رئيس التحرير
عصام كامل

الأسس النبوية في إسعاد بيت الزوجية

لقد كانت الأسر قبل مجيء النبي تعاني التفكك والانحلال والانحدار، فجاء النبي ليضع أسسًا تنقذ الأسر وتجعلها تعيش في أمان وسعادة واستقرار. وقد اعتنى الرسول بالأسرة اعتناء بالغًا وصل إلى حد الاعتناء بها قبل تأسيسها، حتى يتحقق بين أفرادها التناغم والتلاؤم والانسجام..


وقد وضع النبي عددا من الأسس الداعية لاستقرار السعادة في بيت الزوجية لعلّ أهمها:
1- حسن الاختيار:
فأهم اختيار في حياة المرء بعد الإيمان اختياره لشريك حياته، وقد حث الإسلام على حسن الاختيار، إذ لكلا الطرفين دور في تربية الأبناء، فمن اختار زوجه فقد اختار أبناءه، قال الرسول: "تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ" (متفق عليه).

أبا الزهراء.. شوقًا إلى نظرة
وقد خاطب رسول الله أولياء الزوجة بأن يختاروا لها من الشباب الأكفاء الذين يحفظون عليها دينها وخلقها فقال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" (رواه الترمذي).

2- تبادل الحب بين أفراد الأسرة:
فالحب والمودة والرحمة هي الهدف الأسمى من الحياة الزوجية، ونبينا هو المثل الأعلى في تبادل الحب بينه وبين زوجاته؛ بل ويصرح بذلك فيما روي عن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ:" يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْكَ؟ قَالَ: عَائِشَةُ. قَالَ: مِنْ الرِّجَالِ؟ قَالَ: أَبُوهَا." (الترمذي وحسنه).

لقد كان الحب في قلب النبي لزوجاته شمساً ترسل أشعتها في حياة كل الأزواج، كي يستضيئوا بضيائها، ويستنيروا بنورها، ولنا في البيت النبوي الأسوة والقدوة.

3- التعاون بين أفراد الأسرة:
فقد ضرب رسول الله أروع الأمثلة في التعاون مع أسرته، فقد كان يقوم بمهنة أهله، يغسل ثوبه، ويحلب شاته، ويرقع الثوب، ويخصف النعل؛ ويعلف بعيره، ويطحن مع زوجته ويعجن معها، وكان يقطع اللحم مع أزواجه، ويحمل بضاعته من السوق، وصدق حين قال عن نفسه: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي" رواه الترمذي.

4- أداء الحقوق:
فهناك حقوق متبادلة بين الزوجين، وقد بيّن النبي ضربًا من هذه الحقوق في خطبة الوداع حيث قال:" اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ؛ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ؛ وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ؛ فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ؛ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ." ( رواه مسلم ).

مولد النبي ٢٠٢٠ .. لمحات من سيرة خير البرية
وكذلك للأبناء حقوق تتمثل في أن يختار الأب لولده أمًّا صالحة، وأن يختار له اسمًا حسنًا، وأن يعلمه شيئًا من القرآن.

5- التوجيه والإرشاد:
فقد ضرب النبي لنا المثل في التوجيه والإرشاد؛ فعن ابن عباس قال كنتُ خلفَ رسولِ اللهِ يومًا فقال: "يا غلامُ ، إني أعلِّمُك كلماتٍ: احفَظِ اللهَ يحفَظْك، احفَظِ اللهَ تجِدْه تُجاهَك، إذا سألتَ فاسألِ اللهَ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ، واعلمْ أنَّ الأمةَ لو اجتمعتْ على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ لك، وإنِ اجتمعوا على أن يضُرُّوك بشيءٍ لم يضُروك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ عليك، رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحُفَ" ( رواه والترمذي).

وأبلغ تأثير في التوجيه والإرشاد هو التربية بالقدوة، وقد نبهنا نبينا لذلك، فعن عبد الله بن عامر قال: "دعتني أمي يومًا وأنا صغير، ورسول الله قاعد في بيتنا، فقالت لي: تعال أعطيك، فسألها الرسول الصادق المصدوق: ما أردت أن تعطيه؟قالت: أردت أن أعطيه تمرًا، فقال لها: أما إنك لو لم تعطه شيئًا كُتِبت عليك كذبة" (رواه أحمد، وأبو داود).
هذه الأسس لو التزمت بها كل أسرة لعاشت في هناء ومودة وسعادة واستقرار، ولصلح المجتمع، فبصلاح الأسر ينصلح المجتمع.
الجريدة الرسمية