رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

ضرورة الإستفادة منها

تحويلات المصريين بالخارج تحقق رقما قياسيا

شهدت تحويلات المصريين العاملين بالخارج تطورات قياسية خلال السنوات الخمس الماضية وبلغت ذروتها السنة المالية 2020 / 2021، وأعلن البنك المركزى أن البيانات الأولية أظهرت ارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال السنة المالية 2020 / 2021 والتي كشفت بيانات إيجابية. حيث ‏‏‏ارتفاع التحويلات بمعدل 13.2%‏ بنحو 3.7 مليار دولار. 

وذكر أن التحويلات حققت أعلى مستوى تاريخى لها مسجلة نحو 31.4 مليار دولار خلال العام المالي 2020 / 2021، مقابل نحو 27.8 مليار دولار خلال العام المالي 2019 / 2020. وارتفعت قيمة التحويلات خلال الفترة من شهر أبريل وحتى يونيو من العام الحالي بمعدل 29.6% لتسجل نحو 8.1 مليار دولار. كما ارتفعت التحويلات خلال شهر يونيو فقط بمعدل سنوي بلغ 15.5% لتسجل نحو 2.9 مليار دولار.

 

وبالطبع جاءت الطفرة في هذه التحويلات منذ تم اعتماد السياسات التي تبناها البنك المركزي المصري في أول نوفمبر من العام 2016 بتحرير سعر الصرف الذي أدى إلى إدخال السيولة الدولارية الواردة من الخارج إلى السوق الرسمية وخزائن البنوك. حيث تسبب وقف تجارة العملة وعمليات الدولرة في أن تتجه تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى المصارف الرسمية، ما دفعها إلى تسجيل مستويات قياسية وتاريخية. دفع هذا القرار سعر صرف الدولار في السوق الرسمية إلى مستويات واقترب من 20 جنيهًا مقابل نحو 8.88 جنيهًا قبل التعويم. استقطبت الجهات والمصارف الرسمية الحصة الأكبر من إجمالي السيولة الدولارية والعملة الصعبة الواردة من الخارج.

 

تحويلات العاملين بالخارج

 

وتشير البيانات والأرقام إلى ارتفاع كبير في تحويلات المصريين العاملين بالخارج منذ العام 2017 وحتى الآن. حيث ارتفعت من مستوى 18.7 مليار دولار خلال العام المالي 2016 / 2017 إلى نحو 24.7 مليار دولار خلال العام المالي 2017 / 2018، لتصعد إلى نحو 25.5 مليار دولار خلال العام المالي 2018 / 2019، وواصلت الارتفاع إلى نحو 27.8 مليار دولار خلال العام المالي 2019 / 2020، لتقفز إلى مستوى 31.4 مليار دولار خلال العام المالي 2020 / 2021 ليصل إجمالي التحويلات خلال السنوات الخمس الماضية إلى نحو 128.1 مليار دولار. ووفق هذه الأرقام فقد ارتفعت تحويلات المصريين بنسبة 68% خلال السنوات الخمس الماضية مضيفة نحو 12.7 مليار دولار وذلك بعدما قفزت من مستوى 18.7 مليار دولار إلى نحو 31.4 مليار دولار.

 

وتشير التقديرات غير الرسمية، إلى أن السوق السوداء للعملة كانت تسيطر على ما يقرب من 60% من إجمالي التعاملات بالدولار قبل التعويم، وهو ما تسبب في خسائر عنيفة وكبيرة للبنوك التي ابتعد عنها المتعاملون في ظل أسعار صرف كبيرة في السوق السوداء مقارنة بالأسعار التي تطرحها البنوك. لكن مع إحكام الرقابة على سوق الصرف وترك الدولار للعرض والطلب والسيطرة على الواردات وتقنينها بالتعاون بين البنك المركزي المصري ووزارة التجارة والصناعة، استقر الطلب على العملة الصعبة وزاد المعروض الدولاري في البنوك ما تسبب في أن يهوي سعر صرف الدولار إلى متوسط 15.60 جنيهًا في الوقت الحالي.

 

ويشير المسح القومى للهجرة الذى أجراه الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، إلى أن 86% من الأسر التى استقبلت تحويلات نقدية من ذويهم فى الخارج قد استخدمتها فى تمويل نفقات المعيشة اليومية للأسرة (شراء أغذية وملابس وسلع للأسرة) و44% لدفع مصاريف مدرسية لأعضاء الأسرة ونحو 30% لدفع نفقات العلاج. وكلها أمور أسهمت في زيادة الإستهلاك والذى كان المحرك الأساسى للنمو خلال الفترة الحالية، كما أسهمت في تحسين مستويات معيشة الأسرة وبالتالى الحيلولة دون وقوعهم فى براثن الفقر.

 

استغلال الأموال

 

ورغم هذه الآثار الإيجابية فإننا نستطيع القول دون أدنى تجاوز للحقيقة إن هناك إمكانات كثيرة للاستفادة الأكثر من هذه الأموال وهو ما لن يتحقق إلا بتحويل اهتمامنا من الاستهلاك إلى الاستثمار المنتج. الأمر الذى يتطلب بالضرورة إيجاد كيانات استثمارية مناسبة تتمكن من جذب هذه الأموال، فعلى الرغم من الحديث عن تشجيع المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر فإنها لم تتحول بعد الى سياسات محددة، رغم صدور القانون رقم 152 لسنة 2020 بشأن هذه المشروعات خاصة فيما يتعلق بالمزايا الضريبية والجمركية، وكذلك قانون تنظيم وتشجيع عمل وحدات الطعام المتنقلة. كما انها، وهذا هو الأهم، لم تتجه إلى المناطق الريفية، ومازالت كل السياسات والإجراءات المطبقة حتى الآن تركز على القاهرة الكبرى وبعض المدن الأخرى.

 

ونستطيع أن نؤكد أن هذه الأموال لم تستغل الاستغلال الأمثل وهي جزء من منظومة أكبر لا تستغل الإستغلال الأمثل وهي منظومة الأموال المودعة بالبنوك من مدخرات المصريين، حيث سجلت ودائع البنوك العاملة فى السوق المحلية المصرية، مستوى قياسيًا يقدر بنحو 5.374 تريليون جنيه، للمرة الأولى فى تاريخ البنوك المصرية، وذلك فى نهاية شهر فبراير 2021، مقارنة بـ4.701 تريليون جنيه، فى نهاية يونيو 2020، بزيادة قدرها نحو 673 مليار جنيه في 8 أشهر. 

 

 

وهذه الأموال المهولة لا تستغل في إنشاء المصانع وتحقيق الإكتفاء الذاتي من المنتجات التي نستوردها ثم التحول للتصدير ولا زالت الدولة في إنتظار مستثمرين من الخارج، ولا أدري لماذا ننتظر المستثمر ونحن لدينا المال والأرض والأيدي العالمة والخامات ولا يبقى سوى إنشاء المصنع الذي سيدر العوائد الاقتصادية العالية على الشعب المصري..

ويتحول الإقتصاد من إقتصاد ريعي إلى إقتصاد إنتاجي، لكن الدولة ستظل تنتظر المستثمر الأجنبي ليتعطف علينا بإنشاء مصنع شيبسي أو فيشار! وتترك الدولة أموال المصريين في الخارج والداخل دون إستفادة حقيقية؛ مما يجعل البعض يتجه إلى شركات النصب وتوظيف الأموال، فالبعض يدخل فى هذه العملية بدافع إستغلال مدخراته والمشاركة في التجارة في سلعة ما أو في تقديم خدمة معينة للجمهور وغيرها من الأمور الاستثمارية، مقابل الحصول على عائد مجز يمكنه من مواجهة سبل العيش والحياة.

Advertisements
الجريدة الرسمية