رئيس التحرير
عصام كامل

ما الحكمة من مشروعية سجود السهو؟

سجود السهو
سجود السهو
سجود السهو هو عبارة عن سجود المسلم سجدتين وذلك لتصحيح الخلل الذي حصل في صلاته بسبب السهو، ونتائج السهو ثلاثة: الزيادة، والنقص، والشك، والزيــادة إذا زاد المصلي في صلاته على عدد المرات التي يجب القيام، أو القعود، أو الركوع، أو السجود فيها متعمداً بطلت صلاته، وإن لم يتعمد المسلم ذلك وكان ناسياً ولم يذكر الزيادة حتى فرغ منها ومن الصلاة، فليس عليه إلا أن يلجأ إلى سجود السهو، وصلاته صحيحة، وإن ذكر الزيادة في أثناء هذا السهو وجب عليه الرجوع عنه ووجب عليه سجود السهو، وصلاته صحيحة.


ما الحكمة من سجود السهو ؟
شرع الله -سبحانه- سجود السَّهو؛ جَبراً لِما قد يقع فيه المُصلّي من الخطأ في الصلاة؛ سهواً، أو نسياناً؛ فسجود السَّهو يَسُدُّ الخلل الحاصل، ويجبره، فينال العبد بذلك رضا الله -تعالى-؛ بإتمام الصلاة دون تقصيرٍ؛ فالخطأ من طبيعة النفس البشريّة، وقد سها النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في صلاته.
النقص وينقسم لحالتين:

1-    نقص الأركان إذا سها المسلم ونقص في صلاته ركناً منها فإن كان تكبيرة الإحرام فلا صلاة له سواء تركها عمداً أم سهواً؛ لأن صلاته لم تنعقد أصلاً. وإن كان السهو بغير تكبيرة الإحرام فإن تركه المسلم متعمداً بطلت صلاته. وإن تركه المسلم سهواً فإذا وصل إلى موضعه من الركعة الثانية لغت الركعة الثانية التي تركه منها، وعندها تقوم الركعة التي تليها مقامها، وإن لم يصل في صلاته إلى موضعه من الركعة الثانية وجب عليه عندها أن يعود إلى الركن الذي تركه فيأتي به وبما بعده، وفي جميع الأحول وجب عليه أن يسجد للسهو بعد السلام.


2-    نقص الواجبات إذا ترك المسلم واجباً من واجبات الصلاة متعمداً ذلك بطلت صلاته، وإن كان ناسياً لهذا الواجب وذكره قبل أن يفارق محله من الصلاة يجب عليه أن يأتي به ولا شيء عليه. وإن ذكره بعد مفارقة محله وقبل أن يصل إلى الركن الذي يليه في الصلاة عليه أن يرجع فيأتي به ثم يكمل صلاته ويسلِّم، ثم عليه أن يسجد للسهو ويسلِّم. وإن ذكره السهو الذي حصل بعد وصوله إلى الركن الذي يليه سقط فلا يرجع إليه، فيستمر في صلاته ويسجد للسهو قبل أن يسلِّم.

 3-الشـك الشك يعني التردد بين أمرين أيُّهما الذي وق، ولا يلتفت إلى الشك في العبادات في هذه الحالات الثلاث
 1- إذا كان الشك مجرد وهم لاحقيقة له كالوساوس.
2- إذا كثر الشك مع الشخص " لديه بالأصل وسواس قهري وهومرض نفسي " بحيث لا يفعل عمل ما أو عبادة ما إلا وحصل وقد شك فيها.
3- إذا كان هذا الشك بعد الانتهاء من القيام بالعبادة، فلا يلتفت إليه إلا إذا تيقن الأمر .


أدعية السجود
 روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يقول في سجوده وركوعه : (سبوح قدّوس ربّ الملائكة والرّوح) روي في صحيح مسلم أيضاً عن عليٍّ رضي الله تعالى عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان إذا سجد يقول: (اللهمّ لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للّذي خلقه، وصوّره وشقّ سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين) .

روي في الحديث الصّحيح في كتاب السّنن أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ( وإذا سجد أحدكم فليقل: سبحان ربّي الأعلى ثلاثاً، وذلك أدناه) روي في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنّها قالت: تفقّدت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ذات ليلة فتجسّست، فإذا هو راكعٌ أو ساجدٌ يقول: (سبحانك وبحمدك لا إله إلّا أنت).

 روي في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها، قالت: فقدت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليلةً من الفراش، فالتمسته، فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد، وهما منصوبتان ، وهو يقول: (اللهمّ إنّي أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك.

 روي في صحيح مسلم عن ابن عبّاس رضي الله عنهما أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: (فأمّا الرّكوع فعظّموا فيه الرب، وأمّا السجود فاجتهدوا في الدّعاء فقمن على أن يستجاب لكم) .

روي في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ( أقرب ما يكون العبد إلى ربّه وهو ساجد، فأكثروا من الدّعاء ).

 روي في صحيح مسلم عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يقول في سجوده: (اللهمّ اغفر لي ذنبي كلّه دقّه وجلّه وأوّله وآخره وعلانيّته وسرّه) .

يستحبّ عند سجود العبد للتلاوة أن يقول: (اللهمّ اجعلها لي عندك ذخراً، وأعظم لي بها أجراً، وضع عنّي بها وزراً، وتقبّلها منّي كما تقبّلت من داود عليه السّلام) ويستحبّ أن يقول أيضاً: ( سبحان ربّنا إن كان وعد ربّنا لمفعولا).


حكم سجود السهو
فصّل أهل العلم في حكم سجود السّهو لاعتبارات عدّة، منها حال المصلي، مأموماً أو منفرداً، وغيرها من الاعتبارات، وبيان ذلك فيما يأتي:
القول الأوّل: قال الحنفيّة بوجوب سجود السهو، فإن تركه المُصلّي، فإنّ الإثم يترتّب عليه، إلّا أنّ صلاته لا تبطل؛ استدلالاً بحديث ابن مسعود -رضي الله عنه- أنّ النبيّ قال: (إذا شَكَّ أحدُكُم في صلاتِهِ فليتحرَّ الصَّوابَ فليُتمَّ عليهِ ثمَّ ليسلِّم ثمَّ ليسجُدْ سَجدتَينِ)، واستدلّوا أيضاً بحديث ثوبان مولى الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (لكلِّ سهوٍ سجدتان بعدما يُسلِّمُ) واحتجّوا أيضاً بعدم ترك الرسول -عليه الصلاة والسلام-، والصحابة -رضي الله عنهم- لسجود السهو؛ فبذلك تكون المواظبة عليه بلا تركٍ تفيد الوجوب.

القول الثاني: قال المالكيّة بأنّ سجود السَّهو سُنّةٌ مؤكّدةٌ لكلٍّ من الإمام والمنفرد، ولكن إن سها المأموم، فإنّه لا يسجد للسَّهو إلّا حين فراغ الإمام من الصلاة والسلام، فبذلك يسجد المأموم لسَهْو نفسه.

القول الثالث: قال الشافعيّة بأنّ سجود السَّهو سُنّةٌ، ولا يسجد المأموم لسَهْو نفسه خلف إمامه أبداً؛ إذ يتحمّل الإمام عنه ذلك، ويجب سجود السَّهو في حالةٍ واحدةٍ فقط، وهي الاقتداء؛ إذ وجب على المأموم أن يتابع إمامه.
القول الرابع: فصّل الحنابلة في حكم سجود السَّهو، وذهبوا في ذلك إلى ثلاث حالاتٍ، بيانها فيما يأتي:
الحالة الأولى: يجب سجود السَّهو إن غَفل المُصلّي، وسها عن ركنٍ، أو شكّ فيه، أو سها عن واجبٍ، أو جَهل وأخطأ في القراءة، ممّا أدى إلى تغيير معنى الآية بغير علمٍ.
الحالة الثانية: يُسَنّ سجود السَّهو لمَن أضاف قولاً مشروعاً في غير موضعه؛ سهواً كان، أو عمداً.
الحالة الثالثة: يُباح سجود السَّهو لمَن ترك سُنّةً من سُنَن الصلاة.
الجريدة الرسمية