رئيس التحرير
عصام كامل

2020 وضيفه الثقيل

مع قرب رحيل عام 2020، وما حمل من آلام للبشرية قاطبة بلا استثناء، إذ قدم برائحة الرعب والموت، أثبت هذا العام أيضا بما لا يدع مجالا للشك، أن هذه الدنيا بزخرفها وزينتها وعنفوان البعض فيها وقوتهم، عبث بها فيروس لا يري بالعين المجردة، فأحال الأصحاء إلى مرضي فى غمضة عين فعانوا المحنة وأطيح بغرور البعض منهم، وانخفضت أنوف الكبرياء رغما عن الجميع.


ودعنا الأحباء إلى رحاب العلي القدير، ونأمل أن يلحقنا الله عز وجل بهم على خير، وندعوه أن يسكنهم فسيح جناته إنه ولي ذلك والقادر عليه.

ربما علمتنا 2020، أن هذا العالم ما هو إلا عبارة عن شقة سكنية محدودة مكونة من حجرة وصالة، نتبادل فيها الأماكن، وقد نحتاج الى بعض البعض يوما، مهما بلغت الظنون أننا لن نحتاج.

عم عوض

غيرت 2020 ملامح شخصيتنا كثيرا، وأبدلت مفاهيم بالية كنا نظن أنها راسخة أبد الدهر، غيرت من تركيبتنا النفسية، وجاء الفيروس اللعين ليرسخ في الوجدان بإيمان مطلق أن النافع والضار هو الله عز وجل لا أحد غيره.

من وشي بزميل عمله، بغرض اقتناص مكانه، وسخر الله عز وجل هذا المجنى عليه ليكون سببا فى إنقاذ الواشي، وهو ما ثبت فعليا فى الكثير من جهات العمل التي احتاج أعضاؤها للترابط أكثر من أي وقت مضى.

من عق والديه بزعم ضعفهم وقدرته على التنكيل بهم، فانقلبت الآية فى لحظة ليصبح بين يدي الله، فى انتظار رحمته، مع عناية من كان يظن يوما أنه قد قدر عليهم.

من استضعف زوجته ونكل بها وبأهلها بل أكل حقوقها وهضمها، ليصبح فى اليوم التالى تحت سطوة المرض، يحتاج إلى من كانت له سترا وغطاء، كى تساعده على النهوض من محنته.

نماذج كثيرة لأوضاع اجتماعية مختلفة، غيرتها محنة 2020 وضيفه اللعين "كورونا"، لكن ربما كان هذا فى صالح البشرية، كى يعيد الجميع ترتيب علاقاته مع الآخرين بمفهوم جديد، يتسم بالرحمة والانسانية وحسن العشرة واللطف واللين والرفق.

آكلو النار

نأمل أن يكون عام 2021، بإذن الله وحوله وقوته، عام خير للجميع تنتهى فيه معاناة البشرية قاطبة على اختلاف الأديان والمذاهب بلا أى تفرقة، وأن نستقبل العام الجديد بنفوس صافية مخلصة، أيقنت أن كل صراعات العمل والحياة والمال مجرد هراء لا طائل منه أثبتته خشبة الموت، وأن الحياة قد تنتهى فى لحظة بإرادة الله.

معا ننزع "عقوق الوالدين، التجبر على الأهل، الوشاية فى العمل، أكل حقوق ومال الغير" من قاموسنا الاجتماعى، كى تعود إلينا بعض قسمات الانسانية، ويرفع الله هذا الوباء بترفقنا ببعضنا البعض، نتفائل خيرا كثيرا، سيمر كل مر بأذن الله، كل عام وأنتم بكل الخير والعافية.

الجريدة الرسمية