رئيس التحرير
عصام كامل

تعرف على شروط قبول العمل الصالح

فضل العمل الصالح
فضل العمل الصالح وثمراته
ينبغي على المسلم أن يجتهد في القيام بـ الأعمال الصالحة، وأن يكثر منها، ويداوم عليها، كما يجب أن تكون هذه الأعمال خالصةً لوجه الله تعالى، فالأعمال الصالحة التي يقوم بها المسلم ممّا شرعه الله وطلب من عباده القيام بها تزيد من إيمانه؛ حيث إنّ الإيمان يزيد بالطاعات والإكثار من العبادات، والعبادات التي طلبها الله من عباده على اختلاف أقسامها فرضاً ونفلاً منقسمةٌ على أعمال الجوارح، والقلب، واللسان، وهذه كلها مختصةٌ بالعبودية لله تعالى، فمن عبودية القلب: الإخلاص، والتوكل، والمحبة، والرجاء وغيرها، ومن عبودية اللسان: قراءة القرآن، والتكبير، والتهليل، والتسبيح، والتحميد، ومن عبودية الجوارح: الصدقة، والصلاة، والوضوء، والحج، وهذه كلها من الإيمان ومندرجة تحت مسمّاه، والإكثار منها زيادة في الإيمان، والتقليل منها نقص في الإيمان.



فضل المداومة على العمل الصالح
إن للمداومة على العمل الصالح فضائل وثمرات وفوائد كثيرة، وفيما يأتي بيانٌ لها بشكلٍ مفصّل:

سببٌ لمحبة الله تعالى لعبده، وسببٌ لدخول الجنة. تكفير الخطايا والذنوب. النجاة من الكرب والشدائد في الدنيا والآخرة.

مداومة اتصال القلب بالله تعالى، مما يعطيه نوراً وثباتاً، وقد عدّ بعض العلماء أن ذلك من الحِكم التي شُرعت من أجلها أذكار المسلم في الصباح والمساء.

سببٌ في حسن الخاتمة، قال تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّـهُ الظّالِمينَ وَيَفعَلُ اللَّـهُ ما يَشاءُ).

سببٌ في الحصول على الأجر العظيم والثواب في حال أصاب المسلم عذراً منعه من العبادة؛ لأن الله يعلم أنه لولا ذلك المانع لأدّاها، وهذا من فضل الله تعالى وعظيم كرمه.

أهمية العمل الصالح
للعمل الصالح مكانةً عظيمةً في الإسلام، فهو ثمرة الإيمان، ويدخل في مسمّاه عند أهل السنة، فالإيمان كما عرّفوه هو: "قولٌ باللسان، وتصديقٌ بالجَنان، وعملٌ بالجوارح والأركان"، كما إنّ العمل الصالح اقترن بالإيمان في مواضع عديدةٍ من القرآن الكريم، منها قوله تعالى: (وَالْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)، ويتنوّع العمل الصالح وتتّسع دائرته حتى يشمل كل ما هو مباح إذا قصد به فاعله القرب من الله، وكانت نيّته صالحةً، فيدخل فيه النوم والأكل مثلاً بنية التقوّي على العبادة، وتتفاوت هذه الأعمال في مرتبتها والأجر المترتّب عليها، فأعظمها ما أوجبه الله -تعالى- من الفرائض، ثمّ تتفاوت الأعمال بعد ذلك على حسب الحاجة والمنفعة المترتّبة عليها، ودليل ذلك ما قاله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (الإِيمان بضعٌ وسبعون، أو بضعٌ وستُّون، شُعبةً، فأفضلها قول لا إله إلَّا اللَّه، وأدناها إماطة الأذى عن الطَّريق، والحياء شُعبةٌ من الإيمان) وبين تلك المرتبتين مراتب لا حصر لها ولا عدّ.

فضل العمل الصالح وثمراته
خلق الله السماوات والأرض، وما جعل على الأرض من الزينة ومن الموت والحياة إلا لحكمةٍ، وهذه الحكمة هي العمل الصالح، فقد قال تعالى: (وَهُوَ الَّذي خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ في سِتَّةِ أَيّامٍ وَكانَ عَرشُهُ عَلَى الماءِ لِيَبلُوَكُم أَيُّكُم أَحسَنُ عَمَلًا)، والعبد الذي يحقّق العمل الصالح هو العبد الصالح الفائز بالتجارة الرابحة مع الله، ومن فقد ذلك هو العبد الطالح، الخاسر في الدنيا والآخرة، وللعمل الصالح المبني على الإيمان ثمراتٌ طيبةٌ، وأجورٌ كبيرةٌ في الدنيا والآخرة، وفيما يأتي بيانٌ لهذه الثمرات:\

تحقيق الاستخلاف في الأرض، وتمكين الدين، والأمن بعد الخوف في الدنيا والآخرة، والاهتداء، حيث قال تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا).

الحياة الطيبة، وتكفير السيئات، والثبات على الحق حتى الممات، ودخول الجنّة، ورفعة الدرجات. إذا تاب العبد من سيئاته وندم عليها، فإنّ الله يزيده بعد تكفيرها، ويكون ندمه عليها حسنات له، وهذا بفضل الله تعالى. الشهادة لصاحب العمل الصالح المبني على الإيمان من عاجل البشرى له في الدنيا.

الرفعة في الدرجات وعِظم جزاء الله لعباده الذين يعملون الصالحات؛ حيث يجازيهم على أفضل أعمالهم لا أدناها ولا أوسطها. دخول الجنة والتمتع بما فيها من النعيم، ورضوان الله عزّ وجلّ، والنظر إلى وجهه الكريم.

شروط قبول العمل الصالح
يعدّ العمل صالحاً إذا استكمل ثلاثة شروط، أوّلها: أن يكون العمل خالصاً في النية لوجه الله تعالى، فقد قال تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)

والثاني: أن يكون هذا العمل موافقاً لما جاء به رسول الله محمد صلّى الله عليه وسلّم، فما جاء به رسول الله نأخذه، وما نهى عنه نتجنّبه، وثالث هذه الشروط: أن يكون فاعل العمل الصالح مؤمناً، وإذا اختلّ شرطاً من هذه الشروط كان العمل باطلاً غير مقبولاً.

علامات قبول الطاعة يقبل الله -عزّ وجلّ- الأعمال من عباده خاصة حين يكون العبد في مقتبل العمر؛ لأنّ العبد في هذا السن يكون عظيم النشوة والصحة والقدرة على ارتكاب المعصية، والانصراف عن الطاعة، ومن اغتنم الحياة في طاعة الله أنعم الله عليه بالحياة الطيبة وإنّ من أكثر ما يهمّ المسلم معرفته لقبول عمله عند الله؛ حتى يكون ثابتاً مستمراً عليه، ومن علامات قبول الطاعة عند الله ما يأتي:

عدم الرجوع إلى الذنب بعد الطاعة؛ لأنّ الرجوع فيه مقتٌ وخسران. الخوف من عدم قبول الله للطاعة، فالله غنيٌ عن العبادات من عباده، والذي يشكر يشكر لنفسه، والمؤمن مع شدة إقباله على الله وحرصه على طاعته، فإنّه يبقى مشفقاً على نفسه، خائفاً وجِلاً من عدم قبول الله لطاعته.

التوفيق إلى أعمالٍ صالحةٍ أخرى بعدها، لأنّ العمل الصالح يدفع صاحبه إلى عملٍ آخرٍ، والسيئة تجر إلى السيئة، والله يكرم عبده، فعندما يفعل الحسنة ويكون مخلصاً فيها يفتح له باباً آخر للحسنات.

استصغار العمل، وعدم العجب والغرور به؛ فيرى أنّه مهما قدّم من الأعمال الصالحة فإنّها لا تفي حق شكره على ما أنعم الله عليه من السمع والبصر وغيرها، فحقّ الله لا يمكن له أن يوصف، وممّا يُعين على ذلك:
معرفة الله تعالى، ورؤية نعمه، وتذكّر الذنوب وعاقبتها السيّئة. حب الطاعة وكره المعصية، فيضع الله في قلب عبده حب الطاعة، فيأنس العبد بطاعة الله ويطمئن إليها، قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)، ويكره العبد المعصية والقرب منها، ويدعو الله أن يبعده عنها.
الجريدة الرسمية