رئيس التحرير
عصام كامل

الرجل شيطان رجيم !!

لا أحد مع ظلم المرأة وأيضا لا أحد يرضى بظلم الرجل الذى لو شعر بالظلم لانعكس ذلك على كل من يعولهم.. والأهم من الزوجين هم الأولاد، وأعتقد أنهم ضحايا أى صراع زوجى وكل طرف يتخذهم دروعا بشرية  للحصول على كل ما يريد ويتطور الأمر كثيرا لاستخدامهم  كصواريخ في مواجهة الآخر للكيد أو للتنكيل والابتزاز.

طبعا  الكارثة التي يجب أن نتحاشاها جميعا هو التعميم، فليس الرجال شياطين على طول الطريق وليست النساء ملائكة بأجنحة على طول الطريق، والعكس صحيح، فالواقع محتشد بالعجب من كل صنف ولون. لكن علينا في البداية أن نقف على أرضية واحده حتى تكون المنطلقات سليمة، ففى قوانين الأحوال الشخصية للمسلمين  تكون الشريعة الاسلامية هي المرتكز الوحيد  لها ويطبق ذلك على المسلمين بل وعلى غيرهم إذا لجأوا اليها بحكم القانون.

 

وحين تتحول رابطة الزواج إلى عقد فيجوز فيه ما يجوز على العقود المدنية لكن بشرط ألا تخالف بنوده الشريعة الاسلامية، فاذا وضع شرط يتوافق مع احكامها أهلا به وإذا كان عكسها بطل الشرط وإستمر العقد، مثلا لا يجوز أن تشترط زوجة طلاق ضرتها لمخالفته للشرع ويجوز لها أن تطلب الحق في العمل أو السكن في مدينة بعينها فهذا لا يخالف الشرع.


وبخصوص قضية تعدد الزوجات.. تنص المادة 14 من من مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد: "إذا رغب الزوج في التعدد يتقدم بطلب لقاضي محكمة الأسرة بصفته قاضيا للأمور المستعجلة لإخطار الزوجة برغبته في الزواج بأخرى على أن تمثل لإبداء الرأي بالموافقة أو الرفض كما تخطر المرأة المراد التزوج بها بأنه لديه زوجة أو زوجات أخريات".

 

وفى البداية يمكننا القول أن الازمات الاقتصادية والتطور الاجتماعى والثقافى يشكلون موانعا كبرى الآن أمام تعدد الزوجات فالرجل الآن لا يستطيع أن يفى احتياجات أسرة واحدة وزوجة واحدة فما بالنا بأكثر من زوجة وزيادة في الانجاب.. لكن علينا  حين نسن قانونا أن نلم بالقضية من كافة ابعادها، لان القانون يصدر ليطبق ولن يطبق إذا حدث عليه خلاف أو عدم توافق اجتماعى عليه بالإضافة للظرف الزمنى لصدوره الذى أعتقد إنه غير مناسب.

 مخالفة الشريعة


باختصار حين نناقش القضية علينا ادراك  بعض الأمور مثل: إن المرأة ليست فقط المتزوجة فقط وليست الوحيدة المفترض علينا حمايتها والحفاظ عليها وصون حقوقها، لكن هناك شرائح كثيرة من النساء المطلقات والأرامل وغير المتزوجات من الأساس.. ولكل منهن ظروف في الزواج قد لا يقبلها أو لا يستطيع عليها الشباب الذين لم يتزوجوا بعد.. فماذا نفعل بهذه الشريحة النسائية التي تعد بالملايين حين نضع أو نزيد العراقيل ضد زواجهن مره أخرى؟!


ثم هل يوازن ويقبل المشرع والمجتمع ما يترتب على عدم زواج هذه الشرائح مره أخرى من أثار ام ان الزواج الثانى للرجل يكون الضرر الأخف وطأة؟! وهل نريد أن نصل في نهاية المطاف إلى منع الزواج الثانى كما هو في الغرب مثلا وهل أدى ذلك إلى استقرار الأسر هناك، وهل إباحة الزواج الثانى أفضل ام انتشار الرذيلة والعشيقات والخليلات والصديقات والزواج العرفى وكافة أشكال الزواج غير الرسمي؟


وأخيرا كيف يقف مشروع القانون ضد تعدد الزوجات  وهو مباح وبصريح نصوص القرآن الكريم وبقيود معها في مقدمتها العدل، ووصل الأمر لوضع ميزانه في رقبة الرجل وضميره بقوله سبحانه "وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً".

 

مع العلم أن العدل المطلق أمر بالغ الصعوبة حتى على الرسول عليه الصلاة والسلام نفسه حين قال: "اللهم هذا قَسْمي فيما أملِكُ، فلا تلُمْني فيما تملِكُ ولا أملِكُ"،  وقيل ذلك في معرض حب  الرسول   للسيدة عائشة رضي الله عنها اكثر من زوجاته.

يعنى قد يكون هناك اجازة في الميل في الحب أو الميل القلبي وليس الميل في النفقة أو كل ما هو ظاهر يعنى لو اهديت واحده شيئا عليك أن تهدى بمثله للاخرى وعقوبة عدم العدل من الناحية المادية بين الزوجات جاءت في قول النبي عليه الصلاه والسلام: "من كانت له امرأتان، فمال إلى احداهما، جاء يوم القيامة، وشقه مائل".

 

يعنى كل ذلك متروك للزوج بنص القرأن وأحاديث نبوية وهى المصدر الثانى للتشريع الاسلامى ويصل الأمر في اجماعها على عدم جواز أى شرط يحل حراما أو يحرم حلالا لذلك يكون السؤال كيف يأتي مشرع  في مشروع قانون ليأخذ هذا الحق من الزوج ويمنع ممارسته إلا بإذن القاضى والذى يصفه الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر بالأمر المخالف للشريعة الإسلامية جملة وتفصيلًا.

مصلحة المرأة

 

حتى ما يقول به البعض من جواز اشتراط المرأة على زوجها ألا يتزوج عليها، يعتبره بعض الفقهاء غير ملزم بغض النظر عن أثره في نفس الزوج إلى حد ما لانه يمنع حلالا أجازه الخالق. 
والسؤال الجوهرى هل ينظر مقدموا مشروع القانون إلى بعض المكاسب لفئه من النساء دون النظر إلى عمومية الأمر ككل، وألا يكون ذلك خيانه لدورهم في التعبير عن سائر فئات الأمة وليس لشريحه بعينها، ومن أدراهم أنه يحقق مصلحة المرأة فتعدد الزوجات قد يكون مصلحة للرجل وللمرأة أيضا.. كيف؟ 


مثلا قد تكون الزوجة غير محققة لمتعة الزوج كما يريد، أما بسببه أو بسببها، ولا يريد أن يطلقها صونا لمشاعرها، أو قد تكون عقيما ولا تلد وهو يتوق إلى الولد. وقد يفيد تعدد الزوجات المرأة  نفسها ويحقق مصلحتها.. تعالوا نرى امرأة شاءت إرادة الله ان تكون عقيمه، أو مريضة وتفضل البقاء في عصمة زوجها، إما حبا له، أو لعدم قدرتها على الانفاق على نفسها أو صون لنفسها إذا انفصلت، ألا يكون تعدد الزوجات أفضل لها!

 

 

وتعالوا نناقش قضية أخرى وهى في صالح المجتمع ككل أليس زواج الأرامل هو الأفضل لجعل أولادهن في كنف أسرة وزوج ام تركهم لحوائج الأيام ؟! 
نعم قد يكون زوج الأم وزوجة الأب قطعة من جهنم لكن هناك أيضا نماذج جيدة.. باختصار هي النفس البشرية التي لا وجود لعوامل محددة تحكمها فليس الرجال شياطين على طول الطريق وليست النساء ملائكة باجنحة على طول الطريق، والعكس صحيح!!
yousrielsaid@yahoo.com

الجريدة الرسمية