رئيس التحرير
عصام كامل

إعادة ضبط العلاقات.. دلالات زيارة بايدن إلى الشرق الأوسط

بايدن
بايدن

زيارة إقليمية إلي الشرق الأوسط  تبدأ باسرائيل والقدس لتنتهي بالمملكة العربية السعودية، من قبل الرئيس الأمريكي جو بايدن.

وجاءت الزيارة بعد قرابة 18 شهر من تنصيبه رئيسًا للبلاد، أملا في إزالة الحدة تجاه احتضان الإدارة السابقة لإسرائيل، وكذلك إعادة ضبط العلاقات مع الفلسطينيين الذين عبرو عن  استيائهم من عدم تقديم الولايات المتحدة المزيد لهم منذ تسلم بايدن الرئاسة في 2021، ووعوده تجاه القضية الفلسطينية  التي لم تنفذ بل نفذ عكسها. 

وتأتي زيارة الرئيس الأمريكي أملا في إجراء مفاوضات دبلوماسية إسرائيلية فلسطينية والاهتمام بالعلاقات الإقليمية المتنامية لإسرائيل، والتركيز على الاقتصاد الفلسطيني، لكن التساؤلات والتطلعات بشأن زيارة بايدن لمنطقة الشرق الأوسط وتحديدا إسرائيل والمدينة المقدسة.

وقال مستشار وزارة الخارجية الفلسطينية الدكتور أحمد  الديك في تصريحات سابقة إن جوهر زيارة  بايدن للمنطقة  له أهداف اقتصادية محضة ومرتبطة بالأساس بمصالح واشنطن في المنطقة، تحديدا على ضوء نتائج الأزمة الروسية الأوكرانية، كما أن  الزيارة لها أيضا أبعاد سياسية وأمنية، تتعلق بالصراع الفلسطيني (الإسرائيلي) والأوضاع في المنطقة. 

وأشار الديك الي تخصيص بايدن لقاء مع القيادة الفلسطينية في بيت لحم، “إعادة اعتبار للقضية الفلسطينية بعد محاولة إدارة دونالد ترامب تهميشها وإزاحتها عن سلم الاهتمامات”،مضيفًا أن الزيارة تأكيد بأن “القيادة الفلسطينية شريك مهم وحقيقي للإدارة الأمريكية، وما يجري الأن  فرصة لتعزيز العلاقات الثنائية واستعادة الأفق السياسي، وترجمة تعهدات واشنطن خاصة بوقف التصعيد (الإسرائيلي)، وفتح القنصلية واستئناف الدعم، ورفع المنظمة عن قائمة الإرهاب”، وتابع: “ستكون لهذه الزيارة نتائج، إن لم تكن مباشرة، فستكون بعدها”.

وردًا علي التساؤلات المتكررة عن تلك الزيارة سبق وأن قال الدكتور طارق فهمي نائب رئيس المركز القومى لدراسات الشرق الأوسط وأستاذًا للعلوم السياسية في تصريحات صحفية أن زيارة بايدن تأتي في ظل حالة سياسية غير مستقرة في الإقليم وخارجه، وبعيدًا عن شعبيته المنخفضة واستمرار حالة التجاذب داخل الكونجرس حول التعامل مع الأولويات الأمنية والاستراتيجية للإدارة الأمريكية في منطقة جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط وأوروبا. 

وأوضح نائب رئيس المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط وأستاذًا للعلوم السياسية، أن الرئيس الأمريكي سيحضر ليس مستكشفًا سياسة الدول العربية التي سيزورها فقط، لكنه يأتي  أيضا لمحاولة رسم سياسات أكثر واقعية مع هذه الدول، وكذلك إسرائيل، ومن ثم فإن الرهانات التقليدية للسياسة الأمريكية ستتغير، لذا فالحديث عن البدائل والسيناريوهات الأمريكية وارد في إطار ثوابت السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط وخارجه.

وأشار فهمي الي أن خطوات بايدن تجاه الدول العربية  لن يكون تأكيد خِيارات ومعطيات فقط، بل سيكون الحديث عن الأولويات المهمة التي تعمل في اتجاهات عدة، خاصة بالنسبة للجانب الأمريكي، والذي أطلق وعوده للفلسطينيين بتأكيد خيار الدولتين وفتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن وفتح القنصلية الأمريكية في شرق القدس، وضخ المساعدات وغيرها من الوعود التي أطلقها قبل أن تأتي إدارته إلى البيت الأبيض ولم تحققها، موضحًا أن الإدارة الأمريكية تعمل في اتجاه محدد لدعم إسرائيل، التي تعاني داخليا عدم الاستقرار السياسي، لكن الدعم الأمريكي لها مستمر مهما كانت الحكومة التي تدير في تل أبيب، بينما تحاول في  المقابل الإدارة استمالة السلطة الفلسطينية عبر إطلاق وعود مكررة لا تحمل أي جديد.

وألمح الي أنه من المقرر أن يتعامل بايدن  مع واقع عربي مختلف، فكل دولة عربية من الدول المشاركة في اجتماع الرئيس بايدن ستعلن موقفها في قمة لها دلالات رمزية أكثر منها سياسية في المعنى العام، خاصة مع التدخل الأمريكي في الشؤون العربية، وهو أمر مرفوض من كل دولة، فالأمر ليس مرتبطا بتأكيد مضمون الشراكة، أو منظومة العلاقات العربية-الأمريكية، التي تحتاج إلى مقاربة جديدة لتصويب مسار ما يجري من أحداث وتطورات وسيناريوهات قد ترسم منظومة العلاقات، وهو ما يجب على الإدارة الأمريكية تفهمه حاليا.

وتابع: القضية الرئيسة التي يجب على إدارة بايدن تفهمها ليست العمل من خلال ترتيبات أمنية عربية شرق أوسطية فقط، بل التنسيق الجاد والمهم لمواجهة التهديدات الإقليمية كافة، وعدم اتباع سياسة المعايير المزدوجة، التي تعمل من خلالها الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط، وتجاه مجمل القضايا العربية، والتي فشلت الولايات المتحدة منذ إدارة الرئيس أوباما حتى الإدارة الراهنة في التعامل مع تطوراتها، أو إيجاد حلول حقيقية عبر تعامل مُنصف، أو تبني مواقف جيدة محايدة وليست منحازة على طول الخط، وبالتالي فإن ما يُطرح أمريكيا مجرد مساعٍ لترتيبات أمنية جماعية يجب أن تتوافق بشأنها الأطراف كافة. 
 

الجريدة الرسمية