رئيس التحرير
عصام كامل

أبناء الأكابر.. برلمانيون يؤكدون أن منظومة العدالة الاجتماعية لم تلتئم بعد.. والشعب يريد القضاء على توريث الوظائف

النائب طلعت خليل
النائب طلعت خليل
ربما قادك حظك العثر إلى مصلحة حكومية لإنجاز بعض الأوراق، ولم تنجز المهمة التي أتيت من أجلها إلا بعدما ذُقتَ الأمرَّين، وربما لاحظتَ وأنت في ساعات الانتظار الطويلة والمريرة أن شخصًا ما تسلل بين الصفوف في هدوء وأنجز في دقائق ما لا تنجزه أنت في يومين؛ لأنه يملك حصانة أو نفوذًا أو مدعومًا ممن يتمتع بهما.


وربما يكون من بين أقاربك ومعارفك خريج جامعى نابه ولم يجد عملًا أو وظيفة، واضطر أن يعمل بائعًا متجولاً أو عاملاً باليومية، في الوقت الذي لم يجد فيه زميله ذو التقديرات الأدنى صعوبة في القفز ببراشوت الواسطة وسلاح التوريث على منصب رفيع ذى مرتب كبير ومكانة اجتماعية رفيعة.

وربما تجاور في مسكنك واحدًا من أصحاب الوظائف المرموقة، فتكتشف آسفًا أنه لا يتحمل ما تتحمله أنت من أعباء مالية شهرية تسددها للحكومة من فواتير الكهرباء والمياه ودع القوس مفتوحًا.

وربما صادفت أحدهم وهو يتنمر على موظف بسيط أو شرطى بالشارع متفاخرًا: "إنت مش عارف بتكلم مين"؟ مواقف كثيرة متعددة ومركبة ومؤلمة تعكس حالة المجتمع وتركيبته النفسية والاجتماعية، وتؤكد أن ما حلم به عموم المصريين من القضاء على جميع مظاهر التمييز والعنصرية والفئوية لم يكن أكثر من وهم ومحض خيال.

العدالة

لا ينكر منصف أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يوجه باستمرار بتطبيق العدالة بجميع صورها بين الجميع، ولكن المجتمع نفسه لم يتطهر بعد من أمراض الماضى وأدرانه التي سكنت أوصاله وتوطنت جيناته؛ حتى صار استئصالها أحد المستحيلات الأربعة. واقعة "طفل المرور" بكل ما أثارته من وجع وألم واستفزاز تؤكد بقاء هذا الميراث وتفاقمه على نحو يستحيل معه القضاء عليه تمامًا.. "فيتو" ترصد في هذا الملف ظاهرة أولاد الأكابر وأبناء الذوات بما لها وما عليها..

استغلال السلطات

وفي هذا السياق انتقد عدد من أعضاء مجلس النواب، استمرار مظاهر استغلال السلطات والحصانات وغياب العدالة الاجتماعية، مؤكدين أن السبب وراء تلك المظاهر هو مرض مجتمعى يقف وراءه قيادات ومسئولون يمارسون مثل تلك المظاهر، حتى أصبح لدى المواطن البسيط قناعة وإيمان كبير بعدم تغيير تلك المظاهر السلبية.

النائب طلعت خليل عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، قال إن السبب الرئيسى لاستغلال السلطات والحصانات، هو مرض مجتمعى نعانى منه، مشيرا إلى استمرار استخدام الوسائط في الالتحاق ببعض الكليات والوظائف العامة.

وأضاف في تصريح لـ فيتو: للأسف نحن المسئولون عن ذلك كنواب أو مسئولين كبار في مختلف الجهات، حيث يحرص البعض على الحصول على أرقام مميزة للسيارات الخاصة ولصق استيكر وعلامة مميزة للجهة التي ينتمى إليها، وكذلك الحرص على تركيب زجاج فاميه للسيارة، كلها دلائل على المرض المجتمعى.

سلوكيات غريبة

وتابع عضو مجلس النواب، من الطبيعى أن يفرز المجتمع المريض، مظاهر سلوكية غريبة مثلما فعل طفل المرور نجل القاضي، في ظل حرص أبناء القضاه على تعيين أبنائهم قضاة، وغيرهم من فئات المجتمع الأخرى في وظائفهم، باستغلال الوسائط والسلطات.

وأكد النائب طلعت خليل، أن من المفترض أن الجميع أمام القانون سواء، لا فرق بين أحد، إلا أنه للأسف لا يوجد تكافؤ فرص في الحصول على الوظائف العامة وبعض الكليات، الأمر الذي لا يقضى على العدالة الاجتماعية فقط، بل يقضى على المجتمع ككل، في ظل استمرار تلك المظاهر الناتجة عن مرض مجتمعى ينهش في المجتمع ككل.

واستطرد عضو مجلس النواب، لابد أن نكون نحن كنواب ومسئولين في مناصب قيادية، قدوة لاأناء المجتمع، بالحفاظ على تطبيق القانون على الجميع، وهنا يستقيم المجتمع ويتم القضاء على تلك المظاهر السلبية من استغلال سلطات ووسائط وحصانات.

الواسطة

وقال النائب محمد العتمانى، عضو مجلس النواب: إن مظاهر استغلال الواسطة والنفوذ، ما زالت مستمرة حتى الآن، وللأسف أصبح لدى المواطن، إيمان كبير بأنه لن يحصل على حقه في أي شيء بدون واسطة، كما أن الدولة لم تستطع تغيير ذلك منذ عام ٢٠١١ حتى الآن، رغم ما تم المطالبة به في ذلك التوقيت خلال ثورة ٢٥ يناير.

وأضاف العتمانى في تصريح لـ فيتو: للأسف مازالت الواسطة موجودة عقب ٢٠١١ بنفس النهج، وكذلك ما زال توريث المناصب الرفيعة في مصر لأبناء المسئولين فيها، ما أدى إلى تكوين انطباع وإيمان لدى المواطن بأن ذلك النهج لن يتغير، مشيرا إلى أن المواطنين يطلبون منه التدخل كواسطة في أي عمل يريدون الحصول عليه، سواء دخول مريض مستشفى لتلقى علاج أو استخراج معاش أو إنهاء إجراءات، وذلك بسبب قناعتهم باستمرار الواسطة والنفوذ.

وتابع عضو مجلس النواب، أن أزمة طفل المرور، تم تطبيق القانون فيها بشكل جيد، حيث إن ما صدر من النيابة العامة من قرار بشأن الطفل هو مطابق لقانون العقوبات وعقوبة الأحداث، ولكن الأزمة في الأسباب التي أدت إلى قيام ذلك الطفل بهذا السلوك.

واستطرد النائب محمد العتمانى، أيضا العدالة الاجتماعية لم تتحقق بعد، مشيرا إلى أن مفهوم العدالة الاجتماعية هو حصول كل فرد على نصيبه من ثروة بلده، متابعا: للأسف ما زال كل مواطن لا يجد العلاج في المستشفيات الحكومية وما زال راتب الطبيب لا يكفيه وراتب المعلم كذلك وأغلب الوظائف الحكومية، رغم أن المواطن البسيط يدفع كافة الضرائب مثله مثل من يملك المليارات، ولكنه لا يجد أي خدمات مقابل ذلك مستشهدا بالمواطنين بالأرياف الذين لا يشعرون بعائد تلك الضرائب في مجتمعاتهم، مضيفا، نحتاج إلى إجراءات عديدة لتنفيذ العدالة الاجتماعية الحقيقية.

نقلًا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية