رئيس التحرير
عصام كامل

زغلول صيام يكتب: "ذهبية فريال" تنقذ سمعة الرياضة المصرية.. واليابان هزمت كورونا بـ"النظام الصارم"

مما لا شك فيه أن الميدالية الذهبية التى حققتها فريـال أشرف، بطلة الكاراتيه أنقذت سمعة الرياضة المصرية فى «أولمبياد طوكيو 2020»، وساهمت فى ارتقاء بعثة مصر الترتيب الـ54 بعد أن كانت الـ70، وذلك بعدما رفعت الميدالية الفضية التى حققها البطل أحمد الجندى فى الخماسى الحديث، ترتيب مصر من التصنيف الـ 80 إلى 70، وهنا يبرز دور الذهب وما يمكن أن يفعله فى الترتيب العام.

نعم هى العناية الإلهية حيث أراد الله سبحانه وتعالى أن تكون هناك فرحة للشعب المصرى فى الأيام الأخيرة للدورة الأولمبية، ولا يستطيع أحد أن يقول إن ميدالية «فريـال» الذهبية كان مخططا لها، لأن التخطيط والأرقام الرسمية كانت تقول إن الأمل فى على الصاوى وجيانا فاروق، أما «فريـال» فلها الله، والحق أن حصاد طوكيو 2020 هو الأبرز والأفضل للمشاركات المصرية خلال الدورات الأولمبية على مدار قرن من الزمان، ولكن الحقيقة أن هناك أفضل من ذلك، شرط الإخلاص فى النية وبذل الجهد والعرق، خاصة أن الفترة التى سبقت الدورة شهدت الكثير من الارتباك، ويمكن تلخيصها فى موضوع «الزي» سواء الرياضي أو الزى الرسمى حيث اشتكى الجميع من الزى خاصة الزى الرسمى، وبالتحديد «البدل» الرسمية التى لم تتسلمها الاتحادات الرياضية إلا قبل السفر بساعات قليلة، وجاءت المقاسات مختلفة لا تناسب الرياضيين، وبالتالى تسلمها النجوم، وأرسلوها للمنازل، وعدم السفر بها إما لأن المقاس مختلف أو صعوبة ارتدائها، وكان الخيار الأمثل هو السفر بالزى الرياضى.

 

الكمبيوتر الياباني

كان الجميع خاصة من لم يسافر من قبل إلى «كوكب اليابان» الشقيق لرؤية هذا البلد الذى صنع حضارته فى زمن قياسى ومنذ أن حطت الطائرة الرحال والأمور سهلة، فهناك نظام صارم بحيث إنك تخضع لتحليل الكشف عن كورونا من خلال «البصق» وليس عن طريق الأنف والتى يخشاها كل الرياضيين، ثم بعد ذلك التوجه إلى أحد الفنادق القريبة من العاصمة «طوكيو» قبل الذهاب إلى المدينة المقرر أنها تقام على أرضها المنافسات.

 

حلم الوصول إلى ريسبشن الفندق

ولا شك أن الأجواء واضحة، حيث قال الشعب اليابانى كلمته ورفض أكثر من 70% استضافة الدورة، وفى الوقت ذاته قررت الحكومة الاستمرار فى التنظيم، وبالتالى كان الخيار الأصعب أن يكون الرياضيون فى جانب بعيد عن الشعب اليابانى، وبمعنى أدق ليس لك الحق فى المخالطة أو الخروج من المكان المحدد لك، وباعتبار كرة القدم كانت بعيدة عن القرية الأولمبية، فإنك داخل فندق الإقامة ليس مسموحا لك في التحرك بحرية لأن الأمن مسيطر على كل شيء، فليس لك حق فى الذهاب إلى أي مكان لدرجة أن أقصى أمانى الفريق هو الذهاب إلى ريسبشن الفندق حتى تشعر أن هناك حياة.

ولأنهم من وضعوا أساس النظام، فإن الجديد هناك متمثل فى عدم تخصيص أتوبيس أو سيارة للفريق، ولكن مع كل مشوار يكون هناك أتوبيس جديد وسائق مختلف، بمعنى أن الشركة المسئولة عن الانتقالات تعرف تحركاتك وتنفذ الأمر على هذا الأساس بمعرفة المرافق، والذى بدوره اختير بعناية كبيرة، فـ«تامو» الشاب اليابانى الذى يتقن العربية الفصحى وعاش فى مصر قرابة الـ7 سنوات لم يكن اختياره عشوائيا، وسهل ذلك الكثير من الصعوبات أمام بعثة كرة القدم المصرية.

 ولأنها اليابان، فكان لكل مدينة من المدن نظامها الخاص بها، فعلى سبيل المثال نزل الفريق المصرى فى بادئ الأمر فى مدينة سابورو التى كانت تستضيف مباريات المجموعة الثالثة التى تقع فيها مصر، وكان التشديد فى أعلى مراحله، فلم يكن مسموحا التحرك بعيدا عن الدور الخامس الذى تقيم فيه البعثة والدور الـ22 المخصص للمطعم وقاعة الاجتماعات وكل المباريات بدون جمهور، وكذلك التدريبات، عكس مدينة مياجى التى انتقل إليها الفريق من أجل لقاء الجولة الثالثة للمجموعة الثالثة، حيث كان هناك متسع للتحرك بدون مرافق خلال الأدوار المخصصة للفريق، حيث يقيم فى الدور الـ31 والمطعم فى الدور الـ25 ومحافظ المدينة هو الوحيد فى اليابان الذى وافق على إقامة المباراة بجمهور، وبالتالى رأينا الجمهور فى لقاء مصر وأستراليا ومن قبله لقاء ألمانيا وكوت ديفوار.

القرية الأولمبية وسر «سراير الكارتون»

حياة من نوع آخر، وربما اشتكى منها فى البداية نجوم كرة القدم، لكنهم سرعان ما تأقلموا مع حياة القرية الأولمبية حيث نظام الإقامة عبارة عن شقق، وكل شقة عبارة عن أربع غرف وكل غرفة فيها سريران، والشقه بها حمامان فقط والسرير مصنوع من الكارتون، وقد أكد البعض أنها صممت من أجل عدم إقامة علاقات جنسية فى القرية رغم تذمر بعض الرياضين من جنسيات مختلفة، ولكن فى النهاية الجميع رضخ للأمر.

 أما فيما يتعلق بالتنقلات الخارجية، فهناك شبكة مواصلات داخلية، لكنك فى النهاية مضطر للترجل من أجل الخروج من القرية والوصول إلى منطقة الأتوبيسات حيث الانتقال إلى ملاعب التدريب والمباريات، أما عن مطعم القرية الأولمبية فحدث ولا حرج بعد أن خصصت مساحة كبيرة تزيد على الـ6000 متر ودورين كاملين تضم مطابخ شرقية وغربية وآسيوية، متوافر بها جميع صنوف الطعام على مدار الـ24 ساعة، وداخل المطاعم يلتقى كل صنوف البشر من مختلف الأديان والأجناس من كل بلدان العالم، وليس هناك مكان مخصص لفريق بعينه أو بلد معين، وإنما الجميع يجلسون متجاورين، وهو الهدف الأساسى من الدورات الأولمبية والدوائر الخمس فى شعار اللجنة الأولمبية الدولية، ولم يجد نجوم كرة القدم أنفسهم إلا عند لقاء منتخب اليد ونجومه الكبار، وكان اللقاء حار والكل يشجع الآخر وكل نجم يعرف صديقه فهذا حجازى مع على زين وكريم هنداوى وأيضا رمضان صبحى.

 

اللجنة الثلاثية حاضرة

 كان الاهتمام كبيرا من جانب اتحاد الكرة ببعثة كرة القدم، وبالتالى كانت اللجنة الثلاثية حاضرة، والحقيقة أنها قامت بدور كبير سيظهر للنور عما قريب بداية من الاتفاق على طائرة خاصة لنقل البعثة وإنهاء جميع الأمور للفريق، حيث سافرت البعثة وليس للاعب مليم واحد عند اتحاد الكرة، بعد أن تم صرف مكافآت الفوز فى مباراتى جنوب أفريقيا الودية فى يونيو الماضى، كما نجحت جهود المهندس أحمد مجاهد ومعه أحمد حسام عوض ومحمد الشواربى فى تذليل أمور كثيرة خاصة فى موضوع أزمة عبد الرحمن مجدى لاعب المنتخب.

موسيماني في طوكيو 

عم عيد سليمان مسئول المهمات بالمنتخب الاولمبي قريب الشبه جدا من موسيماني المدير الفني للنادي الاهلي ولذلك أطلق عليه الجميع لقب موسيماني ويعتبر عيد سليمان احد العناصر المهمة بالفريق الاولمبي لمسئوليته الكامله عن المهمات وادوات التدريب وقد نال اشادة الجميع 

 

تقرير «غريب»

المؤكد أن تقرير الكابتن شوقى غريب الشامل عن فترة قيادة المنتخب خلال فترة 42 شهرا بالتمام والكمال، حيث لعب المنتخب 32 مباراة ودية ورسمية فى اللقاءات الرسمية لعب المنتخب 9 مباريات حقق الفوز فى 6 مباريات، وتعادل فى واحدة، وخسر اثنتين فقط ولعب 23 مباراة ودية.

وأبرز ما جاء فى تقرير الكابتن شوقى غريب، التوصية بالابتعاد عن أي عنصر محترف فى قوام الفريق، خاصة أنه خسر جهود مصطفى محمد مهاجم الفريق الأول فى أولمبياد طوكيو بعد احترافه فى جالاتا سراى التركى وفشل فى الاستعانة بالمحترفين فى الدوريات الأوروبية وفى مقدمتهم النجم العالمى محمد صلاح، وبالتالى إذا كان ولا بد فمن الضرورى الاعتماد على العناصر المحلية فقط مع توفير برامج احتكاك قوية مثلما حدث مع فريقه حتى يعتاد لاعبونا اللعب أمام الكبار، خاصة أن الفريق تأثر بعدم إجراء بروفات ودية بعد ضم الثلاثى الكبار.

 

اتحادات واتحادات!

وإذا كانت الإشادة بالغة بمن أجادوا فى الأولمبياد من بعثة مصر فى طوكيو خاصة اتحادات الكاراتيه والخماسى الحديث والمصارعة والتايكوندو واليد والقدم، فهناك اتحادات لم يسمع عنها أحد وعادت مثلما ذهبت محملة بخيبة كبيرة.

 

حديث الأرقام

جدول ترتيب الدول المشاركة فى أولمبياد طوكيو يتضمن أرقاما كثيرة، لكن المجمل فى النهاية أن مصر أصبحت فى الترتيب الـ54 عالميا والرابع  أفريقيا بعد كينيا التى احتلت المركز الـ19 واوغندا  ثم جنوب أفريقيا فى المركز الـ52 والثانى عربيا بعد قطر، لكن هناك أفضل من ذلك؟! نعم هناك أفضل من ذلك بكثير شرط إخلاص النوايا والتركيز على عدد من الاتحادات فقط مثلما فعلت دولة مثل كينيا التى نجحت فى تحقيق 4 ميداليات ذهبية ببعثة قليلة جدا وربما لا تزيد على ثمن بعثة مصر ونفس الأمر لدول أخرى، ويجب من الآن العمل على الاهتمام بدورة باريس 24، حيث سيتم إلغاء لعبة الكاراتيه التى حققنا فيها ميداليتين وزينت رصيد مصر وكل الآمال تنصب على لعبة رفع الأثقال التى غابت بفعل فاعل فى هذه الدورة نتيجة الإيقاف من قبل الاتحاد الدولى للعبة بعد ظهور عدد من العينات الإيجابية زادت عن الأربعة فى إحدى بطولات الناشئين.

من الممكن الاعتماد على الاتحادات التى أنجزت فى هذه الدورة إضافة لرفع الأثقال من الآن وليس غدا، والعمل على إحراز أكثر من ذهبية فى أولمبياد باريس بدلا من أن نفاجأ أن الدورة على الأبواب، ونحن ندخل فى المتاهة من جديد، ولماذا نذهب بعيدا والتاريخ أمامنا حيث حققنا خمس ميداليات فى أولمبياد أثينا 2004، ولكن النتائج كانت مخيبة للآمال بعد ذلك فى 2008 و2012 و2016؛ لأننا لم نبن على ما تم إحرازه فى أثينا، وبدأنا من نقطة الصفر.

الحقيقة.. أن ذهبية فريـال رفعت سقف الطموح لدى شباب مصر الواعد وجعلتهم يشاهدون فرحة المصريين بالإنجاز الذى تحقق ودعم رئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسى، لفريق اليد وكل من حقق ميدالية فى الدورة التى كانت أكبر تحد للإنسان على وجه الأرض، حيث استضافت هذا العدد الهائل من الرياضيين من مختلف دول العالم فى دولة واحدة خلال فترة زمنية محددة وسط أمواج جائحة كورونا، ويبقى الأمل فى غد مشرق للرياضة المصرية بحيث يحصل الناجح على ثمرة جهده وعرقه، وينال المقصر حسابه بدون «لف ودوران».

 

نقلًا عن العدد الورقي…

الجريدة الرسمية