رئيس التحرير
عصام كامل

الصين على خط الأزمة

تتدحرج كرة النيران نحو بكين ببطء، لكن بإصرار وتخطيط.. ولم يكن الاجتماع الذى جرى في العاصمة الأيطالية روما الاثنين الماضى، بين جيك سوليفان مستشار الأمن القومى الأمريكي، ويانج جيتشى كبير مسئولى السياسة الخارجية في المكتب السياسي للحزب الشيرعي الصيني، بشآن الأزمة الأوكرانية، سوى رسائل تحذير متبادلة، فى أجواء متوترة، سادتها الاتهامات بين طرفى الحوار الامريكي الصيني. 

استمر اللقاء سبع ساعات، ووصفه الطرفان بالجوهرى، في إشارة إلى عمق المناقشات، وأنها ابتعدت عن المعالجة السطحية للمواقف على جانبي خط الأزمة. جوهر ما جرى يتمثل فى تحذير أمريكا  ل الصين من تعويض خسائر روسيا عسكريا واقتصاديا وأن لدى أمريكا معلومات استخبارية عن مساعدات عسكرية تقدمها الصين ل روسيا، كما طلب سوليفان من الصين إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، وإن الصين لو خرقت العقوبات الغربية على روسيا، فسوف يخنق الغرب الاقتصاد الصيني، بتوقيع عقوبات صارمة، وبحرمان الصين من صناعات دقيقة مثل أشباه الموصلات، الرقائق الالكترونية اللازمة في صناعات صينية معقدة، فى مجالات الاتصالات وغيرها، تصدرها الصين للعالم. 

 

مصدر كورونا

 

على الجانب الأخر، طلبت الصين تفسيرا من أمريكا بشأن ما كشفت عنه الوثائق التى عثر عليها الروس في أوكرانيا خاصة بالمعامل البيولوجية الجرثومية والفيروسية، وتمويل أمريكا لهذه المختبرات، فضلاعن مختبرات الفيروسات داخل أمريكا ذاتها وفى غيرها من البلاد. بالطبع فإن الصين المتهمة دائما من أمريكا بأنها مصدر فيروس كورونا، وجدت فى الوثائق الروسية منفذا لرد الاتهام عنها وفضح الفاعل الحقيقي المرجح، وهو أمريكا.

 

ومع البطء الشديد فى التحرك الروسي علي جبهات القتال في أوكرانيا بسبب من الخطط التكتيكية للقيادات الروسية، وبسبب من التمويل العسكرى النقدى السخي من واشنطن والغرب وحتى دول شرقى أوروبا، فإن دولا بشرقى أوروبا إختارت المظلة الغربية مثل إستونيا، وغيرها أخذت فى استدراج الصين الى الحلبة المحتدمة، وكما كانت أوكرانيا الطعم الذى ورط به الغرب روسيا، فإن استونيا وبولندا تعتبران مخالب غربية مدببة. أخطر تصريح صدر عن استونيا وهى إحدى دول البلطيق الثلاث، لاتفيا وليتوانيا واستونيا، إن على الصين أن تختار: إما مع الغرب.. أو مع الشرق!

 

دعوة للاستقطاب تعنى أن إختيار الصين للشرق سوف يترتب عليه اعتبارها ضد الناتو، واختيارها للغرب يعنى انقلابها على الحليف الروسي. والحقيقة أن هذا الاختبار هو آخر ما كانت القيادة الصينية تتوقعه، فقد كانت الآمال أن الصين ستدخل مرحلة انتعاش كبير بعد انحسار ملحوظ ل كورونا، لكن الفيروس عاد يضرب بضراوة بعض مدنها المليونية، وهو ضرب جاء وسط إحتدام المعارك على الأرض الأوكرانية بين حليف قوى هو روسيا، وبين خصم مؤجل هو الغرب.

 

 

إلى أين تتجه الكرة الأرضية؟ تتجه إلى التصعيد، ولا يمكن تجاهل ما أعلنته بولندا من أن قواعد اللعبة سوف تتغير، ويعيد حلف الناتو دراسة مرقفه القتالي، إذا تبين أن موسكو تستخدم أسلحة كيماوية.. وهذه نقطة موضع جدال، لأن كتائب آزوف النازية القومية المعترف بها من حكومة زيلينسكى، قد تلچأ الى هذا السلاح لينقلب الناتو على روسيا، بحجة أن ل روسيا تاريخا في استعمال الكيماوى فى سوريا!

يتجه الوضع إلى خارج الدائرة التى حددتها كل الأطراف.. تلك طبيعة الحروب وقوانينها: تبدأها.. لكنك لا تعرف كيف تنهيها..

ونتابع..

الجريدة الرسمية