رئيس التحرير
عصام كامل

مصر فى "ضيقة"

18 حجم الخط

نصف الكوب المليان.. والحلول الوسط.. ومسك العصايا من النص.. وإرضاء أطراف كرتونية على أنها معارضة فاعلة.. سياسات عانينا منها كتير قبل الثورة.. ولكنها تبقى عنوان المرحلة.. ولم يتغير الحال.. ذهب الأشخاص وبقيت السياسات.. وأصبح الأمر متدنيا حتى فى طريقة اتخاذ القرار.


فى اعتقادى.. أن عنوان المرحلة لابد أن يكون المصارحة ليس لجلد الذات ولكن للمكاشفة.. وعرض الأمر على الملأ.. وهى الطريقة الأمثل لإيجاد الحلول والتغلب على المشاكل، وارتقاء لغة الحوار، والتزود بالثقافة ومعرفة الأرقام الحقيقية للاقتصاد المصرى، بل ونشر تلك الأرقام لأنه من المخزى أن تطالعنا القيادة السياسية للبلاد بأمور أقل ما توصف به أنها عبثية.. فتارة يخطب الرئيس خطبة عصماء، يبين فيها أن الأمور على مايرام، وكله تحت السيطرة.. ثم يحدثنا وزراء من داخل حكومته على أن مصر مقبلة على خطر وتواجه شبح الإفلاس، كما قيل لنا قبيل استفتاء مارس 2011 وإذا ظهر فى المشهد أساتذة الاقتصاد يخاطبوننا بلغة الأرقام لأنها لغة الحقائق.. وستظل هى الأنفع والأجدى لنا.

ثم يظهر فورا على الناحية الأخرى "المطبلاتية ومرتادو البلاطى الرئاسى"، يهاجمون بطريقة جوفاء فقط للمناصرة والتأييد.. لا تجد فى كلامهم معلومة واحدة يقتنع بها العقل.

الفكرة.. ليست إنصاف حاكم لم يتمكن من الإمساك بتلابيب الأمور فقط لكونه ممثلا لقالبهم الفكرى.. بل يجب أن يكون الإنصاف للفكرة وعرض المشكلة وإيجاد الحل.

مصر الآن فى ضيقة لما وصلت إليه من أمور مبهمة، وتفرد بأخذ القرارت المصيرية، وعدم وضوح رؤية محددة أو حتى فتح نقاش مجتمعى واعٍ كمرحلة تمهيدية للنقاش الوطنى على مستوى القوى السياسية وشخصيات التكنوقراط، وشباب الثورة، كفاعل رئيسى لا بديل عنه لإدارة دفة الوطن بشىء احترافى.

أكثر مايؤلمنى هو الصراع الغريب عن الهوية المصرية، الدائر الآن بين كل الأطراف؛ ما أتفهمه جيدا أن الانتقاد واختلاف الآراء ليس بظاهرة، ولكنه شىء مستمر وصحى لإنتاج قرار سليم.. ولكن تكمن الخطورة فى الصراع بين الشباب المصرى والخوف أشد الخوف أن يصل إلى أشياء مرعبة، قد تكون جينات جديدة دخيلة علينا، أفرزتها حالة الاستقطاب الراهنة.

كل من دعى إلى الاقتتال ونشر الفتنة معولا فى ذلك أنه يفعل لصالح دينه أو وطنه، فهو مدان أمام الله، قبل أن يكون مداناً أمام البشر.

يجب على مؤسسات الدولة أن تعى جيدا أن الثورة لها مقومات أحدثت حالة تغير، ولها أيضا مبادئ لم يتنازل عنها شعبها طالما حلم بالحرية وخرج بالملايين إلى الشوارع طالبوا بها.. وإلى الأن لم يأت التنفيذ على حجم المطالب.

لا تلوموا شبابا شاهدوا الكثير وتألموا لفراق الأحباب والأصدقاء.. ومروا بتجارب جعلتهم كصلابة الصخور.. تنفسوا الحرية فلا تسلبوها منهم، لأنهم باقون لصناعة المستقبل، وأنتم زائلون.

الجريدة الرسمية