رئيس التحرير
عصام كامل

رقائق الألومنيوم وحلم احتكار مصر لها عالميا

في أحدث تقرير اقتصادي لمجلس الوزراء نشر المركز الإعلامي للمجلس تقريرا أراه مبشرا، وأرى وجوب الوقوف عنده وتحليل ما جاء به من مؤشرات، لأن ذلك سينعكس إيجابيا على طريقة التعامل الاقتصادي الداخلي والخارجي، فمثلا في ظل أزمة كورونا وضغطها على اقتصاديات العالم وخروج بعض هذه الاقتصاديات من المنافسة، وما يلاقيه العالم من أزمات في التصدير أو الاستيراد نجد أن الحال في مصر مغاير عن تلك الأزمات..

 

فقد أظهر التقرير القفزة الكبيرة التي شهدتها الصادرات المصرية بعد صمودها أمام أزمة التجارة العالمية، لافتًا إلى تحسن وضع التجارة الخارجية المصرية خلال عام 2020/2021 مقارنة بعام 2019/2020، حيث زادت قيمة الصادرات بنسبة 18.2%، مسجلة 34.4 مليار دولار عام 2020/2021 مقارنة بـ 29.1مليار دولار عام 2019/2020. كما تراجعت قيمة عجز الميزان التجاري بنسبة 6.7%، حيث سجلت 41.6 مليار دولار عام 2020/2021 مقارنة بـ 44.6 مليار دولار عام 2019/2020.

 

 

وأشار التقرير إلى أن هناك قفزة كبيرة في قيمة الصادرات المصرية خلال الـ 7 أشهر الأولى من عام 2021، حيث زادت بنسبة 35.5%، بعدما سجلت 22.5 مليار دولار، وذلك مقارنة بـ 16.6 مليار دولار في السبع أشهر الأولى من 2020. هذا وقد رصد التقرير، أكبر 5 دول مستوردة من مصر خلال عام 2020/2021، وهي السعودية، والإمارات، وأمريكا، وتركيا، والهند. وأوضح التقرير التوزيع النسبي للدول المستوردة من مصر خلال عام 2020/2021، حيث تستحوذ السعودية على 6.4% من حجم الصادرات، والإمارات 6%، وأمريكا 5.9%، وتركيا 5.6%، والهند 5.5%، بينما تستحوذ باقي دول العالم على 70.6%.

   

قفزة فى الصادرات 

 

وتناول التقرير الحديث عن الميزة التنافسية لأبرز الصادرات المصرية في الأسواق العالمية، مستعرضًا السلع المصرية التي احتلت فيها مصر مراكز متقدمة بين صادرات دول العالم لعام 2020، حيث جاءت صادرات المساحيق والرقائق من الألومنيوم في المركز الأول عالميًا. وجاءت القفزة في تصدير رقائق الألومنيوم بصورة مفاجئة وغريبة،  ويصل عدد شركات إنتاج منتجات الألومنيوم في مصر، إلى نحو 15 شركة تنتج الرقائق ومنتجات الشباك والباب، و5 شركات تنتج أسلاك الاتصالات والانترنت، ونحو ألفي شركة تنتج الأواني المنزلية من الألومنيوم تتوزع ما بين ميت غمر والصعيد.

 

وقبل سنة كانت هذه الشركات في معاناة ضخمة من كثرة الإنتاج مع قلة التوزيع بسبب إغراق السوق بمنتجات مستوردة، حتى قررت وزارة التجارة والصناعة فرض تدابير ورسوم وقائية نهائية على واردات منتجات الألومنيوم، بهدف حماية الصناعة المحلية، وتعد شركة مصر للألومنيوم التابعة لقطاع الأعمال العام والتي تأسست في 1972، هي المحتكر لصناعة الألومنيوم الخام في مصر، حيث تعمل في إنتاج وتصنيع وتسويق وتوزيع معدن الألومنيوم وخاماته ومستلزماته، وسبائكه ومشتقاته، في السوق المحلي، بالإضافة إلى التصدير. 

 

تصنيع رقائق الألومنيوم

 

 فقد كان الإنتاج المصري من رقائق الألومنيوم مكدس في المخازن بسبب منافسة إنتاج الصين وروسيا وكندا لمصر، والاستيراد من هذه الدول، لكن حدث ما قلب المعادلة لصالح الشركات المصرية، فمن المعلوم أن صناعة الألومنيوم تعتمد عالميا على استخراج وصناعة معدن خام يسمى البوكسيت، حيث لا يوجد خام في باطن الأرض معدن يسمى الألومنيوم، ويعد خام البوكسيت هو ثالث أكثر المعادن وفرة في القشرة الأرضية، وتعتمد عدد كبير من الصناعات على الألومنيوم كعنصر رئيسي من عناصر الإنتاج. 

 

ويصل الاحتياطي العالمي من خام البوكسيت إلي نحو 29.8 مليار طن عام 2017، موزعة بين عدة دول وهي غينيا بواقع 7.4 مليار طن، يليها استراليا بواقع 6 مليار طن، ثم فيتنام بواقع 3.7 مليار طن، والبرازيل بنحو 2.6 مليار طن، وجاميكا بواقع 2 مليار طن، واندونيسيا بواقع مليار طن، و7.1 مليار طن موزعة بين عدة دول أخري.

 

وتنتج الصين لأكثر من 50% من الإنتاج العالمي للألومنيوم، يليها روسيا بنسبة 6%، ثم كندا بنسبة 5.4%، وقد كانت دولة غينيا هي المصدر الأساس لإنتاج الألومنيوم الصيني والروسي الذي يغزو العالم، لكن بعد الانقلاب العسكرى فى غينيا، ارتفعت أسعار أسهم الألومنيوم فى العالم، وتم تداول الألمنيوم بالقرب من أعلى مستوياته منذ عام 2011. فاهتزت صناعة الألومنيوم العالمية، وحذر المحللون من الاضطرابات المحتملة، ووصلت أسعار شحنات البوكسيت الغينية إلى الصين- أكبر زبائنها- إلى أعلى مستوى لها فى 18 شهرًا.

 

 البحث عن البوكسيت

 

وفى سياق متصل، هددت شركة روسال الروسية، وهى واحدة من أكبر منتجى الألومنيوم فى العالم، بإجلاء عمالها من غينيا، فى الوقت الذى بلغت فيه تكلفة الألومنيوم أعلى مستوياتها فى 10 سنوات. وقال آلان كلارك، محلل البوكسيت الأسترالى لصحيفة واشنطن بوست: «يمكن أن تؤدى حالة عدم اليقين فى غينيا إلى ضغط التكلفة على سلسلة القيمة لأى شيء يحتوى على الألومنيوم الأساسى. وفى النهاية المستهلك يدفع أكثر». 

 

وبسبب هذه الاضطرابات وارتفاع السعر للخام الأساس البوكسيت لإنتاج الألومنيوم مع أزمة كورونا وأزمة الطاقة توقفت الكثير من المصانع في الصين وروسيا عن إنتاج الرقائق والمساحيق الخاصة بالألومنيوم، وتكالب السوق العالمي على المنتج المصري الذي كان مكوما في المخازن، وهذا الأمر يستدعي من القائمين على الصناعة أن يقوموا بدورهم في البحث عن خام البوكسيت في مصر وتوفير البديل له لإنتاج الألومنيوم تاما في مصر واحتكار هذه الصناعة عالميا. 

 

أبرز الصادرات المصرية

 

وقد أظهر التقرير الاقتصادي لمجلس الوزراء أنه قد جاءت في المركز الثاني عالميا من ناحية الصادرات المصرية صادرات كل من السجاد وأغطية الأرضيات من مواد نسيجية معقودة، والخيوط من الشعيرات الاصطناعية أو التركيبية للبيع بالتجزئة، بينما جاءت صادرات بلاط السيراميك المزجج في المركز الثالث عالميًا. 

 

وأظهر التقرير أن المركز الرابع عالميًا احتلته صادرات كل من فوسفات الكالسيوم وفوسفات ألومنيوم كلسي وطباشير فوسفاتي، والأسمدة الفوسفاتية، والخضروات المحفوظة مؤقتًا، وخيوط للخياطة من ألياف تركيبية أو اصطناعية غير مستمرة، والمواسير والأنابيب الخزفية. فيما شغلت الطوابع البريدية والمالية غير المستخدمة والنقود الورقية ودفاتر الشيكات المركز الخامس عالميًا، بينما احتلت المركز السادس عالميًا صادرات كل من النباتات المستخدمة في صناعة العطور والأدوية والمبيدات الحشرية، وألكايل بنزينات نفتالينات مخلوطة، والكتان الخام أو المعالج، والأسلاك الشائكة من الحديد أو الصلب. 

وفي المقال القادم إن شاء الله نستكمل استعراض التقرير المهم جدا.

الجريدة الرسمية