رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

ضد الحكومة!

الحكومة في أى مكان هي السلطة، وليس أى نوع من السلطة ولكنها السلطة التنفيذية.. يعنى في يدها كل مصادر القوة لتنفيذ أى قانون أو أى قرار، رضى عنه البعض أو رفضه. والمواطن هو الذى ينفذ  ويخضع لقوة الحكومة دائما، لكن هنا الحكومة أو بالأصح السلطة التنفيذية مثلها مثل المواطن، يقفان على مسافة واحدة من المنصة.

هنا المواطن يكيل الاتهامات أو بالأصح يكشف بلغة القانون عوار القرار الحكومي أو بالأصح القرار الإدارى، وقد يصل الأمر إلى الطعن في عدم دستورية القانون ذاته الذى تستند إليه السلطة الإدارية في إصدار قرارها.. هنا محكمة القضاء الإدارى ومحكمة مجلس الدولة التي تختص دون غيرها من المحاكم  في الحكم في النزاع بين المواطنين والسلطة التنفيذية.. هنا فارق كبير بين الشخص والصفة..  الشخص مصون وله كل الاحترام والتقدير لكن الطعن في قرارات "الصفة"، لا فارق هنا بين صفة رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو الوزير أو رئيس جامعة أو هيئة وبين المواطن بصفته وشخصه الذى يجئ هنا للطعن في قرارات هذه السلطة. 

 

 

هنا تتجلى الديمقراطية في صورتها القانونية في أعلى سماتها وتجلياتها.. هنا المواطن ومحاميه يفندان العوار في القرارات الإدارية، والحكومة ومحاميها "محامى قضايا الدولة" يتوليان الدفاع.. المواطن هنا هو المدعى الذى يوجه الإتهام، والحكومة هنا متهم "دعى عليه"، تدافع وتقف في خندق الدفاع وتصد الهجوم.

 

احترام القانون

 

القانون بقواعده المجردة والمطلقة لا يفرق بين الأشخاص ولم يفصل ويوضع من أجل شخص دون آخر.. القانون صدر لينفذ على الجميع، وزيرا كان أو غفيرا، غنيا كان أو فقيرا. 

نعم  دراسة القانون وفلسفته متعة، لكن المتعة الأكبر تكمن في الممارسة العملية وتطبيقه على أرض الواقع.. نعم فروع القانون متعددة بتعدد مجالات الحياة ونطاقات التطبيق.. لكن هنا الحاكم والمسيطر والواجب التطبيق هو القانون الإدارى.

 

قضيت أكثر من يوم في محراب القضاء الإدارى ومجلس الدولة على مدى سنوات، لم أكن طرفا أصيلا في أى دعوى لكن المهنة الصحفية تقتضى منى المتابعة ومؤخرا تابعت عن قرب وجلست في الصف الأول متابعا وظن الكثيرين إننى محاميا واستمتعت باللقب، ولا أجد فارقا بين القلم في يدى وبين المحامى هنا في ساحة المحكمة.. كلانا يهدف إلى صالح الرأي العام، سواء كانت الوسيلة دعوى قضائية أو مقال في جريدة أو رأى في برنامج تليفزيونى أو إذاعى. 

 

المواطن والحكومة

 

هنا تتعدد القضايا.. وترتفع الصرخات والآنات ،هذا مفصول ويتهم الحكومة بالتعسف في قرار فصله، وهذا تم تجاوزه في ترقية أو منصب ويتهم السلطة الإدارية بالمحاباة والمحسوبية، وهذا طالب جاء متظلما من نتيجته أو صارخا من تجاوزه في التعيين كمعيد في الجامعة، وذاك يصرخ من تخطيه في إمتحان قدرات دون مبرر منطقى، وهؤلاء يطعنون في قرار تصفيه مصنع، وهؤلاء يطالبون بالمساوة مع فئات أخرى في المزايا والحقوق..ألخ 

 

والطعون على  صفة من أصدر القرارات الإدارية "تخض" وترعب من يسمع صفة من رفعت ضدهم القضايا.. والقاضى هنا وهيئة المحكمة كلها على منصة القضاء تستمع بإهتمام متساوى.. المحكمة تستمع بإنصات وصبر وتوجه الأسئلة للمواطن لإستيضاح أسباب الدعوى ثم تتجه بأسئلتها الواحد تلو الآخر للحكومة أو الجهة الإدارية ممثله في محامى قضاية الدولة.. تستفسر وتستوضح وتطلب المستندات.. 

المحكمة هنا لاتنحاز لهذا أو ذاك لأن العدالة عمياء ومعصوبة العينيىن،لا يهمها أشخاص الخصوم ولا يهمها ملامحمهم أو مكانتهم، يهمها فقط العدل وإعادة الحق لصاحبه أيا كان إسمه أو شخصه أو صفته.

 

هي مبارة بين المواطن والحكومة في ساحة المحكمة بعد أن فشلا خارجها، أو إستقوت الحكومة بقوتها التنفيذية.. والقاضى هنا يحمل ميزان العدالة محافظا على كفتيه من الميل إلى أى طرف. فالحكومة او الجهة الإدارية او السلطة التنفيذية تأتى هنا مجردة من كل أشكال قوتها، لا تحتمى إلا بالقانون وتستميت في إيضاح عدم التعسف في استخدامه، والمواطن هنا ليس ضعيفا أو الطرف الأضعف لإنه يأتي متسلحا بحقه أو ما يظن أنه حقه في محراب العدالة التي يصدر حكمها بإسم الشعب. والقاضى هنا يمثل العدالة العمياء ويطبق القانون متسلحا بالرحمة وروح القانون وانسانيته. 

نعم قد لا يرضى طرف بالحكم النهائي لأنه لم يأت في صالحه، لكنه في النهاية عنوان الحقيقة التي تقرها العدالة وعلى الجميع تطبيقها. 

yousrielsaid@yahoo.com

Advertisements
الجريدة الرسمية