رئيس التحرير
عصام كامل

محمود الحديني: خايف من اندثار المسرح.. والتليفزيون اليوم فيه كل شيء | حوار

محمود الحديني
محمود الحديني


تلفزيون الدولة رفع يده عن الإنتاج والساحة خلت للقطاع الخاص

عصر المسلسلات الدينية انتهى بلا عودة

 

يعد الفنان محمود الحدينى من جيل الرواد فى المسرح والتلفزيون المصرى الذين عاصروا أجيالا متعددة، كانت له أدوار متعددة لا تزال محفورة فى الأذهان، خاصة التى ارتبطت ارتباطا وثيقا بالمجتمع المصرى، وكان آخر ظهور له فى مسلسل "حدائق الشيطان".


"فيتو" التقت الفنان القدير محمود الحدينى على ضفاف النيل بمحافظة قنا أثناء زيارة قصيرة استغرقت ساعات، وكان من الملفت للفنان محمود الحدينى هو نهر النيل الذى ظل يمتعه بنظرات طويلة وعميقة
وعن السؤال عن هذا الأمر رد قائلا: "قنا تتمتع بنيل جميل وهادئ ورائق جدا بعيد عن أي شوائب، لم يتلوث بعد، لا يزال على طبيعته، وهذا أبرز ما يلفت الانتباه، وجمال هذا المكان وسحره مستمد من الطبيعة التى تحتفظ بتراث لم يلوث نقاء هذا النيل"..وإلى نص الحوار:

 

*المسرح "أبو الفنون"، ما موقعه حاليا فى حياتنا؟
المسرح هو فعلا  «أبو الفنون»، ولكن بدخول التلفزيون وتأثيره على العنصر المهم، وهو الممثل، تأثر به المسرح، وذلك لأن المسرح تمثيل بالدرجة الأولى، فعندما أتى التلفزيون بإغراءاته الكثيرة المتعددة، وهو الانتشار والدعاية والأجور العالية، أصبح المسرح يتضاءل أمام هذه الإغراءات
وأخشى على المسرح أن يأتي يوم فعلا يتلاشى فيه كفن جميل ومؤثر، فالتليفزيون اليوم أصبح به كل شيء، بضغطة زر أصبحت تشاهد العالم كله، ولكن هذا لا يمكن أن يحدث إلا إذا تسلحنا بالثقافة عموما
ونزول الأسرة من منزلها لكى تذهب للمسرح، هذا فى حد ذاته نهج ثقافى جميل، وطبعا حتى يحدث ذلك لابد أن تكون هذه الأسرة قادرة اقتصاديا على هذا الأمر، وهذا بالطبع كما ذكرت مرتبط بالحالة الاقتصادية، بالإضافة إلى المنصات الجديدة التي سوف يكون لها تأثير أكبر.

*كيف ترى الأعمال الدرامية فى شهر رمضان الكريم وسيطرة القطاع الخاص عليها؟
رمضان هو رمضان لم يتغير، ولكن تغير الإنتاج الذى كان تابعا للدولة، وتوقفت الدولة عن الإنتاج، فأصبحت الساحة خالية للقطاع الخاص، ومعروف أن الخاص يعمل من خلال الإعلانات، وله مواصفات، فكلما كان النجم أو النجمة صاحب أكبر قدر فى جلب الإعلانات أصبح هو النجم أو النجمة، لذا لم تعد هناك مقاييس، فكما ذكرت أن تلفزيون الدولة رفع يده عن الإنتاج.

*وماذا عن المسلسلات الدينية والتاريخية؟
لم نعد نستطيع أن نرى المسلسل الدينى أو التاريخى حاليا على شاشة التلفزيون كما كان فى السابق، فالدولة هى التى كانت تقوم بإنتاج هذه الأعمال، فالقطاع الخاص لا يمكن أن يقوم بإنتاج مسلسل تاريخ إسلامى، فهو يعتمد على الإعلانات ولا يمكن أن يبث إعلانات خلال عرض حلقات المسلسل الدينى أو التاريخ الإسلامى، لذا لن يتم إنتاج مثل هذا النوع من المسلسلات التى كانت توطد علاقتنا بالدين فعليا، لأن أبناءنا وأطفالنا كانوا يشاهدون هذه المسلسلات، ونتمنى أن يتغير ذلك فى المستقبل القريب.

*كيف يواجه أبناء الجنوب التمويل المادى للاستمرار فى أعمالهم الثقافية؟
لدينا ما يسمى بصندوق التنمية الثقافية، ولا بد أن يكون لكل محافظة فرع خاص بها فيه، ويشكل هذا من عضوية عدد من الفنيين المهتمين بالحركة الثقافية الفنية، ويكون هناك جهاز رقابى من كل محافظة عليه، وهذا يكون بفرض نسبة على تجديد رخصة القيادة أو المبانى ويتم رصد هذا المبلغ لصالح الأعمال الثقافية ويكون هذا الصندوق لتنمية أي عمل ثقافى فنى محترم، واللجنة هى التى تتولى الإشراف عليه.
ويكون هناك تقييم لكل عمل فنى وثقافى يتم من خلال هذا الصندوق، حتى يكون هناك استمرار للحركة الثقافية الفنية بمختلف المحافظات وحتى لا يكون هناك عبء على الفنانين أو الجهاز الإدارى بالمحافظة، ونسمع لكلمة: هناك موارد أحق بالصرف فيها بديلا عن الثقافة أو الفنون. 

وهذا طبعا يصعب سماعه، ولكنه يسير أيضًا بلوائح ووفق الاحتياجات الأهم بالنسبة لكل قطاع، سواء صحى أو تعليمى أو غيره.

*ماذا عن الثقافة فى صعيد مصر؟
جنوب الصعيد حقيقة لا توجد له دعاية إعلانية حتى يستطيع الحصول على حقوقه، وهذه مشكلة كبيرة، ولكن اليوم أصبح هناك مهرجان شباب الجنوب، وبدأ يتواجد فى أسوان وفى الأقصر وأسيوط، ويتنقل بين محافظات الصعيد، وهو متوجه أساسا إلى شباب الجنوب.
وهذه فكرة جيدة جدا لوزارة الثقافة التى أمثلها من خلال اللجنة العليا للمهرجانات، ونحن ندعم هذا المهرجان، فنحن من خلاله نستطيع أن ننعش الثقافة فى الجنوب، ونسمح بمشاركة فرق أجنبية مثل إسبانيا وفرنسا، ولكن من جنوب البلدان، وكذلك أيضًا البلدان العربية الشقيقة، ولكن من الجنوب مثل جنوب الجزائر أو تونس أو المغرب وسلطنة عمان.

*ولماذا اخترت الجنوب تحديدا؟
الجنوب له ثمة خاصة، فالجنوب وشبابه فى البلدان سواء العالمية أو العربية أو هنا فى الصعيد سوف يلتقون فى بوتقة واحدة، ونستطيع أن يكون لهذا الفن مكانة خاصة ليعبروا عنه فى الحركة الثقافية.

*ما التغيرات التى لاحظتها فى خلال تلك الزيارات لمحافظة قنا؟
زرت محافظة قنا فى خلال عهد اللواء الأسبق عادل لبيب، فالجميع كان سعيدا به وبما قدمه من إنجازات لتلك المحافظة، وكنا فخورين بالمدينة، فهى نموذج من النجاح، وكنت أتمنى فى وقتها أن تحتذى كل المحافظات بهذا الحذو الذى تم على أرض تلك المحافظة الحضارية التى استطاع عادل لبيب أن يجعل منها شيئا فريدا من نوعه.

*وماذا عن دورك فى مسلسل حدائق الشيطان الذى قدمت فيه دور «صعيدى»؟
المسلسل تم تصويره فى جزيرة بين مدينتى: قنا ونجع حمادى، وكان من المسلسلات الممتعة جدا بالنسبة لنا، وكنا حريصين على اللهجة، فنحن علمنا وقتها أن لكل مكان بالصعيد لهجة مميزة عن غيرها
واكتشفنا أكثر من لهجة، فسوهاج غير قنا أو المنيا، وهذا جعلنا أكثر حرصا على توحيد اللهجة، بحيث نثبت أن هذه اللهجة خاصة بنجع حمادى أو المنيا، وهذه هى اللهجة، والمسلسل حقق نجاحا كبيرا لأن الأهالى هنا شعروا بأن المسلسل منهم، حقيقى من دم ولحم هذا النسيج من الوطن، وليسوا غرباء علينا سواء فى اللبس أو اللهجة أو الموضوع أو أي شيء، وكانت تجربة فريدة بالنسبة لى شخصيا.

*ماذا عن السياحة والتطوير الذى شهدته محافظة الأقصر ومعبد الكرنك؟
سعيد جدا بما شاهدته فى معبد الكرنك بالأقصر الذى زرته وشاهدت حاجة جميلة جدا، "حاجة تفتح النفس"، الأفواج حريصة على التواجد والفنادق كلها كاملة العدد، وأتمنى أن تكون السياحة أساسية جدا فنحن لدينا أكثر آثار العالم، ففى البلدان الأجنبية يتغنون بالأقصر، واليوم هى أصبحت مدينة دولية عالمية، ونأمل أن تزدهر السياحة أكثر وأكثر، وهذا لصالح الشعب المصرى.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ"فيتو"..

الجريدة الرسمية