رئيس التحرير
عصام كامل

الاختيار.. بين المجد والمشنقة

الاختيار هو حقيقة تعلو على كل حقائق الحياة، بل هو أساس وجود الإنسان فى هذه الدنيا.. نجح المسلسل الرمضاني فى عامه الثانى أن يكشف للناس هذه الحقيقة الغائبة عن أذهانهم فى كل ميادين حياتهم وليس فقط الاختيار بين الوطن أو اللاوطن أو الاختيار ما بين فعل الخير أو فعل الشر، وكلنا يعلم أن أولى الاختيارات التى يتعرض لها الإنسان على الأرض هى الإيمان أو عدم الإيمان بوجود الله، ثم الاختيار بين إعمار الأرض أو إفسادها.. 


وعلى هذا تتعدد الاختيارات فى حياة الانسان فى كل لحظة وحركة.. والأهم أن مسلسل الإختيار فى عامه الثانى نجح فى تعميق مفهوم أساسي مرتبط بالإختيار ألا وهو المسئولية عن كل اختياراتك فى الحياة سواء كانت ايجابية أو سلبية، خير أم شر وعلى هذا سيكون الجزاء فى الدنيا والآخرة.. 

أهمية الاختيار
إما وسام تعلقه على صدرك وتفخر به ويسعد معك به أهلك طول العمر أو مشنقة تعلق بها رقبتك وتجلب لك ولأهلك العار أيضا طول العمر.
ورغم أن الإنسان يعيش فى كل لحظة إختيار ما إلا أن الجميل فى هذا العمل الدرامى أنه ربط بين الاختيار والمسؤولية عن هذا الاختيار، وبوضوح شديد فى كل الحقائق والأحداث المؤلمة التى عايشناها كواقع ومشاهد على الشاشة، وتلك إحدى المزايا الهامة لسيناريو المسلسل المكتوب فى جزئه الثانى بحرفية عالية تتناسب بقوة مع طبيعة الموضوع الذى يناقشه العمل..

ويظهر لنا مسلسل الإختيار الصراع العميق بين فكرتين وقناعتين وإسلوب حياة له وجهين والجميل أيضا إنه سيكون أمام المشاهد نتيجة الإختيار بين الفرقتين وستثبت الأحداث من هى الفرقة الناجية بحق، ومن هى تلك الفرقة الباغية حقا وعليك ان تفارقها قبل ان تلقى مصيرها، لا بل تشارك فى رد بغيها وضلالها، منجاة لك ولاهلك من الهلاك والدمار..   
وصحيح أن الإختيار يبدأ من الفرد لكن هنا إختيار جمعى  للأسرة للعائلة والقرية والمدينة ثم الوطن بعمومه تحدده أشياء كثيرة فى مقدمتها الإيمان والإرادة بالقدرة على تحقيق أهدافه فى الحياة..

فتنة كبري
والعمل الدرامى للعام الحالى هو سرد لأحداث عايشناها ومعظمنا كان له نصيب من مشاركة بعض أحداثها، ونجح فى رسم صورة متكاملة لخطوات وخيارات فريق الصراع بل ومن نتائج الفعل كشف للطرفين إلى أين قادته خياراته إلى المجد والفخر رغم ما أصابه من جروح وألام أم الهاوية ونفق مظلم قد لا تسعفه الأقدار للخروج منه قبل أن تنتهى رحلته على الأرض..

ترك المسلسل خلفه جروحا وحطاما وعارا لا ينتهي على مر الزمان..  إذن هى فتنة كبرى جديدة صنعها شياطين يتربصون بنا من الخارج وتحالف معهم شياطين من الداخل بحثا عن مجد لا يستحقوه ولم ينالوه   بل تركوا خلفهم  دماء ورماد وضباب فى عيون وعقول ذويهم تحتاج حقب وسنين طويلة لتداويها.. وتستمر رحلة الإختيار فى عقل كل  إنسان وفى مختلف الميادين والمجالات ما بين إعمار الأرض وإفسادها.. ما بين المجد والمشنقة، مادام فى عمر الحياة بقية..

الجريدة الرسمية