رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

إجازة مفتوحة.. دراما الوعي

مرة أخرى يثبت العمل الدرامي الناجح أنه ليس بحاجة إلى سوق عرض مزدحمة، لحد التخمة، كما يحدث سنويا كل رمضان. ففي العام الماضي شاهدنا قوت القلوب للمخرج الكبير مجدي أبو عميرة، وشاهدنا جمال الحريم للمبدعة منال الصيفي، خارج السوق الرمضانية، وعلى مدى ٤٠حلقة حتى الآن، بدأت من أكتوبر، نتابع ونستمتع بالعمل الدرامي إجازة مفتوحة، نصا وأداءا وإخراجا وموسيقى تصويرية للمتجدد محمود طلعت. 

إجازة مفتوحة كتبه أحمد محمود أبو زيد وأخرجه بروح حلوة محلقة متفائلة رغم كم الكوارث العائلية بالنص، المخرج محمد عبد الرحمن حماقي. البطولة لشريف منير ولقاء الخميس ودينا ماهر وبالطبع سيدة المسرح المصري سميحة أيوب ومعها القدير سامي مغاوري. مع هؤلاء نجمان خفيفا الظل، لهما حضور مشع وراق، مراد مكرم، وهشام إسماعيل.

يقدم هذا النص الحرفي الممتع دراما العائلة المصرية المعاصرة، من الطبقة فوق المتوسطة، وهو يقدمها بلا مبالغة، فهي بالفعل تملك المقومات المالية للعيش في كمباوند، وبالتالي فالديكورات والفرش والأثاث يتسق وامكانيات العائلات الثلاث الرئيسية، عائلة شريف، وعائلة سميح، وعائلة فطين. ماهي القضايا التي تناولها النص الدرامي بأناقة وخفة دم وعمق إنساني ولطف جعل الفرجة متعة دون حذق، ودون امساك ودون فذلكة!

عمل اجتماعي راقي

 

قدمت دراما إجازة مفتوحة مشكلات الأبناء الذين اختطفهم النت والعالم الوهمي والبلاي ستيشن. قدم الزوجة الجامحة في عملها الطموحة للترقي على حساب الأسرة، وإن كانت ساندت زوجها في بطالته.. لكنه قام بأعمال البيت من كنس ومسح وطبخ.. فعايرته من وقت لآخر بأنها تنفق.. قدم النص الدرامي قضية الغيرة الزوجية والإسراف فيها وسوء الفهم بين الأزواج. قدم النص نموذجا في فنون ادارة الخلافات والتحكم في الذات العصبية، بسلاسة كان الدكتور أحمد طايع نموذجا في التعامل الراقي مع أنثى نارية شرسة قدمتها بحلاوة وطلاوة دينا ماهر.. ومن أفضل ما قدمه المسلسل صورة الرجل الصعيدي الشهم الغيور محمد العمروسي، زودها حبتين، لكنه رجل بمعنى الكلمة، وكان الأداء رفيع المستوى.

التفكك الأسري لم يتحول إلى ملطمة وحائط مبكي، بل تحول إلى اجتهاد لرأب الصدع والبحث عن حلول، وعكس الحوار المكتوب بحب وأناقة روح التسامح والبناء، وهكذا جاءت حوارات سميحة ايوب وشريف منير بمثابة تنوير وتوعية لأفراد البيت المصري المتابعين. لا سحن إجرامية، ولا سكاكين وسيوف وسواطير، ولا مدافع رشاشة، ولا عبط مستورد من بيئة لا تناسبنا..

هذا النوع من الدراما الاجتماعية يخدم عملية الإصلاح الاجتماعي المنشود، ويعيد للمجتمع لغة الحوار والتسامح، بدلا من لغة الترويع والتمثيل بالقيم وإهدار مكانتها في الوعي العام. ما أحوجنا إلى المزيد من هذه الأعمال التى تضئ النفوس، وتمتع الوجدان، وتملأ الناس بحب الخير، وعدم اليأس. كلهم نجوم محمد العمروسي، وملك قورة ومريم قورة وألفت عمر ومؤمن نور، دكتور أحمد طايع.. ونور محمود طليق حنان.. وطبعا كريم أبو زيد..

الموسم خارج رمضان يحتاج إلى المزيد من الأعمال الاجتماعية الراقي.. ننتظر بشغف كبار المخرجين.. فهم ببيوتهم يتعجبون.. يتعجبون !

Advertisements
الجريدة الرسمية