رئيس التحرير
عصام كامل

500 مليار جنيه هدية للحكومة لحل كثافة الفصول

أتذكر دائما مقولة شيمون بيريز رئيس إسرائيل الأسبق: "إذا كانت الدول القريبة منا تكرس الدين الإسلامي وتملك الثروات الطبيعية والبترولية فإننا نستطيع أن نحسم الصراع لصالح إسرائيل عن طريق التعليم، وعن طريق الثروة البشرية التي نملكها وإتاحة التعليم الجامعي لكل فتى وفتاة في إسرائيل".. ونحن نقترب عندنا من ضرب مجانية التعليم في مقتل رغم أن التعليم قضية أمن قومى.. المهم أن الكثافة العالية للفصول في المدارس الحكومية على وجه الخصوص مشكلة كبرى تفاقمت حدتها هذا العام، ووصل الأمر إلى جلوس أكثر من 3 طلاب على المقعد الواحد في بعض الفصول ونحن في زمن كورونا!

هذا الوضع لاينفع معه أى إجراءات احترازية أو حتى إتمام عملية تعليمية "عرجاء" مما يجعلنا جميعا نفكر في حلول سريعة لا تحتمل التأخير، من جهته قال الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم إنه  يحتاج  150 مليار جنيه لبناء فصول تكفي لحل الأزمة، وهذا غير متاح في الدولة الآن!

طبعا عرض الوزير بعض الحلول المؤقتة منها العودة لنظام الفترتين أو الثلاث فترات أو نظام الـ 3 تيرمات بدل تيرمين في العام الدراسي. وهو ما ثبت عدم فاعليته من قبل لتقليل الزمن اللازم للعملية التعليمية. كما اقترح  الوزير اللجوء إلى الفصول الذكية المتنقلة سريعة التجهيز التي لا تحتاج إلى خرسانات وهى عبارة عن  "كرفان" مجهز بالشاشات الذكية للشرح ومراوح ومقاعد للجلوس يقابلها "ديسك" للكتابة عليه وأنظمة إضاءة ومجهزة بالإنترنت وتعمل بالطاقة الشمسية، ويستوعب الفصل الطائر من 20 إلى 40 طالبًا، وبالفعل تم الإتفاق مع الهيئة العربية للتصنيع لتصنيع هذه الفصول ليتم استغلالها في المناطق الأكثر ازدحاما، ويمكن وضعها في فناء المدرسة.

 50 ألف مدرسة

ومع إيمانى بهذا الحل المؤقت رغم أنه سيستنزف أموالا لن تدوم مع الاستهلاك والتعامل السيئ، لذلك أطرح حلا سبق أن طرحته من قبل ولكنه قابل للنقاش الآن، والحل هو مضاعفة عدد المدارس الموجودة بدون أن تدفع الدولة مليما واحدا، وأهدى هذه الفكرة للدكتور مصطفى مدبولي رئيس الحكومة، هذه الفكرة لا توفر  150 مليار جنيه فقط  بل ستوفر اكثر من 500 مليار جنيه بعد إيجاد 50 ألف مدرسة أخرى تضاف إلى نفس العدد الموجود الآن، وليس 10 آلاف مدرسة فقط كما يطالب الوزير ومستشاروه..

والحل ببساطة هو تقسيم كل طلاب مدارسنا الآن ومستقبلا إلى مجموعتين، وكل مجموعة يكون العام الدراسى لها 6 شهور.. وإذا طبقنا نظام التيرم لكل مجموعة يكون التيرم الواحد 3 شهور.. مع إلغاء أى إجازات، طبعا قد يقول المعترضون إما بحسن نية أو بسوء نية: إنت عايز تختصر العام الدراسي كله فى 6 شهور بدلا من عام!

والرد ببساطة إحسبوا الأجازات  فى الأعياد والمناسبات وإجازة الصيف لتدركوا أن مدة الدراسة الحقيقية فى الفصول لا تزيد عن 5 شهور مع التجاوز ويكفى أن إجازة الصيف وحدها تزيد عن ال 4 شهور! المهم إذا طبقنا هذه الفكرة ستكون كثافة الفصل الدراسى هى نصف كثافة الفصل الحالى.

 طبعا سيعترض المدرسون أو العاملون فى المدارس بعد القضاء على ميزة  الإجازات الطويلة التى يتمتعون بها والإجابة ببساطة: أنتم تقبضون المرتب فى كل الشهور، يعنى المرتب "ماشى.. ماشى" سواء فى أيام الدراسة أو الإجازات، إذن   فلنعمل جميعا مقابل ما نتقاضاه من أجر! طبعا المسالة ليست أبنية فقط ولكن أطراف المعادلة متعددة ويمكن التفكير أيضا بنفس المنطق..

تدريب المدرسين

مثلا يمكن عن طريق الإنترنت الآن وضع شرح كامل للمناهج التعليمية وتكون طرق الشرح المبسط بالصوت والصورة من خلال عباقرة التدريس وهم كثر، مع حل الأسئلة النموذجية، وتكون المدرسة للتطبيق والحل وإزالة أى غموض. وكذلك زيادة القنوات التليفزيونية التعليمية بشكل يتناسب مع كل المراحل الدراسية وموادها بحيث تكون فصولا أخرى موازية وتتحول إلى خلايا نحل وقاعات درس تحل محل سناتر الدروس الخصوصية.. بالإضافة لإستغلال القنوات الأخرى التى يمتلكها التليفزيون الرسمى فنحن لا نحتاج عشرات القنوات الموجودة عندنا، فلنحول غالبيتها إلى قنوات تعليمية وعلمية.

 نعم هناك طفرة فى المناهج التعليمية لكن لم يواكبها طفرة فى إعداد وتدريب  المدرس لذا فلنستعين بأساتذة الجامعات لتدريب المدرسين عن طريق بث محاضرات على الإنترنت ولا يكون الترقى إلا باجتياز الدورات التدريبية، فلا يعقل أن يكون مدرس الكيمياء أو الفيزياء آخر عهده بالعلم عام  تخرجه الذى قد يصل إلى 20 أو 30 عاما  فى الماضى!!

أخيرا دعوة رجال الأعمال الشرفاء ومنظمات المجتمع المدنى والبنوك والمؤسسات الاقتصادية إلى التبرعات العينية فى تجهيز المعامل والمدارس وتأسيسها، ويمكن الإشارة لأصحاب هذه التبرعات فى لوحات الشرف كما يحدث فى الغرب.. وليس من الممل تكرار الصيحة الامريكية "أمة في خطر" بعد أن لاحظ الأمريكان تقدم اليابانيين عليهم!! وحتى الآن بريطانيا تعتبر التعليم هو الأولوية الأولى والثانية والثالثة، رغم التقدم الذى وصلوا إليه! 

yousrielsaid@yahoo.com 

الجريدة الرسمية