رئيس التحرير
عصام كامل

إسرائيل فوق بركان.. نتنياهو يرفع شعار «أنا أو الفوضى».. ويعقد صفقات سرية للإفلات من السجن والعودة لرئاسة الحكومة

نتنياهو
نتنياهو

تشهد دولة الاحتلال “إسرائيل” فى الوقت الراهن حالة سياسية غير مسبوقة يتزعمها رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو الذى يأبى حتى اللحظة التسليم بخروجه من الحكم ولا يزال يراوده حلم العودة مجددًا لمنصب رئيس الحكومة؛ ولن يحدث ذلك إلى إذا نفض يديه تماما من القضايا المتورط فيها وأفلت من الحبس ومن أجل تحقيق مآربه يفتح “باب جهنم” على دولة الاحتلال، وفقا لمصادر عبرية.
صمت نتنياهو خلال الفترة الماضية كان ينبع من أمله فى التخلص من قضايا الفساد المتورط فيها وعدم الزج به فى السجن؛ حيث اكتفى خلال تلك الفترة بإجراء اتصالات سرية مع ممثلين من النيابة العامة الإسرائيلية بهدف التوصل إلى صفقة تمحو قضايا الفساد ضده وتمنع دخوله إلى السجن.

لقاءات سرية

وفى هذا الإطار -وفقا للمصادر العبرية- أجرى نتنياهو 5 لقاءات سرية نوقش خلالها عقد صفقة والتى جرت بمبادرة من محامى نتنياهو بهدف "إسقاط عقوبة السجن عن نتنياهو" و"حذف وصمة العار من ملفه" اللتين تعرقلان عودته للحكم مجددًا؛ غير أن وزارة العدل الإسرائيلية مصممة على سجنه فعليًا وإلصاق صفة العار به ونتنياهو من جهته يرفض حتى اللحظة التسليم بهذين الشرطين.

وفى الأيام الأخيرة، وصلت الاتصالات بين الأحزاب إلى مرحلة يكون التركيز فيها على قضية وصمة العار، وفرض هذا البند سيجعل نتنياهو بعيدًا عن الكنيست لمدة 7 سنوات، الأمر الذى من المحتمل أن ينهى مسيرته السياسية ويؤدى به إلى اعتزال السياسة وهذا ما يرفضه نتنياهو تمامًا، فضلًا عن أن عواقب هذا القرار على الكنيست ستكون غير مسبوقة.
وفى الوقت الذى تعتقد فيه النيابة العامة الإسرائيلية أن نتنياهو سيوقع على صفقة اعتزاله الحياة السياسية خلال أيام للإفلات من السجن تؤكد قنوات إخبارية عبرية أن فرص تحقق تلك الصفقة هى 50%، حيث يصر المستشار القضائى للحكومة أفيخاى ماندلبليت على أنه ينبغى أن يقبل نتنياهو بالشرطين، وهما اعتزال الحياة السياسية والقبول بصفة وصمة العار من خلال الإدانة بالاحتيال، وأن يظل عضوًا فى الكنيست إلى أن تحدد المحكمة عقوبته وتحكم عليه بالحبس مدة تتراوح بين 3 و6 أشهر، والتى سيتم تحويلها إلى خدمة المجتمع أي أنه فى النهاية لن يدخل الزنزانة بل سيخدم الجمهور.

تسونامي سياسي

وتشير التقارير العبرية إلى أن قرار نتنياهو الوشيك سيضرب مثل تسونامى فى النظام السياسى ويغير ميزان القوى فى الكنيست من البداية إلى النهاية وهذا ما يعول عليه نتنياهو من منطلق "إما أنا أو الفوضى"، ويرجع ذلك لوجود عدة سيناريوهات محتملة ستشهدها إسرائيل خلال الفترة المقبلة حال اعتزال نتنياهو الحياة السياسية.
أبرز تلك السيناريوهات هى أن استقالة نتنياهو من الحياة السياسية وخروجه من الكنيست الذى يحتل فيه مقعد المعارضة سيغير المصالح السياسية الحزبية التى تضم عناصر يمينية، وكذلك أعضاء من حزب الليكود الذى يتزعمه نتنياهو، وبالتالى فإن زعزعة الائتلاف الحكومى ستكون سريعة، مما يؤدى إلى انهيار حكومة نفتالى بينت الحالية والذهاب لانتخابات جديدة.
السيناريو الثانى هو أن استبدال الحكومة بدون انتخابات، بافتراض استقالة نتنياهو، ستجعل شخصيات بارزة فى الليكود مثل نير بركات ويسرائيل كاتس تضغط من أجل الانتخابات التمهيدية لقيادة الليكود، وبالتالى محاولة تشكيل ائتلاف جديد فى الكنيست الحالى.
أما السيناريو الثالث المتوقع فى إسرائيل هو تمكن الائتلاف الحكومى من النجاة من الاضطراب السياسى الناجم عن استقالة نتنياهو للحياة السياسية، وفى مثل هذه الحالة، تنتقل السلطة إلى الفصيل اليمينى فى الائتلاف، لأن الفصائل اليسارية تدرك أنها فى أي سيناريو آخر ستنتقل إلى المعارضة، ومن الأفضل لها البقاء فى الحكومة لفترة أطول حتى وإن كانت حكومة يمينية عن التخلى عن ملذات السلطة.
ليس ذلك فحسب، وإنما هناك مخاوف كبيرة داخل الاحتلال من فوضى غير مسبوقة وتظاهرات تملأ الشوارع تأكل الأخضر واليابس، خاصة بعد أن هددت جماعات يمينية موالية لنتنياهو بحرق إسرائيل من أجل إسقاط حكومة بينت وعودة نتنياهو للحكم، ويشمل ذلك إحراق مؤسسات عامة وخاصة، وإشعال النيران فى المحاكم والمراكز الشرطية، ومحطات الوقود، ما ينذر بكارثة لا يحمد عقباها فى إسرائيل.
وتقول التقارير الإسرائيلية إن العلاقة بين الحكومة والمعارضة أصبحت لا تطاق فى إسرائيل، وهذه المرة هى مواجهة مستمرة، يتم فيها استخدام الأيديولوجيا والإجراءات بالتبادل، مما يضعف إلى حد كبير عمل الكنيست.
وأوضحت التقارير أن هناك طريقة منظمة للتعامل مع مثل هذه الحالات، وهى: تنفيذ التعديل الثامن لقانون الكنيست، الفصل السادس، البند 13، والذى ينص على أن "على رئيس الوزراء الإسرائيلى (نفتالى بينت)، عند الضرورة، وعلى الأقل مرة واحدة فى الشهر، يجب عليه استدعاء زعيم المعارضة (نتنياهو)، وإطلاعه على شئون الدولة"، وعدم دعوة رئيس المعارضة انتهاك للقانون لذا ينبغى على بينت استدعاء نتنياهو.

عداء متبادل

وتضيف أن هناك الكثير من التوتر والعداء بين بينيت ونتنياهو، رغم أن نتنياهو هو الذى عرض على بينيت التناوب على رئاسة الوزراء. يجب أن يلتقى الاثنان ويغلقان القضية البرلمانية بينهما حتى يعمل النظام بشكل صحيح. يجب على بينيت أن يقترب من نتنياهو عندما يتعلق الأمر بدمج المعارضة فى لجان الكنيست، ويتعين على نتنياهو أن يأمر زملائه بإغلاق أفواههم داخل البرلمان. علمًا أنه لن يكون أي منهما قادرًا على التباهى فى المستقبل باستمرار الوضع الحالى.
وأكدت مصادر لـ«فيتو» أنه بعد أن قرر عدد من وزراء حكومة الاحتلال إعادة فتح ملف فساد صفقة الغواصات الألمانية، وهو ملف تم إغلاقه بعد عقد جلسة مغلقة مع المستشار القضائى لدولة الاحتلال مندلبيلنت، وذلك لاحتواء الملف لقضايا تمس الأمن العام، وخشية أن تتراجع ألمانيا عن تنفيذ الصفقة، فإن وزراء من حكومة بينت وعلى رأسهم وزير الحرب بينى جانتس طالب بتشكيل لجنة تحقيق من الحكومة، وهذا الأمر لن يصبح نافذا إلا إذا وافقت الحكومة عليه، وهناك اعتقاد أن رئيس حكومة الاحتلال نفتالى بينيت سيعوق هذا القرار.
وأضافت المصادر أن نتنياهو يسعى للإفلات من ملفات الفساد المتعددة، والتى بمجملها استلام هدايا ورشاوى واستغلال نفوذ، ويطمح من كسب الوقت فى التأجيل لتغير المستشار القضائى وسقوط حكومة نفتالى بينيت وعودته لرئاسة الوزراء، خاصة أن استطلاعات الرأى حتى الآن تعطى تقدما لحزب الليكود حزب نتنياهو.
وتابعت بأنه إذا أفلت نتنياهو من المحاكمة بملفات الفساد فهو الأقرب لقيادة الحكومة الإسرائيلية القادمة، وهناك سيناريو يدور فى الخفاء وهو عقد صفقة مع النيابة بالاعتراف بالذنب وإعادة الأموال واعتزال الحياة السياسية، وكمحللين نرى أن هذه الخطوة لا يقبل بها نتنياهو الذى يُصر على عودته لرئاسة الوزراء والإفلات من كل التهم التى توجه له حيث إنه لم يعترف بأى منها حتى الآن.
وخلصت إلى أن الائتلاف الحكومى الإسرائيلى الحالى هو ائتلاف هش حيث يضم أقصى اليمين وأقصى اليسار مع مشاركة عربية لأول مرة، وتوجد قضايا كثيرة كفيلة بتفجر هذا الائتلاف من ضمنها ما اتفقت عليه القائمة العربية الموحدة التى يقودها منصور عباس وأقطاب الائتلاف، ولم يتم تنفيذ أي منها حتى الآن، لذلك نتنياهو يراهن على انهيار الحكومة الحالية، وسيقدم بصفته رئيس المعارضة قرارات للكنيست ليحرج أعضاء الائتلاف من ضمنه قانون التجنيد والذى يفرض على المتدينين اليهود والعرب الخدمة فى جيش الاحتلال، وهذا القانون سيحرج حزبى: “يمينا” الذى يقوده نفتالى بينت و"القائمة العربية الموحدة".

نقلًا عن العدد الورقي…

الجريدة الرسمية