رئيس التحرير
عصام كامل

توفيق الحكيم يأسف لضياع العمر ما بين الورق والقلم

الاديب توفيق الحكيم
الاديب توفيق الحكيم

فى كتابه "قلت يوما "الذى يضم مجموعة مقالات الأديب توفيق الحكيم قال فى إحداها :حياتى أحلت فيها لحمى إلى ورق ودمى إلى مداد لأنشر كلمات أبرر بها وجودى فى هذه الحياة الطويلة .


ماذا أخذت وهل استفاد الآخرون مما كتبت ؟ إنى متيقن من أن غالبية الناس لا تقرأ ، وإذا قرات لا تفهم ولا تريد أن تفهم .

 

الأدب والكتابة فى بلادنا مجهود فى صحراء لا تنبت شيئا، القلم أخذ منى عمرى فلم أستمتع كما يستمتع الناس بمراحل أعمارهم ، أخذنى من بيتى ومن ابنى فلم أعرف نعمة البيت ولا نعمة الأبوة.

 

كنت مع القلم دوما فى غرفة مغلقة أكتب وأكتب فكان جدارا غير منظور حال بينى وبين من أحب .


قتلت زوجتى وابنى وندمت حيث لا ينفع الندم ، وأحزن حينما أتفكر فى أخطاء حياتى التى تمضى جافة مجردة من أى هواية مسلية ، حاولت تعلم العوم لكنى فشلت فلم أنزل البحر إلا مرة واحدة عندما كان عمرى عشر سنوات ، ويومها خفت الموج .

 

وجدت فى المشى على الأقدام رياضة تحول دون الشيخوخة ولكن اقترابى من التسعين والدخول فى بحر الشيخوخة العميق ضعفت قدماى ووهن الجسد وتعذرت الحركة وضاع حلم العوم إلا مابين الوسائد والأغطية.


سعيد ما دام اللسان قادرا على النطق بما يعتمل به القلب أو العقل ، ومادام الفكر يمضى فياضا لايعوقه الضعف .


أمنيتى مع اقتراب النهاية أن يسقط القلم من يدى وأنا أناجى الله وأحث الناس على أن يفخروا بالإسلام ، أتصور أن السعادة التى ستأتى فى ان انام ولا استيقظ ، فإذا جاء الموت لا يمكن تأجيله (اذا جاء اجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ).


ولكن اذا ما أحسست بصحوة وطرأت لى فكرة فسأحاول ان انهض لكتابتها حتى لو كلفنى ذلك حياتى ن لان الادب هو حياتى وهو شئ لا مفر منه ولا حيلة لى فى التخلص منه ،

 

دار الشروق تصدر الطبعة الرابعة من سيرة توفيق الحكيم "سجن العمر"

 


الدعوة بطول العمر ليست دعوة سليمة ، المهم حسن الصحة ليكون الانسان قادرا على الحياة، وعزرائيل يداعبنى مداعبة ثقيلة ، فعندما جاء الى بيتنا ليقبض روحى أخذ زوجتى بدلا منى.

 

وأظن انه عندما جاء ليصحح الخطأ الاول أخطأ مرة أخرى وأخذ بدلا منى ابنى الوحيد اسماعيل وكأنما يتعمد تركى وحيدا.


وعندما جاءت فرصة جديدة ادخلونى المستشفى وظلوا فى علاجى حتى شفيت ..حكمتك يارب .


وبالنسبة لدخولى الجنة اعتقد اننى كنت مستقيما فى حياتى بنسبة 80 % والعشرون فى المائة الباقية اشياء خارجة عن ارادتى ، لو رضى الله عنى وأدخلنى الجنة سأمر فيها لفة ثم أجلس تحت شجرة وأفكر فى آخرة هذا النعيم الخالد 

 

ادعو ربى باللهم أسألك الغفران فحياتى اكذوبة خدعت بها نفسى لأوهمها بانى قمت بما يستحق من الحياة ..متفائل بمجئ القطار عن قريب وانا بانتظاره فى آخر المحطة .


الجريدة الرسمية