رئيس التحرير
عصام كامل

حكومة "البركة"

للأسف إن الواقع المؤلم لحقيقة الإصابات والوفيات بفيروس "كورونا" يؤكد أن "الحكومة" لم يحالفها التوفيق فى ما اتخذته من قرارات يوم الأربعاء الماضى، وأنها قد ساهمت باتباعها لسياسة "البركة" فى ما وصلت إليه الأمور من تردى، بالاشتراك مع الاغلبية العظمى من "المصريين" وكأنهما عقدا النيه على تدبير كارثة بحق هذا البلد.


فعلى الرغم من عودة مؤشر الإصابات والوفيات إلى التصاعد بشكل مخيف، نتيجة الإصابة بالفيروس خلال الأسابيع القليلة الماضية، وتأكد الجميع بأن الأرقام المعلنة من وزارة الصحة لا تمثل سوى 5٪  أو 10% من الاعداد الإصابات والوفيات الموجودة على أرض الواقع، إلا أن "الحكومة" تركت الزحام فى كل أنحاء مصر يسير ب"البركة" ولم تنتبه للأمر سوى قبل نهاية شهر رمضان ب 6 أيام فقط، وبقرارات غير موفقة بالمرة.

ففى الوقت الذى رأت فيه الحكومة فى غلق المحلات فى التاسعة مساءً حلا للحد من الكارثة، ظل السواد الأعظم من المصريين على إصرارهم غير الطبيعى على عدم الإلتزام بالحد الأدنى من الإجراءات الاحترازية، والضرب بكل تحذيرات المتخصصين عرض الحائط، حيث ظلت نسبة ارتداء الكمامات فى المواصلات العامة، وكل الأماكن المزدحمة فى مصر، لا تمثل 10٪ من مجموع الأعداد الغفيرة التى تكتظ بها تلك الأماكن، لدرجة ان حجم الاستهتار وصل بالاغلبية إلى حد الاستياء والغضب من مجرد التوجه بارتداء الكمامة، فى الوقت الذى رفعت فيه الحكومة يدها وتركت الأمور تسير ب"البركة".

كارثة وبائية
ولا أبالغ فى القول أن نسبة تزيد عن ال 90٪ من "المقاهى والكافيهات" مصر، عادت خلال الشهور الأخيرة لتقديم "الشيشة" لروادها "علنا" لدرجة ان الأمر أصبح غير قاصرا على المحلات الموجودة فى الشوارع الجانبية، بل امتدت إلى الشوارع العامة، والمتاخمة لأقسام ومراكز الشرطة، وكأن هناك اصرارا على أحداث كارثة وبائية فى مصر، فى ظل إصرار حكومى على التهاون، وترك الأمور تسير ايضا ب "البركة".

وعلى الرغم من علم"الحكومة" يقينا بخطورة الأمر، وإمكانية خروج الوضع عن السيطرة مثلما حدث فى "الهند" الأكثر منا تقدما وتحضرا، إلا أنها تركت العمل يسير بصورته الطبيعية المعتادة، بكافة قطاعات "البنوك، والمحاكم، المرور، والجوزات، السجل المدنى، والشهر العقارى، والضرائب، والتأمينات" وغيرها من المصالح الحكومية المزدحمة، التى يتردد عليها ملايين المواطنين يوميا، وتركت الأمر يسير ب"البركة" دون البحث عن آليه تضمن تنظيم سير العمل وحماية العاملين والمترددين على تلك القطاعات.

كما لازالت "الحكومة" تصر على استكمال الفصل الدراسى الثانى بالجامعات، وعقد الامتحانات بصورتها المعتاده، على الرغم من علم الدكتور "خالد عبدالغفار" وزير التعليم العالى "يقينا" أنه لا يمتلك توفير الحد الأدنى من الأمان أو الإجراءات الاحترازية للطلاب والأستاذة خلال أيام الدراسة أو الامتحانات، خاصة بعد إصابة المئات منهم ب "كورونا" خلال امتحانات الفصل الدراسي الأول، بل واضطرار مئات الطلاب المرضى إلى إخفاء اصابتهم بالفيروس، والنزول لاداء الامتحانات "جبرا" والاختلاط بألاف المصريين يوميا، فى المواصلات العامة، وداخل الجامعات ولجان الامتحانات، فى ظل إصرار من "الحكومة" أيضا على ترك الأمور تسير ب"بركة" دعوات الوالدين لابنائهم بالنجاة من الجائحة.

 تشديد الإجراءات الاحترازية
أعلم انه ظروف البلاد لا تسمح بعودة حظر التجوال، أو تعطيل عجلة الإنتاج كما حدث فى العام الماضى، إلا أن العلاج لن يكون أيضا بإغلاق المحلات فى التاسعة مساءً، وزيادة خطر الإصابة بخلق زحام أكبر فى الشوارع طوال ساعات النهار، وترك الأمور تخضع لهوى "جهلاء" يرون فى الكمامة حبسا لحريتهم، دون النظر الى حجم الكارثة التى قد تلحق بالآلاف، وهو ما يحتم على الحكومة عدم ترك الأمور تسير ب"البركة" وتغليظ عقوبة "عدم ارتداء الكمامة" وتكثيف الحملات على الأماكن المزدحمة للتأكد من سلامة الإجراءات الاحترازية.

كما إنه ليس من المنطق أن تحظى الاغلبية العظمى من "المقاهى" بحماية "مرتشين" يوفرون لأصحابها حصانة، دون النظر الى حجم الكارثة التى قد تحدثها "شيشة" واحدة يدخن عليها مصاب واحد، دون أن تتدخل الحكومة بالضرب بيد من حديد، بفرض غرامات باهظة، وإلغاء تراخيص تلك المقهى بشكل نهائى.

كما انه ليس من الحكمة، ترك ملايين المصريين يواجهون خطر الإصابة بالفيروس يوميا، نتيجة العجز عن إيجاد وسيلة لتنظيم العمل فى كل القطاعات الحكومية المزدحمة، أو استحداث وسيلة تكفل حماية ملايين الطلاب، بعيدا عن الحضور والامتحانات النمطية، وترك الأمور تسير ب"البركة" وليصاب من يصاب، وليموت من يموت.. وكفى.
الجريدة الرسمية