رئيس التحرير
عصام كامل

التعليم الضائع.. ربط الخريج بسوق العمل يقلل معدلات البطالة.. وضرورة إعادة النظر في التخصصات

أرشيفية
أرشيفية

منذ سنوات طويلة..يطالب المراقبون والمتخصصون في إعادة النظر في بعض قطاعات التعليم الجامعي التي تجاوزها الزمن وصارت عبئًا ثقيلا على سوق العمل. 

والغريب أن هذه الأقسام والكليات تستقبل كل عام أعدادًا هائلة، وعندما يتخرجون لا يجدون موطيء قدم في خريطة الأعمال والوظائف المطلوبة.

 وجاءت تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخرًا  خلال فعاليات المشروع القومى لتنمية الأسرة المصرية، لتفتح النقاش حول هذا الملف الضاغط وتلفت إلى ضرورة التعامل الجاد معه؛ باعتباره مشكلة ظلت مستعصية على الحل. 

الرئيس خلال حديثة أن هناك بعض التخصصات التى يدرسها عدد كبير من الطلاب ليس لها مكان فى سوق العمل.

مخرجات التعليم
إلى ذلك.. أكد الدكتور محمد عبد العزيز، الخبير التربوى والأستاذ بكلية التربية جامعة عين شمس، أن الاهتمام بمخرجات التعليم يمثل الركيزة الأساسية لزيادة إنتاجية رأس المال البشرى وتعزيز ريادة الأعمال والتقدم التكنولوجى، مشيرا إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسى يولى اهتماما كبيرا بتطوير العملية التعليمية وتأهيل ودعم فئة المعلمين وذلك باعتبار المعلم الركيزة الأساسية لهذه المنظومة.


وأوضح أستاذ التربية بجامعة عين شمس أن مبادرات الرئيس فى مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والصحية والاجتماعية والتعليمية والبيئية وغيرها تستهدف كلها تحقيق " حياة كريمة" للمواطنين، وأن جودة التعليم والوصول بمخرجاته لأعلى مستوى هو أحد الأسلحة القوية للقضاء على الفقر وتحقيق التنمية المستدامة وسد الفجوة بين مخرجات التعليم وسوق العمل وذلـك من خلال تمكين الخريجين مـن الحصول على فرص للعمل تحتاج تخصصاتهم ومعارفهم.

سوق العمل
وأكد “عبد العزيز” أن ربط مخرجات التعليم والخريجين بسوق العمل سوف يؤدى أيضًا إلى تقليل معدلات البطالة، لذلك يجب عند إنشاء الجامعات الجديدة أن نضع فى الاعتبار هدفين أساسيين هما: البحث العلمى وخدمة المجتمع، لذلك فإنه بناء على ذلك عند إنشاء أي جامعة أو كلية من المفترض أن يتم ذلك وفقا لخطة الدولة.

لذلك يجب أن تكون وزارة التخطيط شريكا أساسىا فى ذلك، مشيرا إلى أن هناك عددا من الكليات التى لم يعد لديها سوق عمل متاح وأصبحت عبئا على الدولة لذلك يجب غلق تلك الكليات فورا أو يكون هناك اتجاه آخر لتغيير توجههم من خلال وضع خطة ولوائح وقوانين.


واستطرد: التخصصات غير المرغوبة فى سوق العمل من خريجى الجامعات يكون معيارها الوحيد هو التخصصات التى تتخرج ولا يستوعبها سوق العمل، وأن أي تخصص لا يستوعبه سوق العمل فهو فائض وليس فى حاجة إليه، موضحا أنه فى حال غلق الكليات التى لا يستوعبها سوق العمل سوف نواجه مشكلة ما تحتويه تلك الجامعات من أعضاء هيئة التدريس والعاملين.

لذلك يجب توجيه أعضاء هيئة التدريس إلى البحث العلمى للاستفادة من خبراتهم، مؤكدا أن النظام التعليمى المصرى يعانى بكل عناصره العديد من المشكلات والتحديات التى تمثل عائقا حقيقيا أمام العملية التعليمية وتطورها وأنه من الضرورى الاهتمام بتأهيل وتدريب المعلم.

التخصصات العلمية
وقال الدكتور وائل كامل، أستاذ بجامعة حلوان، أنه لا يوجد دولة فى العالم قامت بغلق تخصصات علمية وحكمت عليها بالفناء أو منعت الدراسة فيها، كما أنه لا يمكننا أن نحكم على أي تخصص علمى ونقول إن هناك أفضلية أو أهمية لتخصص علمى عن الآخر، مؤكدا أن كافة التخصصات العلمية لها نفس الدرجة من الأهمية بالمجتمعات ولكن حينما يكون هناك رؤية وتخطيط سليم لتحقيق أقصى استفادة لخدمة وتطوير المجتمع.


وأكد الأستاذ بجامعة حلوان، أن تخصصات العلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية والفنون والرياضة جميعها تخصصات تهتم بتنمية الإنسان داخل مجتمعه بالتعاون مع باقى التخصصات ولا يمكن التفكير فى تقدم ورقى مجتمع فى ظل وجود نظرة ضيقة لتلك التخصصات العلمية؛ لأن البشر ليسوا روبوتات يتم تغذيتهم بالمعلومات الصماء ويطلب منهم استرجاعها.

موضحا أن الإنسان لا يعيش بمفرده ولكنه كائن اجتماعى له طبائع وصفات مختلفة ويحتاج للجوانب المعرفية والمهارية والوجدانية وله ثقافة وموروث، ولوطنه جغرافيا وتاريخ ونظم وعادات وتقاليد، مؤكد أنه لا يمكن تجاهل جميع ذلك وهو من صميم تخصص العلوم الإنسانية التى تعتبر مصدرًا للقوة المدنية والذاكرة الوطنية والتفاهم الثقافى والقيمة الفردية والمُثل للمجتمعات التى ترغب بتحقيق تقدم حقيقى ورقى ونهضة.


وأضاف أنه يمكن تحديد المشكلة فى وجود سياسات قبول غير سليمة بالتعليم العالى تسببت فى تضخم أعداد المقبولين ببعض التخصصات بشكل غير مطلوب، وهذا ناتج عن عدة أسباب منها سوء التخطيط وعدم تحديد الاحتياجات الفعلية المطلوبة لسوق العمل بخطط خمسية وطويلة المدى يتم على أساسها تحديد نسب القبول بكل تخصص علمى وما تستطيع الدولة أن توفره من مجالات سوق العمل بناء على دراسة الاحتياجات المستقبلية لتحقيق نهضة وتقدم لهذا الوطن.

وكذلك عدم توفر مسارات بديلة للثانوية العامة لائقة وذات مستوى عالى من المناهج والإمكانات والتجهيزات وطرق التدريس والتدريب المرتبط بسوق العمل أثناء الدراسة والعمل بعد التخرج بمكان التدريب، تتساوى مع عدد مدارس الثانوى العام بنفس توزيعهم الجغرافى لتخفيف العبء عن التعليم الجامعى.

سياسات تعليمية
وأوضح أنه من ضمن الأسباب أيضًا انغلاق التخصصات العلمية وتقوقعها على نفسها، لأنه لا يوجد لدينا سياسات لربط التخصصات العلمية بعضها البعض لخدمة المجتمع، مؤكدا أنه يجب أيضًا فى البحث العلمى أن يتم النظر وتقييم الأبحاث العلمية المشتركة بين أكثر من تخصص بشكل ينفر الباحثين من الدخول بهذا المضمار ويفضلون العمل بشكل فردى.

وأيضا من أحد الأسباب هو النظرة المجتمعية للتعليم الفنى وأصحاب الحرف وما تم ترسيخه من وسائل الإعلام من نظرة غير سليمة وتفرقة بين أصحاب الشهادات الجامعية وأصحاب الحرف، وكذلك ارتباط مدة سنوات التجنيد الإجبارى بمستوى التعليم، والتى تسببت فى التكالب على الالتحاق بالتعليم العالى حتى لو بمعاهد عليا خاصة لا يوجد لها سوق عمل.
 

نقلًا عن العدد الورقي…،

الجريدة الرسمية