رئيس التحرير
عصام كامل

خريف «أبو شقة» في «بيت الأمة».. انتخابات مجلس النواب تهز عرش «رئيس الوفد».. و«الانتخابات المبكرة» سلاحه الأخير

بهاء أبو شقة
بهاء أبو شقة
«من القمة إلى بداية السقوط».. من هنا يمكن المضي قدمًا للحديث عما يحدث داخل جدران حزب الوفد خلال الفترة الحالية، وتحديدًا ما يحدث مع رئيس «بيت الأمة» المستشار بهاء أبو شقة، الذي تولى رئاسة «الوفد» منذ ما يقرب من 3 سنوات، ظل خلال معظم أشهرها «الحاكم بأمره» داخل الحزب، وكانت قراراته تنال دائما «موافقة الأغلبية» والتأييد الكامل، سواء من هيئة «الوفد العليا» أو من الأعضاء العاديين داخل الحزب، غير أن هذا المشهد انتهى، وعاد «الوفد» مجددًا إلى «مربع الأزمات».


عرش أبو شقة

لم يكن أحد يتوقع أن يهتز عرش «أبو شقة» داخل بيت الأمة، فبعد أن كان غالبية أعضاء الحزب يحاولون التقرب منه بل والسير على خطاه، والوقوف لأخذ صورة معه في المؤتمرات والمحافل على مستوى الحزب وخارجه، وكان يشار له بالبنان بين أعضاء الوفد وقياداته أيضا، وتصدر البيانات من جميع القيادات تأييدا له في كل القرارات، الآن هناك من يطالبه بالرحيل من رئاسة بيت الأمة قبل أن تنتهى مدته الأولى في رئاسة الوفد.

«أبو شقة» رغم هذه الشعبية الكبيرة التي دخل بها لرئاسة حزب الوفد وفاز على منافسه حينها المهندس حسام الخولى في رئاسة الوفد بفارق كبير من الأصوات وبتأييد شاسع من القيادات والأعضاء وقتها، لم يكن أحد يتوقع أن يأتي اليوم الذي يطالب فيه بالرحيل عن رئاسة بيت الأمة، والمطالبة بإجراء انتخابات مبكرة على رئاسة الحزب، لا سيما وأنه لم يستكمل المدة الأولى له في رئاسة الحزب وهى الأربع سنوات وفقا للائحة الحزب الداخلية التي ينتخب فيها رئيس الحزب لمدة أربع سنوات، وله حق الترشح لمدة ثانية فقط على كرسى الرئيس، ثم يغادر بعد ذلك ولا يجوز له الترشح على كرسى الرئيس إلا بعد انقضاء فاصل لرئيس آخر للحزب، وبعدها يجوز له الترشح.

مجلس الشيوخ

كانت بداية أزمة المستشار في بيت الأمة في انتخابات مجلس الشيوخ الماضية التي لم تمر عليها عدة أسابيع، عندما شارك حزب الوفد في القائمة الوطنية من أجل مصر بانتخابات مجلس الشيوخ، والتي يتزعمها حزب الأغلبية البرلمانية الحالى مستقبل وطن، وكان نصيب «الوفد» فيها 6 مقاعد فقط لحزب الوفد، وهى نسبة أثارت حالة من الغضب بين قيادات بيت الأمة لدرجة دفعهتم لمطالبته بالانسحاب من القائمة، نظرا لأن هذا التمثيل لا يناسب بيت الأمة وحزب كبير مثل حزب الوفد الذي يمتد تاريخه لأكثر من 100 عام كاملة، في مقابل أن أحزابا نشأت منذ ثلاثة أو أربعة أعوام تحصل على مقاعد أكبر بكثير من حزب الوفد في قائمة مجلس الشيوخ التي كان تعدادها 100 مقعد.

ولم يحصل الوفد إلا على 6 مقاعد منها فقط، بل وكان الأكبر من ذلك خسارة الحزب على جميع المقاعد الفردية التي دفع بها وهما 24 مقعدا على مستوى الجمهورية، وأصبح تمثيله فقط في الـ 6 مقاعد التي حصل عليها من القائمة.

محاولة رأب الصدع

انتهت انتخابات مجلس الشيوخ وحاول «أبو شقة» إنهاء حالة الغضب بين الوفديين ومصالحتهم، بالإشارة إلى أن قوة الحزب ليست بكثرة المقاعد في المجالس سواء الشيوخ أو النواب.

وأعلن رئيس «الوفد» صراحة أن الحزب متواجد أيضا في القائمة الوطنية في انتخابات مجلس النواب، واجتمع بقيادات الحزب، وأكد أن «الوفد» لن يقبل بأقل من 40 مقعدا بالقائمة وقيل بعدها 40 مقعدا قائمة وفردى وتعشم الكثير من قيادات الحزب في الدخول ضمن القائمة الوطنية التي تسهل الأمور، ويكون النجاح فيها مضمونا والنتيجة فيها محسومة لعدم وجود قائمة منافسة أو حتى حال وجود قائمة منافسة لن تستطيع منافستها نظرا لأن الانتخابات بنظام القائمة المغلقة التي لابد أن تحصل القائمة على 50% + 1.

وفى حال وجود أي قائمة منافسة لن تقف أمام هذه القائمة التي تضم الأحزاب والشخصيات الكبرى في طياتها.

النسبة التي أعلن عنها «أبوشقة» لم تتم ترجمتها على أرض الواقع، حيث حصل «الوفد» وفقا لقيادات في الهيئة العليا على 20 مقعدا فقط في القائمة، ليس هذا وفقط وتحدد الـ 20 مقعدا في محافظات بعينها وليس كل المحافظات، وهو ما أثار هذا الأمر غضب القيادات بل والأعضاء وخاصة أن هناك قيادات كبرى تنتظر هذا الأمر ومنهم المقربون للمستشار ووجدت نفسها خارج الصندوق.

هنا تغير الأمر من مؤيد لضد، وبدأت المعركة تشتد، وفوض «أبو شقة» السكرتير العام فؤاد بدراوى بإدارة ملف الانتخابات وقيادة اجتماعات الهيئة العليا، وبدأ التصويت داخل الهيئة العليا على انسحاب أو الاستكمال لمدة يومين كاملين ولأكثر من 5 ساعات في كل يوم منهم ولم تصل إلى حل نهائى، وتمت الدعوة لاجتماع ثالث لحسم الأمر.

لكن قبل موعد الاجتماع المرتقب أصدر الحزب بيانا بموافقة الهيئة العليا بغالبية الأعضاء على مشاركة الحزب في القائمة الوطنية، وأنه تم التصويت من خلال التليفون ووافق 25 عضوا ورفض 15 عضوا لتصبح النتيجة بالموافقة، وهو ما زاد من حدة حالة الغضب ودعا أكثر من 15 عضوا بالهيئة العليا لاجتماع طارئ وهو حق أصيل وفق لائحة الحزب الداخلية، أن يتم دعوة الهيئة العليا للاجتماع من قبل رئيس الحزب أو أكثر 15 عضوا بشرط أن يكتمل النصاب القانونى للاجتماع بحضور 50% من الأعضاء.

مجلس النواب

وبالفعل اكتمل النصاب وفقا لما قاله الحاضرون، واتخذت الهيئة العليا عدة قرارات منها انسحاب الحزب من القائمة الوطنية بانتخابات مجلس النواب، وسحب تفويض الهيئة العليا من رئيس الحزب التي سبق وأن منحته إياه.

 
المثير في الأمر هنا أن رئيس «بيت الأمة» لم يلتزم الصمت تجاه ما أعلنته «عليا الوفد»، لكنه خرج ليؤكد أن «الاجتماع المضاد» لا يتفق ولائحة الحزب، وأنه تمت الموافقة من قبل على مشاركة الحزب في القائمة الوطنية بانتخابات النواب، ودعا لاجتماع الهيئة العليا ليعرض عليهم إجراء انتخابات مبكرة على رئاسة الحزب لكى تعرضها الهيئة العليا على الهيئة الوفدية.

ولكن في اليوم التالى خرج وألغى اجتماع الهيئة العليا الذي كان أعلن عنه من قبل، وعرض «أبو شقة» شخصيا إجراء انتخابات مبكرة على رئاسة حزب الوفد في 4 ديسمبر المقبل، ولأول مرة تسمع هتافات «ارحل» داخل بيت الأمة تنادى برحيل «أبو شقة».

في مقابل هذا خرج «أبو شقة» ليعلن كشف بأسماء الموافقين على مشاركة الحزب بالقائمة الوطنية من أعضاء الهيئة العليا، رغم أن هناك أسماء رافضة حاليا ممن أعلنهم المستشار في بيانه ومنهم السكرتير العام للحزب النائب فؤاد بدراوى الذي خرج ونفى الأمر.

انتخابات مبكرة

وأصدر رئيس حزب الوفد قرارا بدعوة الهيئة الوفدية للاجتماع يوم الجمعة الموافق 4 ديسمبر لانتخاب رئيس للحزب طبقًا للضوابط المتطلبة في اللائحة، كما أكد رئيس «الوفد» أنه التقى النائب فؤاد بدراوي السكرتير العام للحزب، وبحثا سبل مواجهة الأزمة الحالية بالحزب، واتفقا على أهمية الحفاظ على استقرار الوفد في هذا الوقت لما يتعرض له الوطن ولمصلحة مصر العليا، والتأكيد على المشاركة في الانتخابات البرلمانية بالقائمة الوطنية.

وحضر اللقاء الدكتور خالد قنديل نائب رئيس الوفد وأكد أيضا أن أغلبية أعضاء الهيئة العليا وافقت على القرارات السابقة للهيئة بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية، وذلك برسائل كتابية جديدة، تغليبا للمصلحة العليا للبلاد والوفد.

نقلًا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية