خواطر صحفى ضاق بمهنة الصحافة 66 عاما
فى مجلة التحرير عام 1954 كتب الصحفى الشهير محمد عبد المنعم ــــالذى تخفى وراء اسم "ابو بثينة "حتى يتمكن من الكتابة ضد الملك ورحل عام 1989 ـــولقب بأمير الزجل لكثرة تهكمه على الاوضاع عن طريق الزجل مقالا يقول فيه:
عافت نفسى القلم والاوراق بعد عمل دام اكثر من ست ساعات متتاليات قراءة وبحث وسؤال وتحرى واطلاع وكتابة وتليفون، فنحيت القلم والورقة جانبا واسترخيت على مقعدى فى الجريدة.
وارتشفت قدحا من القهوة وسرحت بخيالى فيما كان وفيما يكون، وسألت نفسى :أليس البائع المتجول أسعد حالا من الصحفى أو على الأقل أقل عناء منه، على الاقل يملك لنفسه بعضا من الوقت والفسحة .
وعدت اسال نفسى هل الصحافة صاحبة الجلالة حقا أم هى مهنة البحث عن المتاعب كما يقولون .
وقفز الى رأسى سؤال ثالث يزحم السؤالين السابقين، وهو أى الاعمال اختار اذا قدر لى ان اعتزل الصحافة ؟
وانتقل بى هذا السؤال الى سنوات بعيدة مضت حين كان لى صديق تاجر ، تذكرته ، فكنت أزوره فى متجره أحيانا على الماشى، وكان أحيانا يعهد الى أن أحل محله حتى يقضى بعض حاجته، وكنت ابيع للزبائن وأجد لذة فى قبض النقود فكان البيع والوقوف فى وسط الزبائن متعة، ومن هنا فضلت التجارة .
وتذكرت ان هناك تجارا كثيرين قد أفلسوا، لكنى وجدت نفسى ارسم خططا للنجاح تجنبنى خطر الافلاس ومنها ان اضع اقلاما انيقة باسم محلى، فإذا دخل الزبون أقدم له هدية قلما قبل ان يشترى ، وأقدم له ورقه ليجربه ، وهذه الورقة تحتوى على ثلاثة اسئلة هى: هل سبق ان تعاملت مع متجرى؟، هل ارضتك بضاعتنا ام لا ؟ هل خرجت اليوم قاصدا محلنا أم الحظ هو الذى ساقك الينا ؟
لاشك ان الزبون سيجد غرابة فى هذه الاسئلة، وسيجد لذة فى الاجابة عليها ، وفى تجربة القلم الذى فرح به ولا شك .
«أبو بثينة» يكتب: «ده مركزك ياريس»
بذلك تتوطد العلاقة بينى وبين كثيرين من رواد المحل، ومن هذه الإجابات استطيع ان اعرف ما يعجب العملاء والزبائن وما لا يعجبهم، واعرف العميل الدائم من عميل الصدفة .
إن ذلك مجرد خيال ساقنى اليه ارهاق العمل الصحفى وانا غير مسئول عن نتيجته .
