رئيس التحرير
عصام كامل

دعاوى لضم الكيان الصهيوني وإيران للجامعة العربية.. دبلوماسيون: التطبيع أضعف "الجامعة".. و"العرابي": التأثير يطال جميع المنظمات

العرابي وزير الخارجية
العرابي وزير الخارجية الأسبق
حُمَّى التطبيع مع الكيان الصهيونى، التي أصابت على حين غفلة، عددًا من الدول العربية، فتحتْ بابًا للتساؤلات والاستفسارات والتخمينات والاجتهادات، عمّا يحمله المستقبل للمنطقة العربية بشكل عام، والقضية الفلسطينية بشكل خاص.


العرب لم ولن يكونوا يومًا قوة واحدة ولا يدًا واحدة، تحسبهم جميعًا وقلوبهم وعقولهم وضمائرهم شتى، تجتاحهم النزاعات والخلافات والاختلافات، لا يجمعهم عقل، ولا يوحِّدهم رأى. الفلسطينيون أنفسهم نموذج لهذه الحالة المتفاقمة، وكأن العرب اتفقوا على ألا يتفقوا، حتى في أدنى أمورهم وأبسطها.

دعاوى نكراء

الجامعة العربية، كانت ولا تزال، انعكاسًا للحالة العربية المتردية، حيث لا صوت لها ولا رأى ولا موقف ولا تأثير، وجاءت حمى التطبيع الأخيرة، لتنكئ الجراح وتزيد الأوجاع، وتفاقم الآلام، حتى خرجت أصوات تطالب بضم الكيان الصهيونى وإيران إلى الجامعة، مع تغيير اسمها إلى "جامعة الشرق الأوسط".

دعوات نكراء، لا تحمل في باطنها أي نوايا طيبة أو حسنة، ولكنها تبدو استكمالًا لمسلسل الفُرقة وإضعاف العرب وتشتيت صفوفهم، وإهدار ما تبقى من من مظاهر الوحدة، ولو بدت صورية، كما هو حال الجامعة العربية. أصحاب هذه الدعوات لم يفكروا يومًا في إعادة العضوية المجمدة لبعض الدول العربية التي تمزقها الحروب الأهلية، ولكنهم وضعوا أنفسهم في خدمة الأجندات العدوانية المغرضة.

"فيتو" تفتح هذا الملف، لقراءة واستشراف مستقبل الجامعة العربية في ضوء الأحداث الأخيرة المتلاحقة التي أربكت المشهد العربى بشكل عام، مهما اكتنفه من تصريحات وردية ودبلوماسية لا تغير من الواقع الأليم شيئًا مذكورًا.

أزمة الجامعة

أجمع وزراء سابقون ودبلوماسيون على أن الجامعة العربية تواجه منعطفًا خطيرًا، فى ظل موجة التطبيع العربية الأخيرة مع الكيان الصهيونى، مؤكدين أنها تصب فى إضعاف الجامعة العربية التى تعانى ضعفًا مُركبَّا؛ لأسباب كثيرة، ليس من بينها شخصية أمينها العام الحالى أحمد أبو الغيط أو أسلافه.

كما شددوا على أن واقع الجامعة العربية لا يبشر بخير، ومن ثمَّ.. فإن مستقبلها فى ظل ما يتردد من اقتراحات مغرضة بضم الكيان الصهيونى وإيران، رغم ما يمثلانه من تهديد واضح ومباشر للعرب، لعضوية الجامعة.

تأثير يطول الجميع

من جانبه.. قال السفير محمد العرابى وزير الخارجية الأسبق وعضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب: إن الشارع العربى لن يقبل مطالبة ضم إسرائيل وإيران لجامعة الدول العربية تحت مسمى جامعة الشرق الأوسط، لافتا إلى أن الدول المتواجدة في الجامعة لها سمات مختلطة ولن تقبل بهذا الأمر.

وأضاف وزير الخارجية الأسبق: لا نتحدى الرأى العام العربى بأفكار لا ترضى الشارع العربى، موضحا أن موجة التطبيع الأخيرة تؤثر على جامعة الدول العربية والمنظمات العربية الأخرى، مثل: مجلس التعاون الخليجى، وقد أصيبوا وأصبحوا مؤسسات ضعيفة قبل التطبيع مع إسرائيل.

وتابع العرابى: التطبيع لن يطال الجميع مشيرا إلى أن تطبيع بعض الدول لا يؤثر على مصر، وخاصة أنها دولة ذات سيادة، وتتخذ قرارات خاصة بها وعلاقاتنا بإسرائيل لها شكل خاص وهذا الشكل يحقق جزءا من أهدافنا الإستراتيجية في المنطقة وهو ألا يكون هناك توتر على الحدود.

وأشار العرابى إلى أن علاقاتنا مع إسرائيل لها طابع خاص، خاصة أننا خضنا حربا ضدهم واسترددنا أرضنا بالسلام موضحا أن التطبيع سيؤثر بالسلب على القضية الفلسطينية والأجواء الحالة لا تنذر بأمور طيبة.

توازنات القوى

من جانبها.. قالت السفيرة مشيرة خطاب مرشحة مصر في انتخابات اليونسكو السابقة: هناك حقائق يجب أن نستوعبها جيدا حول مطالبات انضمام إيران وتركيا وإسرائيل إلى الجامعة العربية، منها أننا نعيش في عالم تغيرت فيه التوازنات بوتيرة متسارعة، وبشكل كبيرا جدا، على المستويين العالمي والدولي.

مضيفة: انضمام أي دولة لأى منظمة إقليمية أو عالمية يتطلب البرهنة على التزامها باحترام الدول أعضاء المنظمة ونظمها وقيمها، والرغبة في العيش في سلام معها، وعدم التدخل في شئونها، كما يتطلب البرهنة على احترام أهداف المنظمة والعمل على تحقيق الغايات التي أنشئت من أجلها، مثلما يرجع إلى موافقة الدول أعضاء هذه المنظمة.

وفى حالة رغبة أي دولة في الانضمام إلى منظمة مثل جامعة الدول العربية، فإن الأمر يتطلب أن تعقد الجامعة العربية  اجتماعا، إما على مستوى القمة أو ينعقد مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية ويتم اتخاذ قرار بشأن رغبة الدولة أو الدول الراغبة في الانضمام إلى الجامعة العربية.

وهنا أتوقع أن تقوم أمانة الجامعة بإجراء تقييم  لأهمية انضمام الدولة طالبة العضوية، والفائدة التي ستعود على الجامعة من انضمامها، وفي حالة الدول الثلاثة، فإن انضمامها سيغير من اسم الجامعة ولغة العمل بها بخلاف أمور أخرى، ولهذا فإن الأمر يتضمن تكلفة كبيرة وجوهرية على الجامعة، ومن هنا فإن الالتزام المتوقع من جانب الدولة طالبة العضوية بأحكام الميثاق ينطوي علي أمور عديدة.

وفي النهاية فإن الدول أعضاء الجامعة تتمتع بحقها السيادي في الموافقة أو الاعتراض على قبول أي عضو جديد، ومن أهم شروط العضوية على سبيل المثال أن تكون سياسة الدولة طالبة الانضمام تتفق والمبادئ والأغراض التي أنشئت من أجلها الجامعة العربية، وأن تتعهد باحترام الميثاق واتخاذ كافة الإجراءات من أجل تنفيذه بحسن نية، ومن هذا القبيل، تتعهد هذه الدولة بمراجعة تشريعاتها الوطنية كي تضمن مواءمة هذه التشريعات مع ميثاق المنظمة التي ترغب في الانضمام إليها ( في هذه الحالة ميثاق جامعة الدول العربية).

وأن تتعهد بألا تدخر جهدا في  تنفيذه. وفي ضوء هذه الاعتبارات للدول الأعضاء الحق في أن تقرر إذا كانت ستقبل عضوية هذه الدول أم لا وأوضحت أن ذلك سيتطلب دراسة الالتزامات التي ستتحملها الدول راغبة الانضمام وفقا لما ينص عليه الميثاق، وفيما يتعلق بحالة إسرائيل تحديدا،( وبدرجة أقل إيران وتركيا).

وأتصور أن الأمر سيثير عدة مشكلات أولاها  على سبيل المثال، ما تشير إليه ديباجة الميثاق من أن الدول الأطراف وافقت على الميثاق بهدف تدعيم العلاقات والوشائج العربية في إطار من احترام الاستقلال والسيادة بما يحقق صالح عموم البلاد العربية، كما تشير المادتان ٥ و٦ من الميثاق إلى  حالات استخدام القوة ضد إحدى الدول الأعضاء في الجامعة ووقوع نزاع.

وأتساءل هل ستغض الدول العربية الطرف عن النزاع القائم بين إسرائيل وفلسطين وعدد من الدول العربية، أم أن إسرائيل من أجل تحقيق رغبتها في الانضمام إلى الجامعة، ستعيد الأراضي التي احتلتها بالقوة وتهدم المستوطنات التي بنتها دون وجه حق؟خصوصا ونحن نعلم أن ميثاق الجامعة  يتألف من ديباجة وعشرين مادة، وثلاثة ملاحق خاصة، الملحق الأول خاص بفلسطين.

وأتساءل هل ستتعهد إسرائيل بتنفيذ الالتزامات التي تفرضها عضوية جامعة الدول العربية؟.

مصر

وأضافت خطاب: فيما يتعلق بمصر فإنها أول دولة بدأت وبادرت بالدعوة بالسلام مع إسرائيل، والرئيس أنور السادات قام بزيارة تاريخية للقدس، وفى الوقت الذي مد يده للسلام باسم مصر دعا جميع الدول العربية إلى الوحدة، وعقد اتفاق سلام شامل مع إسرائيل.

وأوضحت خطاب: وفيما يتعلق بإسرائيل، ربما يتساءل البعض ولماذا تريد إسرائيل الانضمام إلى جامعة الدول العربية، وما الذي تتوقعه من عضويتها، الإجابة معقدة، ولكن هناك أمور واضحة، فكلنا نعلم أن إسرائيل خططت ونجحت في تحقيق ما خططت له وظروف كثيرة خدمت إسرائيل ومنها العلاقات المفصلية بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية والمساندة الأمريكية غير المحدودة لها.

وكان آخرها ما أقدم عليه الرئيس ترامب الذي ضرب عرض الحائط بالشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة،  في قضية شغلت الأمم المتحدة، والولايات المتحدة والعالم لعقود طويلة، وفي ديسمبر عام ٢٠١٧ أعلن القدس عاصمة لإسرائيل، ثم أعلن سيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، وأخل بمسئوليات الولايات المتحدة الوسيط في عملية السلام، وتصرف وكأنها احدي شركاته الخاصة التي يديرها ويتصرف فيها كيفما يشاء.

وأوضحت خطاب: خلاصة القول إن إسرائيل حصلت على ضوء أخضر بضم الأراضي المحتلة، وحققت أهدافها مستفيدة من الفوضى التي أحدثها ما سمى بالربيع العربى، وانتهينا بفوضى عارمة، واليوم لا تزال دول عربية كبيرة  تعانى لاستعادة السلم والاستقرار الداخلي، وانشغلت دول كثيرة بنزاعات داخلية وحروب أهلية وانشقاقات عرقية.

واليوم دعاوى انضمامها للجامعة العربية تأتي بحثا عن صك الاعتراف، وتابعت خطاب: إسرائيل تريد الانضمام لجامعة الدول العربية، وأنا لا أعلم إذا كانت جادة في هذا المسعى أم لا ، نظرا لأن أي دولة عندما تطلب الانضمام لمنظمة يجب أن يكون لديها أهداف تسعى لتحقيقها، ويجب أن يكون لهذه المنظمة نجاحات معينة تدفع الدول للانضمام للاستفادة منها، ولذلك  فهناك علامات استفهام كثيرة حول دوافع إسرائيل للانضمام لجامعة الدول العربية.

وفي تقديري جامعة الدول العربية لن تقدم لإسرائيل أكثر مما تحققه إسرائيل بطرقها الأخرى وتحالفاتها القائمة حاليا، موضحة أن إسرائيل تريد فقط  الرمز أو الختم، وتريد أن تحصل على الشهادة أو الاعتراف بالنصر.

وأشارت خطاب إلى أنه في هذه الحالة فإن  الجامعة العربية تحتاج إلى نقلة نوعية تمكنها من التعامل مع الواقع الجديد الذي قد يأتي بالخير للشعوب. الجامعة تنتظر تفويضا برؤية جديدة لدور جديد في عالم متغير.. وهذا سيكون النصر العظيم، لأن الجامعة لديها إمكانيات عظيمة للغاية، لدينا أمين عام ممتاز، خير خلف لخير سلف.


نقلًا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية