رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

التجريم في فراش الزوجية (1)

يعيش المصريون معظم وقتهم، على السوشيال ميديا أو منصات التواصل الاجتماعي، شأنهم في ذلك شأن شعوب كثيرة، يستغلون القدرة التكنولوجية الفائقة في التعبير عن أفكارهم في السياسة وفي الاجتماع وعن غرائزهم، وفي كشف كل شئ، حتى العورات! ومن وقت لآخر، تظهر فعالية الضغط الاجتماعي الناتج عن الالحاح في البث الحي والبث المسجل، وما يصحب ذلك من تعليقات تدين وتستنكر وتتعجب وترفض، وغالبا تقود الي التحقيق الجنائي في النيابات.. والأحكام الناجزة في المحاكم .


وبقدر ما يعكس هذا قدرة منصات التواصل الاجتماعي على الفضح والتعرية وإبداء الآراء بالموضوعية وبالابتذال، متوازيين، بقدر ما يعكس قدرتها، علي ضبط المجتمع وتفعيل أدوات الزجر والنهى.
جرائم التحرش والاغتصاب وقتل الأطفال تلقى رواجا ومتابعة من الجهات كافة . صار مقطع فيديو واحد تظهر فيه سيدة أو رجل، تشكو، أو يشكو من تحرش .. أو من تنمر كفيلا بنفخ النفير الجنائي.

الإغتصاب الزوجي
وفي الأيام القليلة الماضية، تابع الناس باستغراب، وربما تعاطف، فيديو علي انستجرام تعلن فيه سيدة أن زوجها المخرج والمغني الشاب يغتصبها، وإنها تكتمت الأمر سنة قبل أن تستجمع شجاعتها لتظهر باكية مهزومة، تدعو إلى سن قانون يعاقب الزوج الذي يغتصب زوجته أسوة بالولايات المتحدة. وبررت أن أمريكا حتى السبعينيات لم يكن لديها قانونا يعرض الزوج للمحاكمة إن أكره زوجته على المعاشرة.

دعوة السيدة إلى تجريم الرجل في فراش الزوجية لاقت ولاتزال ردرد فعل اجتماعية، مجردة من الغطاء الديني، أو متشحة به في أغلب التعليقات. لكن ليس هذا هو بيت القصيد، لذلك ليس مفيدا ذكر إسمها أو إسم زوجها، بل بيت القصيد أن الدعوة تأتى في سياق واضح النهج للحد من وجود الرجل كزوج وكأب. كلنا نعرف تركيبة البيت المصري منذ عقود، تتغير التركيبة حسب درجة التعليم والثقافة والمال والسفر والخبرات والتربية، لكنها تنهض في جوهرها على السرية وحفظ أسرار الفراش.. وصون الأعراض.

تنهض أيضا علي سلطة الزوج على زوجته في حدود الشرع والقانون، وكلنا متزوجون ونعرف جيدا ان العلاقة الزوجية محكومة بقانون أعلى وأقوى وأنفذ من أي قانون موضوعي وضعي. قانون العشق. قانون من يحب أكثر. من يسامح أسرع. علاقة موضع تفاوض مستمر. يبلغ التفاوض أحيانا خانة الابتزاز والمقايضة. واحيانا الخضوع والرضوخ.. منها ومنه..

هنالك دعوات لسن قوانين تجرم الرجل الممتنع عن الانفاق على أولاده، وهناك قوانين تعاقب علي تبديد عفش الزوجية والمنقولات، وربما العفش كله نقلوه ليلا أو جهارا نهارا بالقوة.. إلي بيت أهلها..

الحب والمودة والسكن هذه ملامح خاطفة ترسم تقريبا الأجواء العامة المحيطة بدعوة زوجة المخرج الذى تتهمه بأنه اغتصبها.. لم يكن ممكنا مناقشة هذه الدعوة دون إعادة التذكير بما يجرى في بيوتنا من تفاعلات إنسانية وزوجية..
الأصل في العلاقة الزوجية الإحترام وطاعة الزوج.. فيما أمر الله به..

والأصل في العلاقة الزوجية الحب والمودة والسكن.. أما التفاصيل فنتابعها في محاكم الجنايات. التنفيذ الدقيق لهذا الدستور الإلهي يصطدم بأخلاق الطرفين والتربية التى حصلا عليها.. كما يصطدم بسطوة طرف وضعف طرف.. أو بسطوة بغلين متناحرين، يركبهما العناد. بيت فيه رجل وزوجة مسترجلة بيت مخروب. بيت فيه رجل ضعيف وزوجة تقوم بوظائف الزوج بيت آيل للسقوط.. ونتائجه في أولاده استنساخ للقهر ذاته..

ما علينا.. هذا سلو بلدنا.. لكن كيف يغتصب الرجل زوجته؟ وما الفارق بين اغتصاب الزوجة واغتصاب الشارع؟ وهل الاغتصاب من طرف واحد؟ أسئلة كثيرة مدببة وجارحة.. نتناولها بالنقاش العام على منصة فيتو تباعا..
Advertisements
الجريدة الرسمية