رئيس التحرير
عصام كامل

المرتزقة لغم يهدد انتخابات الرئاسة الليبية.. فشل الضغوط الأوروبية.. ونهاية أكتوبر موعد الحسم

ليبيا
ليبيا

«الانتخابات والثقة المفقودة بين الأطراف».. خمس كلمات يمكن أن تلخص الأزمة الليبية فى الوقت الراهن، فالأوضاع هناك لا يكاد يمر يوم واحد دون أن تزداد سوءًا وتعقيدًا، فكل يوم يمر يعنى اقتراب ليبيا من «صناديق الاقتراع» لاختيار رئيس فى ديسمبر المقبل، وفى المقابل لا تزال الضغوط الأوروبية تلعب دورًا فى التأكيد على أهمية إجراء الانتخابات الرئاسية فى موعدها بأى ثمن، هذا إلى جانب الضغط المتواصل لإنهاء وإغلاق ملف «المرتزقة» قبل حلول موعد الانتخابات، حتى لا يؤثروا على خط سير العملية الانتخابية أو تعطيلها بشكل كامل.
المتابع الجيد لما يحدث فى الداخل الليبى يدرك جيدًا أن الأمور تفاقمت بعدما أجرى مجلس النواب الليبى تعديلًا على موعد الانتخابات المرتقبة، فبدلًا من أن تعقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية معًا فى الـ24 من ديسمبر المقبل، تقرر أن تُجرى «الرئاسية» فى موعدها، على أن تؤجل الانتخابات التشريعية إلى يناير المقبل على أن يعتمد انتخاب الرئيس الجديد من طرف مجلس النواب الحالى، فى وقت تدفع فيه الولايات المتحدة ودول أوروبية نحو إجراء انتخابات فى ليبيا بأى ثمن لضمان وجود دولة ذات سيادة ومستقرة وموحدة آمنة وخالية من التدخل الأجنبى.
وتزيد قضية وجود المرتزقة والقوات الأجنبية على الأراضى الليبية من أزمة سريان الانتخابات الليبية بطريقة صحيحة، لا سيما أن تواجدهم يهدد بعدم إجراء الانتخابات فى موعدها المحدد، كما تزيد قضية المرتزقة من المخاطر فى أي جولة قتال جديدة، لكن مع ترسخ أقدام القوى الكبرى فإن هذا قد يعنى أنه ما من أحد سيخاطر بحدوث حرب شاملة أخرى، وسيعود الانقسام الفوضوى الذى عصف بليبيا لسنوات.

الضغوط الأوروبية

وبشأن تأثير المرتزقة والقوات الأجنبية المتواجدة فى ليبيا على خط سير العملية الليبية، قال اللواء خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوى فى الجيش الوطنى الليبى: استمرار وجود المرتزقة والقوات الأجنبية فى ليبيا قطعًا سيؤثر على العملية الانتخابية، لكن لا يمكن تحديد أبعاد هذه التأثيرات فى الوقت الحالى، غير أنه من المحتمل أن يصل صداها لإلغاء العملية الانتخابية من الأساس أو تأجيلها، لكن ما نأمل به الآن نجاح المناقشات الخاصة بآلية تفكيك المجموعات والتشكيلات المسلحة التى تعوق عمل المؤسسات وتجميع سلاحها ووضع خطة عملية متكاملة لمعالجة أوضاعها وضمان الزج بالبلاد نحو السلام والديمقراطية.
بدوره.. قال محمد فتحى الكاتب والباحث فى الشأن الليبى: وجود المرتزقة والقوات الأجنبية على الأراضى الليبية، يعتبر الملف الأكثر أهمية فى ليبيا فى الوقت الحالى كونه يؤثر بالسلب والإيجاب على سير وإتمام العملية السياسية، ورغم وجود ضغوط أمريكية وأوروبية على تركيا لسحب مرتزقتها، غير أن هذا الأمر لن يتم بشكل جدى، وبالتالى سيبحث هذا الملف بشكل أكثر جدية وإيجابية نهاية الشهر الجارى من جانب لجنة (5+5)؛ لأن وجود المرتزقة يجعل الانتخابات، وخاصة فى المنطقة الغربية التى تسيطر عليها تلك الميليشيات، غير واضحة المعالم، ولن يستطيع أي من الأطراف التى ترغب فى خوض الانتخابات الليبية تعليق لافتة واحدة فى المنطقة الغربية، على الرغم من عدم خروج تلك الميليشيات بتصريحات مباشرة حول هذا الأمر حتى الآن.

«فتحى» أرجع ذلك الأمر إلى وجود نوعين من المرتزقة فى العرف الليبى، الأول يتبع القوات الرسمية الحكومية الموجودة فى البلاد وهى حكومة الوفاق والتى جاءت بموجب (اتفاق الصخيرات) برئاسة فايز السراج مع الجانب التركى، وهذه الميليشيات لا تشكل خطورة كبيرة نظرا لمعرفة عددها، حتى أنه بإمكان المجتمع الدولى تكثيف الضغط لإخراجها من البلاد والنجاح فى ذلك.

وأضاف: لكن الخطر الأكبر يكمن فى الميليشيات والمرتزقة المتواجدة بشكل غير رسمى، والتى تم دمجها مع الميليشيات الأخرى، والتى تجاوز عددها حسب آخر إحصائية 17 ألف مرتزق بشكل غير معلن وقانونى، فهؤلاء لم تستطع لجنة (5+5) فى الاجتماعات الأخيرة إخراجهم بشكل جذرى، وهو ما يشكل خطرا على العملية السياسية برمتها؛ لأن عناصر هذه الميليشيات يأتمرون من خلال قادتهم الذين يأخذون أوامرهم بشكل مباشر من دول معينة وبالتالى فإن وجود المرتزقة والقوات الأجنبية سوف يؤثر على الانتخابات بشكل كبير وقد يعطل عملية الانتخابات فى المنطقة الغربية برمتها، بينما ستجرى فى الشمالية والجنوبية، وإذا تكرر هذا السيناريو سيشكل خطرا على العملية السياسية.

موعد الحسم 

سلط الباحث فى الشأن الليبى الضوء على جماعة الإخوان الإرهابية والدور الذى تلعبه لتشكيل لوبى يضغط فى اتجاه عرقلة عمل لجنة (5+5)، وكذلك عمل مجلس النواب من إقرار قانون انتخابات الرئاسة والانتخابات البرلمانية، وهو ما ظهر فى مذكرة خالد المشرى، الذى تقدم بها للجنائية الدولية ومحكمة فرجينيا، والتى تهدف إلى تشويه القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية والنيل من المشير خليفة حفتر، إذ استغل رئيس مجلس الدولة نظر المحكمة لقضية مقامة ضد المشير من أحد العناصر الإخوانية المقيم فى الولايات المتحدة، ليحاول من خلال خطابه الذى أرسل بشكل رسمى وسرى منه قبل أن يتم الكشف عنه من خلال وسائل الإعلام، ليكشف الرأى العام الليبى والعربى والدولى مدى خيانة وعمالة وخطورة منتسبى جماعة الإخوان على أمن واستقرار البلاد.
وتابع: يظل وجود المرتزقة والقوات الأجنبية أحد العوائق الحقيقة التى تعرقل مسار العملية الانتخابية فى ليبيا والتى لن تتم فى ظل وجود هؤلاء المرتزقة والقوات الأجنبية التى تسيطر بشكل مباشر على المنطقة الغربية، إلى تحركها جماعات الإخوان الإرهابية فى هذه المنطقة.
من جهته قال على التكبالى، عضو مجلس النواب الليبى: المرتزقة سيخرجون يومًا ما وفقا للقرارات التى يمكن أن تتخذها لجنة (5+5)، إلى جانب الضغوط الدولية، لكن هناك دول ستظل موجودة، ولن تخرج من ليبيا أبدا، فمن يريد أن يخرج أي قوات لا يأتى بالسلاح المشحون كل يوم بعد الساعة الثانية عشرة مساء، وصباحًا يبدءون فى تصدير السيارات من طرابلس كل ليلة، وذلك يجعل الأمر واضحا أن المرتزقة لن تخرج، كما أنها ستؤثر بالسلب على خط سير العملية الانتخابية.

نقلًا عن العدد الورقي.

الجريدة الرسمية