رئيس التحرير
عصام كامل

في المسالة الاقتصادية

التضخم والأمن الغذائى أهم التحديات الآن

رغم مسيرة التحديات العظام التى واجهتها بلادنا خلال العشر سنوات الأخيرة وتحمل تبعاتها الشعب بصبر وعزيمة يحسد عليها، إلا أن التحديات القادمة كبيرة وكبيرة جدا خاصة أن صانع الحدث الرئيسى فيها عالمى أو خارجى مع عدة عوامل داخلية أخرى يمكن التأثير فيها من خلال آليات وحلول يا حبذا لو كانت من خارج الصندوق القديم.. 


توقعات المؤسسات المالية الدولية ومنها صندوق النقد الدولى تشير إلى أن معدلات الركود للاقتصاد العالمى ستتزايد خلال العامين 22 /23 وعليه خفض الصندوق معدلات النمو في الاقتصاد العالمى من 3،6% إلى 2،9%، مشيرا إلى أن أخطر الأزمات التى ستتبع ذلك هى مواصلة معدلات التضخم ومخاطر الأمن الغذائى ستتصاعد خلال العامين المشار إليهم، لافتا إلى أن أكثر البلدان التى ستتاثر بشدة من تلك الأزمة هى الاقتصاديات الناشئة والدول التى تعتمد أكثر على السوق العالمى في تلبية احتياجاتها الغذائية والسلعية ومنها مصر.


وعلى الرغم من أن الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية والطاقة يهدد بتباطؤ النشاط الاقتصادي. تتوقع تقارير المؤسسة الدولية أن ينمو الاقتصاد المصري بنسبة 5.9% في العام المالي 2021 / 2022، بزيادة 0.3 نقطة مئوية عن توقعاتها  في ينايرالماضى وهى توقعات أكثر تفاؤلا من الأرقام الرسمية حيث خفضت الحكومة مؤخرا توقعاتها للنمو في العام المالي الحالي إلى 5.7% بدلا من 6.5% بسبب التداعيات الاقتصادية للحرب في أوكرانيا.. كما تشير التقديرات إلى أن نمو اقتصاد مصر لن يكون بنفس القدر الذي كان متوقعا في العام المقبل حيث نتوقع  أن ينمو الاقتصاد المصري بنسبة 5.0% فقط في العام المقبل.

النفط والغذاء

 

ويرصد تقرير الصندوق ارتفاعا في أسعار المستهلكين في مصر بنسبة 7.5% في المتوسط خلال العام الجاري، متوقعا أن تواصل الارتفاع إلى 11% في العام المالي المقبل،  وارتفاع معدل التضخم السنوي في المدن المصرية إلى أعلى مستوى له في ثلاث سنوات عند 10.5% خلال مارس الماضى، ويتوقع المحللون أن يستمر التضخم في الارتفاع في الأشهر المقبلة، ليصل إلى 15%.

 

ومن المتوقع في ظل إستمرار الحرب في أوكرانيا زيادة الإنفاق على الواردات، وتراجع إيرادات السياحة، وخروج المحافظ الاستثمارية. كما تشير التقارير إلى توقعات متشائمة للأسواق وأن تكون هناك تأثيرات سلبية أكبر بكثير في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية منها في الاقتصادات المتقدمة.   
 

وبرهنت على ذلك بأنه ستؤدي الحرب والزيادة الوشيكة في أسعار الفائدة العالمية إلى مزيد من الخفض في الحيز المالي للعديد من البلدان، وخاصة الأسواق الناشئة المستوردة للنفط والغذاء وذكرت التقارير أنه يمكن أن يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة أيضا إلى المزيد من عمليات سحب رؤوس الأموال والمزيد من انخفاض قيمة العملة المحلية، مما سيزيد من الضغوط التضخمية. 

 

وهو ما يتطلب استجابات سريعة –ومتوازنة في ذات الوقت– من صانعي السياسات للتعامل مع تلك المتغيرات بالعمل على  إجراء موازنة صعبة، تستهدف السيطرة على الآثار قصيرة الأجل للحرب، مع الحفاظ على النمو طويل الأجل. كما أن بعض الاقتصادات ستحتاج إلى تأمين سيولة كافية للتغلب على صعوبات إعادة التمويل على المدى القصير في حين قد يحتاج البعض الآخر إلى إعادة هيكلة شاملة للديون السيادية.


كما تشير التقارير إلى أن  أسعار الغذاء والنفط والسلع تمثل أكبر التهديدات  للأسعار العالمية – لتفاقم بذلك الأسعار المرتفعة بالفعل نتيحة أزمة نقص المعروض فى السوق العالمية الناجمة عن تعافي الطلب وعليه من المتوقع أن تظل أسعار المواد الغذائية مرتفعة خلال العامين الحالي والمقبل بعد أن وصلت إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق الشهر الماضي، ومن المتوقع أن تكون البلدان منخفضة الدخل الأكثر تضررا. وأن يكون القمح أحد السلع التي ستظل أسعارها مرتفعة في العام المقبل. 

 

فيما ستكون أسعار النفط أقل تأثرا بالأزمة نتيجة القدرة على استخدام احتياطيات النفط في إحتواء هذه الزيادات على المدى المتوسط.. وهناك تحركات مستمرة سواء من صندوق النقد والبنك الدوليين أو من مجموعة السبع ومجموعة الدول العشرين لاحتواء أزمة الغذاء ومنها تخصيص البنك الدولى 17 مليار دولار لمساعدة الدول التى تعتمد على امدادات الغذاء من الخارج  ومنها مصر بالطبع..

 

 

إلا أن هذا الأمر يحتاج إلى تدعيم بجهود محلية وخط استراتيجية قصيرة ومتوسطة الأجل تتبناها الحكومة وتجيش لها كافة الامكانات والطاقات المحلية لرفع معدلات الإكتفاء الذاتى من السلع الاستراتيجية الضرورية والاساسية وعلى رأسها القمح والزيوت والسلع الولية والوسيطة، اللازمة لصناعاتنا المحلية والتى نعتمد بنسب كبيرة جدا على توفيرها من السوق الخارجية على وجه الخصوص لتأمين غذاء المصريين.

الجريدة الرسمية