعد عضوالمجلس مجموعة مهمة من القضايا والأراء والرؤى والمقترحات المهمةَ  لتعزيز حرية الإبداع والحريات الأكاديمية.. ومن أكثر القضايا التى استأثرت بنقاش واسع حولها هى قضية مسئولية الدولة وتحديدا قيادتها ومسئولية المجتمع.. فإذا كان هناك معوقات رسمية تكبح حرية الإبداع وتعطل الحريات الأكاديمية فإن هناك معوقات شعبية أيضا ناتجة عن الثقافة المجتمعية المحافظة السائدة والتى تفرط في وضع المحظورات القيود.. 

 

لكن هذا لا يعفى الدولة وقيادتها تحديدا من مسئولية تغيير هذه الثقافة بثقافة جديدة تشجع حرية الإبداع وتدعم الحريات الأكاديمية.. فإن المجتمع لن يتغير من تلقاء ذاته أو بشكل تلقائي أو عفوى وإنما سوف يتغير بتغيير ثقافته ومنظومة القيم السائدة فيه بقيم أخرى إيجابية ترحب بالحرية ولا تستهجنها أو تعتبرها عيبا وخروجا على التقاليد أو كفرا بالدين.

 
إن الحرية شرط ضرورى لتحقيق الإبداع.. أما التدخل الإدارى والأمنى والسياسي لا يصنع إبداعا.. فالإبداع لا يتحقق بالتعليمات أوالتوجبهات إنما يتحقق بإتاحة الحرية، كل الحرية للمفكرين والأدباء والكتاب والعلماء دون قيود أو كوابح.. وإذا كانت ثقافة المجتمع غير  مناسبة أو مساعدة فعلى الدولة وقيادتها أن تعمل ما فى جهدها لتغيير هذه الثقافة، واستبدالها بثقافة أخرى تدعم وتساند حرية الإبداع..

 

 
ويعزز ذلك أن أى تقدم تحقق في مصر على مدى تاريخها الطويل كانت الدولة وقيادتها لها الدور القيادى والرئيسىي والأهم في تحقيقه، ربما نتيجةَ للطبيعة المركزية للدولة المصرية تاريخيا.. وإذا كنّا نشكو من تلك المركزية لأنها تباينا ببيروقراطية لعينة فلماذا لا نستفيد من الجانب الايجابى لهذه المركزية والذى يجعل دور قيادة الدولة مؤثرا في عملية تغيير ثقافة المجتمع ومنظومةَ القيم السائدة فيه وبناء الإنسان المصرى.   

الجريدة الرسمية