رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

اللواء زكى الألفى: «المزرعة الصينية» ملحمة.. والفرقة 16 منعت العدو من تهديد القاهرة ( حوار )

اللواء أركان حرب
اللواء أركان حرب محمد زكى الألفى

>> 6 أكتوبر لم يكن انتصارًا عاديًّا بل زلزالًا قويًّا صنعه المصريون للإطاحة بالجيش الإسرائيلى الذى لا يقهر
>> لا أنسى أبدا القوة والثبات التى كان عليها قادتنا لبث الروح المعنوية لنا
>> زيارة «السادات» لـ«الدفرسوار» كشفت أهميتها فى مجريات الحرب
>> بطولات القوات المسلحة ليست وليدة اللحظة بل نتاج حضارة عميقة تمتد جذورها 7 آلاف عام

 

السنوات الطويلة التى مرت منذ «لحظة النصر» لم تستطع أن تمحو من ذاكرة اللواء أركان حرب محمد زكى الألفى، الأيام الفارقة فى تاريخه العسكرى، فـ«الألفي» الذى أنهى دراسته فى الكلية الحربية فى يناير 1970، اختير للانضمام إلى أبطال الفرقة 16 التابعة للجيش الثانى الميدانى، وهى الفرقة التى ارتبط اسمها بـ«معركة المزرعة الصينية»، وهى المعركة التى يمكن القول إنها أنهت أمل إسرائيل فى مسح عار «هزيمة أكتوبر».
«فيتو».. وتزامنًا مع الذكرى الـ48 لانتصارات أكتوبر المجيدة، حاورت اللواء أركان حرب محمد زكى الألفى، الذى تحدث عن تفاصيل معركة «المزرعة الصينية»، والأسباب التى دفعت الرئيس الراحل محمد أنور السادات، ووزير الحربية – آنذاك - الفريق محمد صادق، لزيارة المنطقة أكثر من مرة للتأكيد على أهميتها وموقعها الإستراتيجى، كما ألقى الضوء على بطولات قادة وضباط وجنود الفرقة 16 مشاة.. وكان الحوار التالى:

 

*بداية.. حدثنا عن تاريخ «الفرقة 16» والدور المحورى الذى لعبته خلال حرب أكتوبر المجيدة؟
انفردت الفرقة 16 بالجيش الثانى الميدانى، دون غيرها من الفرق، بأنها كانت تضم العديد من الأبطال، على رأسهم الفريق عبد رب النبى حافظ، والمشير الراحل محمد حسين طنطاوى، إلى جانب العديد من الضباط والجنود المهرة وقتها، الذين سطروا الكثير من البطولات التى ساهمت فى نصر أكتوبر، وقد كنت قائد سرية بالكتيبة 18 التابعة للواء 16 مشاة التابع للفرقة 16.

 

*ماذا عن معركة «المزرعة الصينية» التى خاضتها الفرقة 16، وكيف غيرت هذه المعركة مجريات الحرب؟
الفرقة ١٦ من أولى الفرق التى عبرت قناة السويس يوم السادس من أكتوبر 1973، كما أن أبطالها هم أول من رفعوا العلم المصرى على الضفة الشرقية للقناة، وسجل إنجازات الفرقة يضم العديد من البطولات، ومن أهمها معركة «المزرعة الصينية»، ويرجع سبب تسميتها بهذا الاسم إلى أنها جرت فى مزرعة تجريبية أنشئت فى الخمسينيات وعمل بها بعض الخبراء اليابانيين كمزارع تجريبية لتربية الدواجن والمواشى، وكانت لهم كتابات يابانية على بعض العنابر التى تركوها عندما حدث الغزو الإسرائيلى على سيناء، فظن الإسرائيليون أنها كتابة صينية، ومن هنا تم إطلاق اسم «المزرعة الصينية» عليها.

وأهمية المزرعة الصينية تتمثل فى أنها ذات أهمية إستراتيجية كبيرة وخطيرة، ففى حالة تمكن العدو من الاستيلاء عليها والانتقال من شرق القناة إلى غربها سيكون على مسافة 100 كيلو من القاهرة، إضافة أنه سيكون وصل إلى نقطة مفصلية مهمة جدا ما بين الجيشين الثانى والثالث الميدانى، وفى حالة احتلال العدو لهذه المنطقة سيبدأ بالضغط على مصر لوقف إطلاق النار أثناء الحرب كما فعلها فى حرب ٤٨ بفلسطين، وطلب وقف إطلاق النار، وأعاد تسليح جيشه وهزم الجيوش العربية التى كانت منتصرة قبل وقف إطلاق النار، ونظرًا لأهمية الموقع الإستراتيجى لهذه المنطقة، كانت القيادة تولى أهمية قصوى للمزرعة الصينية وما فعله جنودنا العظماء فى الدفاع عن المنطقة ملحمة وبطولة كبيرة لا تنسى أبدا، فقد كبدنا العدو في يومى ١٥ و١٦ أكتوبر خسائر فادحة فى الجنود والمعدات.

 

*ما أبرز المواقف التى لا تنساها فى المواجهة مع العدو؟
كل لحظة خضنا فيها الحرب مع العدو كانت هناك بطولات وتضحيات لا أستطيع نسيانها، لكن أصعبها كان المواجهة المباشرة مع إحدى مدرعات العدو التى حاولت اقتحام الحد الأمامى للدفاعات الخاصة بنا فى مواجهة مباشرة بغرض بث الرعب فى قلوب جنودنا والقضاء على الضباط، لكن نظرا لارتكاز موقعى الدفاعى على ترعة جافة شكلت مانعًا طبيعيا فى وجه المدرعة التى كانت تحمل على متنها 10 جنود من جنود المظلات الإسرائيلى الذين هبطوا بالقرب من الموقع فتعاملنا معهم، والحمد لله واجهناهم بالقوة التى لم يتوقعوها.

*ماذا عن الفريق عبد رب النبى حافظ، قائد الفرقة 16 مشاة؟
الفريق عبد رب النبى الذى كان قائد الفرقة 16 مشاة التابعة للجيش الثانى الميدانى هو قائدى، وكان من أمهر القادة العسكريين، ويتمتع بفكر متميز، وكان يولى الموقع الذى كنا نتمركز فيه عناية خاصة لأهميته، وأذكر هنا أنه نظرًا لخطورة هذا الموقع فإن الرئيس الراحل محمد أنور السادات، ووزير الحربية – آنذاك - الفريق محمد صادق، زارا المكان أكثر من مرة لإعطائنا الإحساس بأهمية المكان وخطورته حتى نتمكن من الدفاع عنه بأرواحنا ؛ لأنه كما سبق وأشرت، فإن أهمية المكان أو نقطة الدفرسوار تأتي لقربها من القاهرة، بالإضافة إلى أنها تمكن العدو الانطلاق منها إلى مدن القناة، وقد تم تخصيص قوة فرقة كاملة نحو 300 دبابة لمواجهة أي اعتداء من جهة العدو الإسرائيلى لها.
والكتيبة 18 استطاعت بالفعل أن تصد العدو فى الدفرسوار عند قرية الجلاء، وأدارت معركة دفاعية قوية ودمرت العشرات من الدبابات بفضل أبطال بواسل، ومنهم الرائد نوارين الباسل الذى استطاعت وحدته تدمير أكثر من 20 دبابة، والرائد محمد الشافعى عطية الذى قاتل فى نفس المعركة يومى 15 و16 أكتوبر ودمروا 16 دبابة، إضافة إلى أسر 10 جنود، والرائد أحمد إبراهيم كحيل قائد السرية الثانية التى دمرت 4 دبابات وبعدها أصيب فى أذنه، ولم يترك موقعه رغم الإصابة الشديدة التى تركت أثرا به، وكل هذه البطولات أكدت للعالم أجمع قوة الجندى المصرى فى المعركة، وكيف أصبح نموذجًا لبسالة الفرد المقاتل فى مواجهة الدبابة.

 

*«الحفاظ على وحدة الأرض المصرية».. كيف أثبتت حرب أكتوبر عمق هذه العقيدة فى نفوس أبطال القوات المسلحة؟
إن قوة وعظمة القوات المسلحة ليست وليدة اللحظة، وما تقوم به من أعمال وبطولات فى السابق والحاضر نتاج حضارة عميقة تمتد جذورها إلى 7 آلاف عام، والتاريخ خير شاهد على عظمة وبسالة الجندى المصرى، وهذا الامتداد هو الذى تتزود منه القوات المسلحة الآن بخبراتها ودائما ما يعود على مصر بالخير فى جميع العصور، وأثبتت حرب أكتوبر مدى حب المقاتل المصرى لأرضه والدفاع عنها مهما كان الثمن، حتى ولو دفع حياته، وتحريرها كان هدفه من خوض حرب أكتوبر المجيدة.

*ماذا عن القادة الذين شاركوا فى المعركة؟
فى كل مرة أتحدث عن تلك المعجزة الكبيرة فى نصر أكتوبر 1973، لا أنسى قادتنا الذين كانوا يقودون هذه المعركة بنجاح وثقة وثبات وروح معنوية عالية جدا، مما ساعدنا ومكننا من إصابة العدو بخسائر كبيرة، حيث قام العدو بسحب هذه الخسائر بالكامل حتى لا يتم تسجيلها وتصويرها لعدم إظهار قوة المقاتل المصرى وأنه إذا أراد استطاع.

 

*حدثنا عن استقبال الأسرة لك بعد العودة من الحرب؟
كان رد فعل غير متوقع ويصعب وصفه فى الحقيقة، فالأسرة بأكملها لم تكن تدرك رجوعى بالسلامة لهم مرة أخرى، فبمجرد دخولى المنزل كل شخص فى الأسرة يفتش في جسدى خشية أن يكون فى داخلى إصابة ولم أعلمهم بها، فالحقيقة الشكر والفضل لله، فهى كانت معركة قاسية جدا، فكل ما فى نصر أكتوبر لم يأخذ حقه جيدا.

 

*أخيرا.. ماذا تقول عن انتصار أكتوبر؟
نصر أكتوبر وحده هو ما عزز الوحدة الوطنية المصرية، كما قضى على ذات وكبرياء جيش إسرائيل الذى لا يقهر، ونجح فى تغيير الإستراتيجية العسكرية فى العالم كله حتى باتت القيادة العسكرية فى الدول الكبرى، تعكف على دراسة وتحليل حرب أكتوبر، كما أنها حركت أزمة الشرق الأوسط بدرجة لم تحدث من قبل.

 

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"

 

Advertisements
الجريدة الرسمية