رئيس التحرير
عصام كامل

دار الإفتاء توضح حكم قضاء الحامل ما أفطرته من صيام رمضان

دار الإفتاء
دار الإفتاء
ورد سؤال إلي دار الإفتاء تقول فيه صاحبته "أنا سيدة حامل في الشهر الثاني، وأوصت الطبيبة المعالجة لي بأن أفطر في شهر رمضان، وعلى حد علمي أن هذا مرخص لي به؛ لذلك فقد قدرني الله سبحانه وتعالى على أن أفدي عن الثلاثين يومًا، فقد قمت بإطعام ثلاثين مسكينًا.


سؤالي الآن هو: هل علي أيضًا أن أقضي الثلاثين يومًا بعد الوضع؟ علمًا بأنني إذا قدرني الله تعالى على أن أقوم بالرضاعة الطبيعية فهذه المدة أيضًا غير مستحب فيها الصيام، حيث إنه مقدرٌ لي أن أضع مولودي في مايو المقبل بمشيئة الله تعالى؛ لذلك فإن شهر رمضان المقبل سوف يأتي في مدة الفصال.

أرجو أن تفيدوني بالأمر القاطع، بمعنى هل يكفي إطعام الثلاثين مسكينًا أم يجب أن أقضي أيضًا؟ وكيف ومتى؟، وجاء رد الدار على هذآ السؤال كالتالي: 

قضاء صيام رمضان للحامل
 ما دام أن الطبيبة المختصة قد أمرتك بالإفطار بسبب الحمل فلكِ أن تفطري ويلزمك القضاء بعد رمضان، ولا تجزئ الفدية عن القضاء إذا كنت قادرة على الصيام بعد وضع الحمل، وقضاء رمضان لا يجب على الفور، بل يجب وجوبًا موسعًا في أي وقت، فقد صح عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقضي ما عليها من رمضان في شعبان، فإن تأخر القضاء حتى دخل رمضان آخر صامت رمضان الحاضر، ثم تقضي ما عليها، ولا فدية عليها إن كان التأخير بعذر، أما إن كان التأخير بغير عذر فيلزمها القضاء والفدية.

وعلى ذلك: فيجب على السيدة التي أمرتها الطبيبة بالإفطار قضاء ما عليها في أي وقت تستطيع فيه القضاء سواء كان قضاءً متتابعًا أو متفرقًا، وما دفعته من فدية لا يغني عن القضاء؛ لقوله تعالى: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 184]؛ حيث إنها تستطيع الصيام في أيام أُخَرَ، وهو دَيْن لله في ذمتها، ودَيْن الله أحق بالقضاء.

قضاء صيام رمضان
 كما ورد سؤال إلي دار الإفتاء يقول فيه صاحبه "صديقي يسأل أن والده المتوفى تزوج أمه في رمضان، وظنًّا منه أن الزواج عذر للإفطار فقد قام العروسان بإفطار رمضان كله، والأم تقول: إنها قضت الصيام، بينما زوجها المتوفى لم يفعل، فهل يمكن لولده أن يقضي الصيام عن والده، وهل هناك التزامات أخرى؟ وجزاكم الله خيرًا

قضاء صيام رمضان إذا كان ذلك الرجل قد أفطر بأكل وشرب ولم يعقد النية أصلًا لصيام رمضان ظانًّا أنه ليس فرضًا عليه وهو حديث عهد بزواج وهو ظن خطأ فإنه يكون عليه قضاء رمضان من غير كفارة؛ لأن ما أحدثه من جماع كان بعد إفطاره أو في حالة عدم انعقاد صومه، وعلى ولده أن يخرج عنه فدية طعام مسكين عن كل يوم من الأيام التي أفطرها.

وفي واقعة السؤال: يخرج إطعام ثلاثين مسكينًا كفارة عن والده المتوفى. ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال.

الجمع بين نيتين في الصيام

كما ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه "هل يجوز أن أصوم أيام الكفارة بنيتين: نية الكفارة ونية صيام الستة من شوال، أو نية صيام الإثنين والخميس ونية صيام الثلاثة الأيام القمرية أيضًا؟"، وجاء رد الدار على هذا السؤال كالتالي:

عن أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» أخرجه مسلم في "صحيحه"، فيسن للمسلم صيام ست أيام من شوال بعد رمضان تحصيلًا لهذا الأجر العظيم.

أما عن الجمع بين نية صوم هذه الأيام الستة أو بعضها مع أيام القضاء في شهر شوال، فيجوز للمسلم أن ينوي نية صوم النافلة مع نية صوم الفرض، فيحصل المسلم بذلك على الأجرين.

قال الحافظ السيوطي رحمه الله تعالى في "الأشباه والنظائر" (ص: 22) عند حديثه عن التشريك في النية: [صَامَ فِي يَوْمِ عَرَفَة مَثَلًا قَضَاء أَوْ نَذْرًا، أَوْ كَفَّارَة، وَنَوَى مَعَهُ الصَّوْم عَنْ عَرَفَة؛ فَأَفْتَى الْبَارِزِيُّ بِالصِّحَّةِ، وَالْحُصُولِ عَنْهُمَا، قَالَ: وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ، فَأَلْحَقَهُ بِمَسْأَلَةِ التَّحِيَّةِ] اهـ. والمقصود بمسألة التحية ركعتي تحية المسجد؛ حيث قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله تعالى في "فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب" (1/ 67): [وتحصل بركعتين -فأكثر-] اهـ. أي: يحصل فضلها ولو كان ذلك فرضًا أو نفلًا آخر، سواء أنويت معه أم لا؛ لخبر الشيخين: «إذا دخل أحدُكم المسجدَ فلا يجلس حتى يصلي ركعتين»، ولأن المقصود وجود صلاة قبل الجلوس، وقد وُجِدَت.

فاستدل العلماء بذلك على جواز اندراج صوم النفل تحت صوم الفرض، وليس العكس، أي لا يجوز أن تندرج نية الفرض تحت نية النفل.

قضاء ما فات من شهر رمضان


وبناء عليه: فيجوز للمرأة المسلمة أن تقضي ما فاتها من صوم رمضان في شهر شوال، وتكتفي به عن صيام الست من شوال، ويحصل لها ثوابها؛ لكون هذا الصيام قد وقع في شهر شوال.

إلا أن الأكمل والأفضل أن يصوم المسلم أو المسلمة القضاء أولًا، ثم الست من شوال، أو الست من شوال أولًا، ثم القضاء؛ لأن حصول الثواب بالجمع لا يعني حصول كامل الثواب، وإنما يعني حصول أصل ثواب السنة بالإضافة إلى ثواب الفريضة، وهو ما عبَّر عنه الإمام الرملي في قوله كما في "نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج" (3/ 209): [وَلَوْ صَامَ فِي شَوَّالٍ قَضَاءً أَوْ نَذْرًا أَوْ غَيْرَهُمَا أَوْ فِي نَحْوِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ حَصَلَ لَهُ ثَوَابُ تَطَوُّعِهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى تَبَعًا لِلْبَارِزِيِّ وَالْأَصْفُونِيِّ وَالنَّاشِرِيِّ وَالْفَقِيهِ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ الْحَضْرَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ، لَكِنْ لَا يَحْصُلُ لَهُ الثَّوَابُ الْكَامِلُ الْمُرَتَّبُ عَلَى الْمَطْلُوبِ] اهـ. أي: المطلوب في الأمر النبوي بإتباع رمضان بستة من شوال.
الجريدة الرسمية