رئيس التحرير
عصام كامل

كيف دعا الإسلام إلى الحفاظ على حقوق الإنسان؟

الدكتور محمد شامة
الدكتور محمد شامة

يحتفل العالم فى هذه الأيام بالعيد العالمي لحقوق الإنسان ومنها حق الإنسان فى العيش بكرامة مع مراعاة جميع حقوقه من ملبس ومسكن ومعيشة وكفالة حريته، وإذا كان الغرب يتبنى اليوم الدعوة الى   حقوق الانسان  فإن الإسلام منذ حمل رسالته رسول الله، حافظ على كرامة الإنسان فى أى مكان.


ويقول الدكتور  محمد  عبد الغنى شامة أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر: 

 

إن الإسلام رفع مكانة الإنسان واعترف بجميع العناصر التي يتكون منها، سواء كانت مادية أو روحية، ولم يفرض عليه من العبادات ما يرفع به نفسه وروحه ويهمل بدنه وجسمه كما في بعض الأديان، ولم يتركه مطلق العنان في مجال إشباع الغرائز حتى لا يدمر نفسه، بل اعترف بروحه وجسده، ففرض عليه من العبادات ما يصفي هذه الروح من الشوائب، وينقيها من الآثام، ويطهرها من الرجس، ويبعدها عن موطن الموبقات، ويحول بينها وبين الانحدار الأخلاقي، وفي الوقت نفسه لم يمنعه من إشباع غرائزه، سواء كانت من الطعام والشراب، أو كانت تتعلق بمباشرة الاتصال النوعي، ما دام ذلك في الإطار العام الذي رسمه لحياة الإنسان.

 

حقوق الانسان فى الاسلام 

هذه النظرة الإسلامية الشاملة إلى الإنسان ترفع من شأنه، وتؤكد أن الذي خلق الإنسان في أحسن صورة، فرض عليه الأحكام التي تصلحه جسمانيًا ونفسيًا، وتعود عليه بالسعادة بدنيًا وروحيًا، فالإسلام لا يعذب الإنسان بحرمان جسدي، ولا يثقل كاهله بواجبات دينية، بل هو يعترف بالكيان الإنساني كله ولا يغفل جانبا أو حقا وهو يقرر للإنسان حقوقه.

 

لقد تعددت وتنوعت الحقوق التي كفلها الإسلام للإنسان، فقد أمره أولا بالسعي في الأرض ليأكل من طيباتها، ويستمتع بما فيها، وما يمكنه أن يستخرجه منها، كما حثه على النظافة والتجميل، بشرط الاعتدال في ذلك كله، ونهاه عما يضره بدنيا، فحرم عليه المسكرات بجميع أنواعها حتى لا يضر جسمه فيعجز عن القيام بما تفرضه عليه حياته.

 

وأمر الخالق الإنسان بعبادة الله وحده، ففرض عليه أنواعا من الطاعات مثل: الصلاة والصيام والزكاة والحج، وحثه على الالتزام بكل ما يقربه إلى ربه، من ذكر ودعاء وتوكل وخوف ورجاء وبر وإحسان وغير ذلك مما يقرب العبد من خالقه.


كما حث الإسلام الإنسان على التأمل في ملكوت السماوات والأرض وما بينهما من مخلوقات، والتفكير في مصائر الأمم وسنن الله في المجتمعات، فلم يحرم عليه العلم ومعرفة الحكمة مهما كان مصدرها، بل أنكر عليه الجمود والتقليد للآباء والكبراء، وما ذاك إلا ليدفعه إلى ممارسة شؤون الحياة على نحو يحقق له السعادة والاستقرار.

 

فإنسانية الإنسان مقدمة لكل الحقوق فلا تهدر ولا تهان. فإذا تقرر هذا لدى ضمير المجتمعات الإنسانية، وحافظت عليه الحكومات، اعترف به دعاة المذاهب والاتجاهات الفكرية، وآمن به كل فرد إيمانًا راسخًا، بحيث يكون مستعدا للدفاع عنه، ولاختفت ظواهر الظلم ومعالم الاستغلال من المجتمعات البشرية، فلا ينال أحد أكثر مما يستحق، ولا يحرم إنسان من حقوقه على نحو يحفظ عليه إنسانيته وكرامته، ويومئذ يشعر المرء بالأمن والأمان، والاطمئنان والاستقرار، وذلك ما تهدف التعاليم الإسلامية إلى تحقيقه للإنسان في الدنيا، فضلًا عن مجازاته في الآخرة على حسن عمله في دنياه قال تعالى: "فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين".
 

الجريدة الرسمية