رئيس التحرير
عصام كامل

الطيب صالح.. عبقري الرواية الذي هاجمه الإخوان ووجد ضالته في مصر

الأديب السوداني الطيب
الأديب السوداني الطيب صالح

عُرف باسم عبقري الرواية العربية، وهو أديب عربي سوداني، أول قصة كتبها فى حياته كانت قصة "نخلة على الجدول"، وأشهر رواياته "موسم الهجرة إلى الشمال" خرج من السودان مهاجرًا إلى لندن في سنوات شبابه الأولى، وعاش هناك، وتعرَّض للهجوم من الإخوان لأنه ترك السودان وهى فى ظل الاحتلال، عشق الأديب السودانى الطيب صالح ـ وُلد فى مثل هذا اليوم 1929 ـ مصر وكَتب عنها كثيرًا.

ففى جريدة الشرق الأوسط عام 1995 كَتب الأديب السودانى الطيب صالح عن مصر مقالًا يقول فيه: دائمًا كانت علاقتى بمصر وعلاقتى بالقاهرة بالذات ولا تزال، كغيري من السودانيين ربما علاقة تستند إلى الأزمنة التى تختزلها وإلى قياس الامتدادات التى مثلتها وتمثلها، بالنسبة إلى السودان أولا، ثم بالنسبة إلى كل الأقطار العربية الأخرى.

 

الهُوية الثقافية 

أحب دائمًا زيارة مصر المحروسة، لم أعش فيها بشكل دائم لكنها دائمًا ماثلة أمامى برمزيتها منذ فتح عمرو بن العاص لها، أرتبط بها، أستعيدها، أفكر فيها، مصر التى توجد الآن هى مصر التى تعمق صلتي بهُويتي المضاعفة المتشربة بكل التواريخ الثقافية والدينية المتفاعلة فى عمق السودان عبر مصر وغير مصر.

أتحدث هنا عما قد أسميه "جيولوجيا الهُوية الثقافية" أو "أنثروبولوجيا الذات" السودانية التى تحمل فى ثناياها هذه الهُوية: فمنذ عصور الفراعنة وأنت عندما تزور السودان وتزور مصر.. تكتشف نفس التركيبة ونفس الطبقات الجيولوجية تتقاسم الخريطة والتاريخ والمجتمع والإنسان.

وأضاف الطيب صالح: تعرفت عبر القراءة والكتابة على مصر الحديثة منذ نعومة أظفارى كما يقال، تعرفت على طه حسين وعباس العقاد وأحمد أمين والرافعى والمازنى، ثم تعرفت بعد ذلك على عدة رموز وأسماء، لى بينها أصدقاء، يخففون على شحنة الدهشة التى أحس بها عندما أكون هنا أو هناك.

 

زعامة مصر العربية 

أصدقائى فى مصر كثيرون؛ فلا أستطيع أن أنسى الدكتور يوسف إدريس الشخص الطيب جدًّا على عكس ما يبدو من تهور واندفاع وعنف، ورجاء النقاش شديد الرقة واللطف، وهو أول من نوَّه بذِكري فى مصر، إلى جانب ذكائه وسعة اطلاعه ينتمى إلى فئة النقاد المصريين الذين يدركون أن زعامة مصر فى العالم العربى تبدأ من الفكر والعقل، وعبد الرحمن الأبنودى شاعر كبير وجنوبى أقرب إلى السودان وقدَّم فنًّا لم يقدِّمه غيره.

 

مأساة نجيب محفوظ 

ونجيب محفوظ رجل ندر نفسه للفن الروائى وقدَّم نفسه ضحية والنتيجة كانت مأساوية وهو حاول أن يتجنب المأساة لكنه لم يسافر ولم يخرج من مصر رتَّب حياته بصرامة شديدة، فأصبحت الكتابة هى الهدف والتهم الفنُ حياته.

أما صلاح جاهين فهو أقرب إنسان إلى العبقرية.. موهبته كانت ثقيلة عليه فلم يتحمَّلها فمات وأحفظ رباعياته عن ظهر قلب وتظل وحدها أمام عينى: "خل الشتا وقفل البيبان ع البــيوت.. وجعل شعاع الشمس خيط عنكبوت.. وحاجات كتير بتموت في ليل الشــتا.. لكن حاجات أكتر بترفض تمــــــوت".

 

شوارع القاهرة 

واختتم الطيب الصالح كلامَه عن مصر فى مقالِه فقال: مصر المحروسة بالنسبة لى كالسودان لحظة تمتد ولا تنتهى، تظل مشرعة على الانتماء إلى الذات واختراق المكان، تسكعت فى شوارع القاهرة التاريخية الرائعة، وزرت الأوبرا ودخلت المسرح، وقطعت النيل سابحًا ذات مرة، لم يحدث شيء إطلاقا سوى أن القرية زادت انتفاخًا، وتوتر وتر القوس سينطلق السهم نحو آفاق أخرى مجهولة.

الجريدة الرسمية