رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا وافقت مصر علي إدانة الحرب علي أوكرانيا؟!

العلاقات المصرية الروسية في أفضل حالاتها في الأربعين سنة الأخيرة.. رد إليها الاعتبار بعد يونيو ٢٠١٣ ثم تطورت أكثر بعد ٢٠١٤ لأسباب عديدة منها ما هو تاريخي وهو يستحق حيث أكبر بناء هندسي في العالم في القرن العشرين يقف شامخا في جنوب مصر شاهدا علي عمق العلاقات كما وصفه الرئيس السيسي.. لكن أغلب ذلك بني على المصالح المشتركة وتجسد في المحطة النووية بالضبعة والمنطقة الصناعية بالقناة والتعاون العسكري والاستخباري.. سلاح متطور وتدريبات مشتركة وتبادل معلومات وكذلك توافق سياسي كبير.. 

 

هذه العلاقات تطورها مصر كي تستفيد وشعبها منها وليس للمكايدة مع قوي أو دول أخري.. ومع ذلك وفي الأزمة الأخيرة لم يتوقف الكثيرون عند موقف مصر التي لم تسحب رعاياها ولم تغلق سفارتها كما فعلت دول أخري بالضغط عليها أمريكيا وأروربيا للضغط علي روسيا ولم تعلن -طبعا- دعمها للعقوبات وكذلك رفضت منع سفن روسيا من العبور من قناة السويس وأغلقت هذا الملف بحسم!

بحث أسباب الصراع

 

مصر قبل ذلك أعلنت التزامها بصفقات مهمة مع روسيا رغما عن قانون "أصدقاء الولايات المتحدة" الذي يعاقب من يشتري أسلحة روسية وقد استندت أمريكا عليه في الأزمة الأمريكية التركية بسبب شراء الأخيرة لنظام الدفاع الجوي الروسي اس ٤٠٠!!   

 

كل الأسباب السابقة تبرر للموقف المصري بالموافقة علي قرار ليس له أي أثر علي الأرض ككل قرارات الجمعية العامة ليس لها إلا أثر أدبي! حيث سيفسر أي رفض مصري للقرار مع المواقف السابقة علي كونه دعما للحرب وإعلانا للتحالف الكامل مع روسيا والعداء لأمريكا وأوروبا! فهل ذلك يفيد مصر؟ 

 

الاتحاد الأوروبي قدم في ٢٠١٤ ولمدة ٨ سنوات ٣٤٠ مليون يورو لمشروعات مياه الشرب وحدها وقدم في ٢٠١٧ ما يقترب من مليار و٣٠٠ مليون يورو لـ ٢٥٠ مشروعا مهما في مصر وفي يونيو ٢٠٢٠ قدم ١١١ مليون يورو منح لمصر بإشراف الدكتورة رانيا المشاط وفي ٢٠٢١ ارتفع تمويل المشروعات من ٣٠٠ إلي ٥٠٠ مليون يورو فضلا عن ٤٠ مليار دولار حجم استثمارات دول الاتحاد الأوروبي في مصر!  وغيرها وغيرها فضلا عن عشرات الأصوات الداعمة أو المستهدف دعمها لمصر وللقضايا العربية في المنظمات الدولية وموقفها مختلف في أمور عديدة مع الولايات المتحدة.. فهل نحن مستعدون لخسارة كل ذلك؟! 

 

هل أحوال شعبنا التي تحتاج إلي كل قرش تتحمل سحب أو تخفيض كل ذلك؟!  كل ذلك بخلاف تعاون بنك الإعمار الأوروبي وأغلب نشاطه في مجال الصناعات الصغيرة والمتوسطة أما أمريكا فقد ربطتنا اقتصاديا بها الأنظمة السابقة وعلي مدار ٤٥ عاما بما لا يمكن التخلص منه في بضع أعوام؟!  

مصر صرح مندوبها بعد التصويت علي ضرورة بحث أسباب الصراع الأساسية وكأنها تقدم قرارا متوازنا خاصا بها!

 

 

كاتب هذه السطور أكثر المدافعين للعلاقات مع روسيا.. والأدلة موجودة بعشرات المقالات.. وكلها مواقف للصالح العام وللأسباب المشار إليها سابقا والتي تعني باختصار أنها صديق يعتمد عليه والتجارب تشهد.. لكن هذا لا يعني الاعتماد علي العاطفة والحماس وحدهما في تحديد أكثر القرارات حساسية وخطورة وفي مرحلة شديدة الصعوبة يقف الكثيرين فيها حولنا -وهو ينتظر إجهاض ما يجري- بين متربص ومتآمر ويرغبون في الانتقال إلي موقف الشامت وهو ما لن يتم أبدا بإذن الله! 

الجريدة الرسمية