رئيس التحرير
عصام كامل

الدولة ليست تاجرا !

بمنطق التجار لا يجب أن يحصل مواطن على سلعة أو خدمة بأقل من سعرها الحقيقى، أى السعر الذى يفوق قيمة تكلفتها ويحقق أيضا هامش ربح.. وبالتالى يتعين على المواطنين أن يدفعوا ثمن ما يستهلكون من سلع وخدمات وإلا تعذر تقديم هذه السلع والخدمات لهم.. لكن الدول منذ نشأتها لا تدار بمنطق التجار وحدهم.. ولذلك وفرت بعض الدول سلعا وخدمات لمواطنيها بأقل من قيمة تكلفتها وأحيانا مجانا، مثلما فعلت دول بالنسبة لخدمة التعليم.. كما ابتدعت دول أخرى نظام الدعم الذى تقدمه للمواطنين، أحيانا في شكل سلعى، وأحيانا أخرى في شكل نقدى .. 

 

ولعلنا نحتاج أن ندرك ذلك بوضوح وعن قناعة ونحن نمضى في تنفيذ إصلاح اقتصادى هيكلى شامل وليس إصلاحا ماليا ونقديا فقط.. فإذا كان الهدف الذى تنشده الدول في نهاية المطاف هو توفير الحياة الكريمة لمواطنيها فإن ذلك لن يتحقق بنهج التجار الذين لا يعنيهم فقط سوى تحقيق الربح، بل تحقيق أكبر ربح ممكن استنادا إلى أن عشرة أعشار الربح في التجارة.. وإنما تتحقق الحياة الكريمة في إدراك أن كل فعل اقتصادى تتخذه الدول يجب أن يفضى دوما إلى تحسين جودة حياة المواطنين، من خلال زيادة قدراتهم على استهلاك مزيد من السلع الأساسية وغير الأساسية وتوفير مزيد من الخدمات المهمة لهم..

 

 

إن إدراك ذلك سوف ينعكس بالضرورة على طريقة وأسلوب معالجتنا لقضايا وأمور اقتصادية واجتماعية عديدة مثل الدعم وتحديد أسعار الخدمات الأساسية ورسوم الحصول على بعضها، وأيضا تحديد نظم الضرائب والأجور، فضلا عن مراجعة تكلفة ما تقدمه من خدمات وسلع للمواطنين لتخفيضها وترشيدها إلى أقصى حد.. والأهم سوف يمكن ذلك الدولة من أن تكون أكثر عدلا.. بينما منطق التاجر لا يحقق العدل الذى لا غنى عنه في أى مجتمع ينشد الإستقرار والآمان ويتطلع للنهوض والتقدم إلى الأمام.. وهذا ما تنطق به تجربة بعض الدول حتى وهى تنهج سياسة اقتصاد السوق.

الجريدة الرسمية