رئيس التحرير
عصام كامل

وزارة المحظوظين

أنا موظفة في الحكومة، وأتقاضى راتبًا شهريًا ومكافآت وحوافز لا أستحقها، لأنني موجودة في منزلي، ولا أذهب للعمل، وما يؤلمني هو حصولي على بدلات لا يحصل عليها إلا من يمارس العمل، مثل بدل وجبة غداء تقدمها الشركة للموظفين، حتى عندما استدعوني للإدلاء بصوتي في انتخابات نقابة المهندسين قيل لى أنني سوف أحصل على مكافأة بدل راحة لأن الشركة استدعتني في يوم راحتي.

 

الأموال التي أحصل عليها دون وجه حق بدأت تؤرقني، لا لأنني ثرية ولست بحاجة إليها.. ولكن لأنني لم أبذل مجهودًا فيها. بدأت أشعر بالخجل من أسئلة أبنائي المحرجة، ومنها.. كيف تتقاضين الراتب الشهري والمكافآت والحوافز ولا تذهبين إلى العمل؟ 

 

وظائف للشباب

 

حاولت الذهاب إلى الشركة أكثر من مرة، وأبديت رغبتي في المواظبة على العمل، وفي كل مرة كان طلبي يواجه بالرفض، وفي المرة الأخيرة منذ يومين.. قيل لي: ليس لك توقيع أساسًا بتعليمات من الوزارة، إذهبي إلى منزلك ولا تعودي إلا مع صدور قرار من الوزارة بعودتك، عدت إلى بيتي حزينة، لست الوحيدة التي تتقاضى ما لا تستحق.. فهناك آلاف مثلي في نفس الشركة وشركات أخرى.

 

هذه الشكوى (غير المعتادة) لسيدة تعمل في إحدى شركات البترول، طلبت منها الشركة في ١٥ مارس ٢٠٢٠ أن تمتنع عن الذهاب للعمل ومعها آلاف السيدات بسبب كورونا وفقًا لقرار الوزارة، السيدة قالت أن الجميع عاد إلى العمل في الوزارات المختلفة، ولا أجد معنى لرفض عودتي وزميلاتي، حتى أننا تشككنا أن هناك نية للاستغناء عنا، لكن الشركة نفت ذلك وبشدة، ودليلها أننا نحصل على كل مخصصاتنا المالية.

 

السيدة التي طلبت مني توصيل صوتها للمسئولين تمنت لو حولت الشركة الأرباح السنوية والتي تتراوح ما بين ثلاثين وستين ألفًا إلى الفقراء للتخفيف عنهم في ظل غلاء الأسعار، أو دفع المصاريف المدرسية لغير القادرين من الطلاب، أو تنشئ وزارة البترول بهذه الأموال شركات جديدة لتوفير وظائف للشباب، وأشارت السيدة إلى أن شركتها ليست استثناء في دفع المرتبات والحوافز والأرباح لمن يجلسن في منازلهن.. فمثلها العديد من الشركات التابعة للوزارة.

 

 

والسؤال.. ألم يتأثر العمل في هذه الشركات بغياب آلاف الموظفات؟ ولماذا كل هذه الحوافز والمكافآت لمن لا تعمل؟ أم أنه المال السايب في وزارة اشتهرت طوال عقود بأن العمل فيها للمحظوظين؟ إذا كان في وزارة البترول وفرة في الأموال.. فعليها أن تقدمها للدولة للاستفادة منها في هذا الوقت العصيب. 

besheerhassan7@gmail.com

الجريدة الرسمية