رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

ماذا جرى للناس؟

وكأن العام يأبي أن ينقضي إلا وتتكرر مشاهد القسوة المفرطة، بل الإجرام المتواصل من فئة من الآباء معدومي الضمير والانسانية، تجاه فلذات أكبادهم، إذ انتشر مقطع فيديو صادم عبر شبكة الإنترنت، لطفل صغير لا يتجاوز عمره السبعة أعوام، وهو يزحف فى أحد شوارع الدقهلية، تكبل  أقدامه سلاسل حديدية غليظة "جنزير"، وهو يحاول الفكاك منها، فيما يظهر فى الفيديو أحد الأشخاص وهو يحاول مساعدته بفك هذا الجنزير، بشتى الطرق، كما تدخل آخرين فى محاولة لقطع الرباط الحديدي بمنشار أو بأي آلة حادة.

 

قسوة مفرطة

 

وفي رواية الصحف حول دوافع هذا العنف وتلك القسوة، يتبين أن الأم انفصلت عن والد الطفل منذ ثلاثة أعوام، وتنازلت عن حضانته لأبيه، وذهبت إلى حال سبيلها، بينما ظل قلب طفلها معلقا بها، فحاول الهرب أكثر من مرة للذهاب إليها، وفى تلك المرة آثر الأب غليظ القلب، أن يقيد طفله الصغير بهذا الجنزير من مفصل قدميه من الأسفل مثل عبيد القرون الوسطى، فى سادية مفرطة تناسي معها أنه يفعل هذا بقطعة من قلبه تمشي على الأرض.

 

ماذا لو أصاب هذا الصغير مكروها وهو وحده فى المنزل، كأن يندلع حريق مثلا، وكيف يقضي حاجته، بل كيف ينسى هذا المشهد من الأساس، وقد حُفر في ذاكرته إلى الأبد.

 

أتذكر منذ أشهر عديدة، حين تم العثور على فتاة صغيرة، حبسها والدها فى منزل مهجور لمدة ثلاثة أعوام، فى حجرة مقفرة قذرة تتعايش بها الحشرات، مخافة ان تتركه وتذهب إلى أمها المنفصلة عنه، ولولا عناية الله، وسماع الجيران أصوات وهمهمات الصغيرة وتدخلهم لإبلاغ السلطات وانقاذها، لظلت فى هذا القبو المقفر إلى ما شاء الله.

 

جف اللسان فى القول بضرورة حسن الاعتناء بتلك البراعم والرفق بهم، وتجنب غرس نصال الألم فى قلوبهم منذ الصغر، ولذا أتمنى أن يكون هناك قانون، يلزم أى زوجين يفكران في الانفصال ولهما أطفال صغار، بسداد مبلغ مالي كبير، يذهب إلى صندوق لرعاية هؤلاء الصغار، على أن تكون الحصص المالية بهذا الصندوق مسجلة باسم أصحابها للإنفاق عليهم والاعتناء بهم، حال تخلى الوالدين عنهما أو مخافة تعرضهم للضياع، أو وقوعهم تحت وطأة العنف والقسوة المفرطة.

 

 

وحتما أمام هذه الغرامة المالية الكبيرة، ربما يراجع كل من يفكر في الانفصال لأسباب واهية، أو يمكن علاجها، بنفسه، قبل اللجوء إلى خيار الطلاق السهل بالنسبة للبعض، ففقد المال يؤلم غلاظ القلوب أكثر من فقدهم فلذات الأكباد.. أتمنى عقوبة رادعة حامية لتلك البراعم الصغيرة التى لا ذنب لها فى هذه الدنيا سوى أب وأم مجردان من الإنسانية.

Advertisements
الجريدة الرسمية