رئيس التحرير
عصام كامل

فوضى الأخطاء الطبية "عرض مستمر".. وخبراء: الأطباء لا يتعمدون التقصير.. ولا يمكن مساواتهم بالبلطجية

الأخطاء الطبية -
الأخطاء الطبية - صورة تعبيرية

لا توجد نتيجة مضمونة فى الطب أو أى إجراء طبى، بحسب الأطباء ويقوم الطبيب بأقصى جهد له لإنقاذ حياة المريض وفقا للأصول العلمية التى درسها فى كليات الطب.

كثير من الإجراءات الطبية -سواء حصول مريض على علاج أو خضوعه لعملية جراحية- يمكن أن يسبب وفاة المريض أو فشل فى نجاح العلاج، ويرجع أهل المريض السبب إلى وجود خطأ طبى أو إهمال الطبيب ويرفع المريض وأهله قضية على الطبيب تؤدى به فى النهاية إلى السجن، وهو ما حدث بالفعل فى عدة قضايا مؤخرا.

حبس الأطباء سبب رئيسى من ضمن أسباب هجرة الأطباء خارج مصر، نتيجة عدم وجود قانون يحكم عمل الأطباء ويؤمن عمل الطبيب، لذا طالبت نقابة الأطباء مرارا وتكرارا بتطبيق قانون المسئولية الطبية فى مصر أسوة بدول العالم التى تحافظ على حقوق الطبيب والمريض معا لديها.

لا يتعمدون التقصير
من جانبه قال الدكتور إيهاب الطاهر، عضو مجلس نقابة الأطباء، إن كل دول العالم لديها قوانين للمسئولية الطبية منذ سنوات تحدد مسئولية الأخطاء الطبية وغير مطبق القانون فى مصر.

وأشار إلى أن قضايا الأخطاء الطبية تتم الإحالة فيها بموجب قانون العقوبات، مؤكدا أن القانون قاصر من ناحية المريض والطبيب، مشيرا إلى أن قانون المسئولية الطبية يحافظ على حق المريض والطبيب معا.

وأوضح أن دول العالم ترجع عدم الوصول للنتائج المتوقعة بعد أي علاج إلى عدة أسباب، إما مضاعفات المرض نفسه، وإما مضاعفات التدخل الجراحى، أو أخطاء طبية، أو إهمال طبى جسيم.

وأشار إلى أن مكان الإهمال الطبى الجسيم هو قانون العقوبات، ويكون فى عدة حالات، منها: أولا: طبيب يجرب عملية جديدة فى مريض أو شيء مخالف للأصول العلمية، أو طبيب يعالج فى تخصص غير تخصصه، بينما مضاعفات المرض ليس عليها عقوبات.
وأشار إلى أن مضاعفات التدخل الجراحى، على سبيل المثال، عملية كبرى لاستئصال ورم سرطانى متشعب، فهناك احتمال قطع أوردة أو شرايين أو أعصاب فى ورم متغلغل، وهى مضاعفات العملية الجراحية، وليست خطأ طبيا، بينما توجد أخطاء طبية مثل اهتزاز يد الطبيب أو حدوث نزيف زائد، ويتم التعامل معها فى كل دول العالم من خلال شركات التأمين، حيث يتوفر تأمين إجبارى على كل الأطباء، وتقوم الشركات بتولى دفع تعويضات كبيرة للمرضى عن الأخطاء الطبية التى ليس فيها إهمال.

وأكد أنه فى تلك الحالة يمكن للطبيب أن يعمل بدون خوف فى الحالات الصعبة، موضحا أن الطبيب فى حالة لديه احتمال أن يسجن بسبب إجراء طبى لن يقبل على أي عملية جراحية نسبة نجاحها ٥٠%، وكثير من المرضى يبحثون لشهور عن أي مكان أو طبيب يوافق على إجراء عملية صعبة لهم بسبب خوف الطبيب من نتائج الجراحة غير المضمونة، موضحا أنه فى حالة وجود قانون مطبق يوضح تلك المسألة ووجود شركة تأمين تدفع تعويضا للمريض سيكون ذلك فى مصلحة المريض، خاصة أنه سوف يحصل على تعويض سريع، بينما وفقا للقانون العقوبات المطبق حاليا فى وقائع الإهمال الطبى الجسيم المريض يحصل على تعويض بعد سنوات تصل إلى ٨ سنوات نتيجة وجود عدة إجراءات، منها: إثبات إدانة الطبيب، ثم تحويل المحكمة للقضية إلى القضاء المدنى الذى يحدد نسبة التعويض، ويحكم بها، ثم يقوم الطرف الآخر بالطعن على الحكم، بينما القانون الجديد خلال فترة قصيرة يحصل على التعويض.

المسئولية الطبية
وأكد عضو مجلس نقابة الأطباء أنه وفقا لقانون المسئولية الطبية سيتم تشكيل لجنة عليا للمسئولية الطبية تقضى على أي ادعاءات بوجود مجاملات بين الأطباء فى القضايا، وسوف يكون ممثلا بها رجال قانون وأطباء ورجال قضاء ونقابة المحامين والمجتمع المدنى، وينبثق عنها لجان فنية فى التخصصات تفحص ملف المريض وتحدد إذا كان تعرض لمضاعفات أو خطأ مهنى عادى أو إهمال طبى جسيم يذهب للنيابة.

وأكد أن ذلك نظام مطبق فى كل دول العالم، ويسهل على المريض والطبيب والنظام الصحى، موضحا أنه حاليا الحالات المعقدة تظل شهورا تبحث فى المستشفيات عن طبيب لإجراء الجراحة والطبيب يرفض؛ لأن له زميلا أجراها ودخل السخن والمريض الخاسر.
 وتابع حديثه قائلا: نتمنى من البرلمان أن يخرج القانون للنور طبقا لما تقدمت به النقابة العامة للأطباء بدون حذف مواد أو إضافة مواد أخرى تخل بالقانون والهدف منه.

وضرب المثال بدول عربية محيطة بنا ظلت لسنوات بدون القانون ومرضاها لا يتم علاجهم ويسافرون للخارج، ولديها وفيات من المرضى، ثم طبقت القانون، منها: السعودية والإمارات، وجميع الأطباء لديهم مؤمن عليهم إجباريا، ويعمل الطبيب باطمئنان، والمريض يحصل على حقه.

وأكد أنه لا يجب مساواة طبيب يمسك مشرطا لإنقاذ حياة مريض ببلطجى يمسك سكينا ليضر شخصا آخر ويتساوون معا أمام قانون العقوبات.

وأضاف عضو مجلس نقابة الأطباء أنه لا يوجد ضمان لنتيجة فى الطب، ويكون الإجراء الطبى وفقا للأصول العلمية، وهناك أمراض ليس لها علاج حتى الآن، وليس شرطا أن كل مريض يموت فى مستشفى يكون السبب خطأ طبيا، مؤكدا أن المكان الطبيعى لوفاة المريض يكون فى المستشفى.
وأكد أن الإعلام يسلط الضوء على الشخصيات الشهيرة فى حالة خضوع أي منهم لإجراء طبى، وعند حدوث أي مضاعفات حتى لو كانت طبيعية تحسب على أنها خطأ طبى، رغم أنه لا يجب الاعتماد على معلومات الأهل؛ لأنهم ليسوا على علم بإذا ما كان يوجد خطأ طبى أم لا، ومن يفصل فى ذلك لجان التحقيق والنيابة والقضاء ونقابة الأطباء والفريق الطبى، وملف المريض هو ما يثبت ذلك.

البلطجة
من جانبه قال الدكتور محمد حسن خليل، منسق لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة، إن هناك عمليات جراحية لها نسبة من المضاعفات المعروفة، والطبيب يشرح للمريض احتمالات ونسب المضاعفات، وهى أمر موجود فى المراجع العلمية، مشيرا إلى أنه فى حالة حدوث المضاعفات المعروفة للعملية لا تعود لخطأ أو إهمال الطبيب بما فيها الوفاة، حيث توجد عمليات خطيرة وفيها احتمال وفاة لا يحاسب عليه الطبيب.

وأكد منسق لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة فى حديثه لـ"فيتو" أن فى بعض العمليات الجراحية يوقع المريض على الموافقة على الخضوع لإجراء عالى الخطورة.

وأكد أهمية قانون المسئولية الطبية فى منع التجاوزات من المرضى، فعلى سبيل المثال، مريض يتوفى فى مستشفى فيقوم الأقارب بتكسير الرعاية المركزة والاعتداء على الأطباء فى أقسام الاستقبال والطوارئ، ويفرق القانون بين المضاعفات التى ليس للطبيب علاقة بها وبين الأخطاء، وكل من الطبيب والمريض يحصل على حقه.

نقلًا عن العدد الورقي…

الجريدة الرسمية