رئيس التحرير
عصام كامل

كذب أصحاب "اللعنة" ولو صدفوا

شهدت مصر جدلا مثيرا خلال الأيام الماضية تفسيرا أو تبريرا لبعض الحوادث التي وقعت بفارق زمني ساعات بأنها بسبب لعنة الفراعنة وتداولوا إحدى المقولات الفرعونية التي تفيد: "سيأتي الموت على أجنحة سريعة لمن يزعج سلام الملك" خاصة وأن من ضمن القطع التي تم نقلها إلى متحف الحضارة مومياوات الملك رمسيس الثاني، والملك سقنن رع، والملك تحتمس الثالث، والملك ستي الأول، والملكة حتشبوت، والملكة ميريت آمون زوجة الملك آمنحتب الأول، والملكة نفرتاري زوجة الملك أحمس.


والحكاية أن إيمان المصري القديم بالعالم الآخر دفعه لبناء المقابر وضرورة احترام المتوفي، وحاول أن يحافظ عليه وعلى ممتلكاته عبر العبارات التي أطلق عليها "نصوص اللعنة" وتم نقشه في مقبرة ملكية مصرية تقول: "ملعونون هم الذين يقلقون راحة الملك، هم من سوف یکسر ختم هذه المقبرة سيقابل الموت بواسطة مرض لا يستطيع أي طبيب أن يشخصه"

حقيقة اللعنة 
وفي مقبرة "خنتى كا خيتى" سقارة بالأسرة السادسة، كتب على الواجهة: "بالنسبة للذين يدخلون مقبرتي هذه نُجساء، وسوف يُحاكمون، وتكون لهم نهاية، وسوف أهجم على رقبتهم كطائر، وسوف أبُث رُعبي فيه". وفى مقبرة "عنخ تيفى" نقش على الواجهة: "أى شخص يفعل شراً أو سوءا لهذا التابوت، فربما حمن "معبود" لن تتقبل منه أي قرباناً تُقدمه ولن يرثه أي وريث". وكذلك التحذير القائل: "أى شخص يفعل شيء ضد مقبرة "منتو إم حات" سوف يكون بدون وريث من زوجته".

غير أن البعض يرى أنها للترهيب والمحافظة على المقابر لا أكثر، خاصة أن بناة المقابر الفرعونية في بعض الأسر هم الذين فتحوها وسرقوا ما فيها وبالتالي فإن جميع الحوادث التي وقعت عقب فتح بعض المقابر في السابق كانت بسبب الجراثيم الموجودة في المقبرة، وهي لها علاقة بالمومياوات الموجودة منذ آلاف السنوات.

أما العبارات التي سجلت والأشكال التي نحتت على جدران المعابد كانت تعبر عن تخيل المصري القديم بأن هذه الأشكال المنحوتة يمكن أن تتحول إلى حقيقة، منها الثعابين والأسود والتماسيح. وبعض المومياوات كانت تحمل "عفن"، يمكن أن يؤدي إلى نزيف في الرئة وبعض أنواع الجدران كانت تغطى ببعض أنواع البكتريا، وهي تهاجم الجهاز التنفسي، وتؤدي إلى الوفاة فيما بعد.

السحر
كما اكتشف الأثريون وجود غاز الامونيا ضمن الأشياء التي وجدت في التوابيت والتي تؤدي إلى حرقان في العين والأنف والالتهاب الرئوي، يمكن أن تؤدي إلى الموت، كما وجد داخل بعض المقابر فضلات الخفافيش، والتي تحمل الفطر الذي يؤدي إلى الأمراض التنفسية المشابهة للإنفلونزا، وجميعها من الأسباب التى يمكن أن تؤدي للوفاة، حيث يختلف ذلك من حالة لأخرى، وكان السحر من الأشياء الهامة عند القدماء المصريين، بل ارتبط أيضا بالدين، وبناء عليه إرتفعت مكانة الكهنة لدى الفراعنة، بتعليمهم السحر.

وكان السحر الأكثر شيوعا عند المصري القديم هو السحر الدفاعي، بهدف طرد الأرواح الشريرة. وعلى الرغم من تحقيق آلاف الاكتشافات الأثرية وآلاف الأبحاث، التي أجراها العلماء حول الحضارة المصرية القديمة، إلا أن السحر لا يزال سرا من أسرار الحضارة المصرية القديمة.

ورغم كل ذلك فإن كثيرا من الوقائع التي  جرت منذ عقود بعيدة كانت تلمح لبعض الحوادث العارضة علي إنها لعنة الفراعنة ومن ضمن هذه الوقائع ما جرى في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، حيث قام "ريتشارد" و"ليام فايس" مع المهندس "جون شاي"، من البعثات العاملة في مصر، بالحفائر داخل الأهرامات الثلاثة، وخلال العام  1837، عثر على تابوت من حجر البازلت داخل هرم "منكاورع" بوزن ثلاثة أطنان.

حوادث غامضة
وكانت الكتابات التي وجدت على التابوت غير مفهومة، وشحن على ظهر السفينة بياتريس لميناء ليفربول الإنجليزى، لكنها غرقت قبالة السواحل الإسبانية في البحر المتوسط، ولم يحدد موقع غرقها حتى الآن، نظرا لغرق الطاقم بالكامل.

ومن ضمن الوقائع أيضا غرق السفينتين "تيتانيك" و"باتريس" في المحيط الأطلنطي والبحر المتوسط، وأن القاسم المشترك بينهما أنهما كانا يحملان بعض القطع الأثرية المصرية لمومياوات أميرات، وتعد أشهر الحوادث تلك التي ارتبطت بفتح مقبرة الملك توت عنخ أمون عام 1922، والتي اكتشفها عالم الآثار الإنجليزي هوارد كارتر، في وادي الملوك غرب طيبة بالأقصر حيث وجد العبارة القائلة: "سيضرب الموت بجناحيه السامين كل من يعكر صفو الملك" والمذهل موت ٤٠ عاملا من الذين شاركوا في فتح المقبرة في ظروف غامضة إما بالحمى أو بالانتحار.
الجريدة الرسمية