رئيس التحرير
عصام كامل

بعد الإخوان!

18 حجم الخط

المشهد المروع في زاوية أبومسلم بالأمس، يدفعك بالقطع للعديد من التساؤلات بعيدا عن دمويته ومناقشة منطق المسئولين عنه.

فما الذي يدفع شعبا اعتاد الاختلاف منذ قرون لأن يلفظ كل أسباب تعايشه السلمي، ويستجيب لدعوات تقسيم نسيجه الواحد بمثل هذه السرعة - عام واحد منذ تولي مرسي الرئاسة.


أغلب الظن أن الأمر بدأ منذ ستين عاما، عندما بدأ التجريف الممنهج للمجتع المصري، والقضاء على بذرة الدولة المدنية المصرية، لنصل في النهاية في العام 2011 إلى المشهد العبثي الذي يطرح قوتين فقط على الأرض إما العسكر أو الإخوان. 

فحقيقة الأمر، أن محمد مرسي العياط ليس السبب وراء الطائفية والمذهبية التي صارت مصر تعانيها اليوم، فهو لم يكن سوى الرصاصة التي خرجت من مسدس ظهر منذ ستين عاما واكتمل حشو خزنته بالطلاقات خلال الثلاثين عاما الماضية.

الجريمة الكبرى التي يجب أن يدفع مبارك حياته ثمنا لها، هي إهماله للوطن وتركه مرتعا للجهلاء من المشايخ وتجار الدين، ليس هذا فحسب بل إن نظام مبارك استفاد من البيئة العفنة التي خلقها هؤلاء وسط مجتمعات الفقراء والأميين، وعقدت أجهزته الأمنية صفقات مشبوهة مع رموز هؤلاء المشايخ لخلق مناخ وسط غالبية الفقراء المصريين يسمح لطغيانه بالاستمرار.

كانت الصفقة واضحة قبل مبارك عندما فتح السادات الباب على مصراعيه للتيارات الإسلامية لتعمل وتخرب في وجدان المجتمع المصري، هم سيحظون بحرية العمل وهو سيضرب كل التيارات السياسية اليسارية التي تعارضه.

أما مبارك فلم يكتف بذلك وحده بل ترك آلاف الجمعيات الخيرية تتلقى تمويلات مشبوهة لتعمل تحت مظلة الدين الحنيف وتغرس في الناس قيم الاستكانة والاستسلام لقضاء الله وسنته في توزيع الأرزاق، وقبول الحاكم أيا ما كان لأن الخروج عليه حرام شرعا.

ولكي تكتمل المنظومة صار تدمير المؤسسة التعليمية في مصر أمرا بديهيا، فانهار التعليم وصرنا نشهد خريجي جامعات يكتبون أسماءهم ربما بصعوبة.

وفي مواجهة الإرهاب كان الحل الأمني وحده دون غيره هو سلاح مبارك لمواجهته، فتعاظمت المؤسسة الأمنية كقوة باطشة ليس في مواجهة الإرهابيين وحسب ولكن في مواجهة الشعب المصري كله.

السؤال الحقيقي الذي علينا أن نجيب عنه بصدق هو، ماذا سنفعل إذا ما تمت إزاحة الإخوان من الحكم؟ وكيف سنتعامل مع هؤلاء الذين خرجوا علينا من جحورهم العفنة لينشروا رائحتهم المقززة بيننا؟

أغلب الظن أنه أمامنا سنوات وسنوات كي نستطيع تنقية المجتمع المصري مما تلوث به طوال الأعوام الماضية، وهو أمر يستدعي تغييرات جذرية في منظومة التعليم والثقافة والأمن والقوانين و... و...
الجريدة الرسمية