رئيس التحرير
عصام كامل

جمهورية اليوتيوبرز.. اليوتيوبر العرب‏ي.. كراهية وسطحية واستفزاز سياسي.. و"جوجل" تنتقد المحتويات العربية وتطالب بتطويرها

شعار يوتيوب
شعار يوتيوب

في بضع سنوات أصبح محتوى اليوتيوب صناعة عالمية، الموقع الذي أسسه تشاد هيرلي، وستيف تشن، ولم يكن مخصصا ‏لأكثر من خدمة مواعدة عبر الإنترنت، وفشل في هذا النمط، لينتهي المُلاك إلى صيغة أخرى، تجعل منه منصة تحميل ‏للفيديو، بعدما اكتشفوا عدم وجود منصات توثيق للفيديوهات عبر الإنترنت، أصبح الملاذ الآمن للموهوبين في الأرض. ‏

 

البداية

 

العودة للتاريخ لمعرفة ماذا جرى، وكيف أصبح اليوتيوب بداية من مايو 2005 موقعا خرافيا يتاجر مع نحو 30 ألف ‏مشاهد يوميًا للمواد التي يتم ضخها عليه، وهو رقم كبير جدا بمعايير هذا الوقت، ولهذا وأمام هذا النجاح وُضعت ‏إستراتيجية لتطوير الموقع حتى يمكنه اجتذاب أكثر من مليوني مشاهد يوميًا.

 

وبالفعل بحلول مارس 2006 أصبح يحتوي ‏على أكثر من 25 مليون مقطع فيديو، وتجرى عليه عمليات تحميل يومية بنحو 20 ألف عملية.

 

‏ تطور المشهد وأصبح اليوتيوب أحد أسرع المواقع نموًا على شبكة الويب العالمية، وقدم لأول مرة لمواقع توثيق الأبحاث ‏نحو 100 مليون مشاهدة فيديو يوميًا مع نمو مذهل في عدد المستخدمين، ومع الوقت تغلبت الشركة على مشكلات ‏التعدي على حقوق النشر المتزايدة والافتقار إلى تسويق اليوتيوب بما يُمكن الجميع من الربح منه بما يناسب حجم الإقبال ‏عليه، ليتم العمل مع جوجل في هذا الإطار، ولاسيما أن الأخيرة فشلت في تسويق نظام الفيديو الخاص بها. ‏


ومع استحواذ جوجل على موقع يوتيوب في أكتوبر عام 2006 خلال صفقة قياسية بلغت 1.65 مليار دولار أمريكي صعد ‏الموقع بشكل غير مسبوق، وسيطر تماما على وسائل الإعلام العالمية، وأصبح رأس مال الشركة بفضله مليارات ‏الدولارات بعد أن تجاوزت معظم محطات التليفزيون وأسواق الوسائط الأخرى، وبحلول مارس من عام 2013 وصل زيارات ‏عدد مستخدمي الموقع إلى مليار زيارة سنويًا وهنا كانت نقلة مختلفة تماما ليوتيوب. ‏


كل ما سبق كان تمهيدا ضروريا لمعرفة كيف تطور الموقع للدرجة التي جعلته الآن بطل أحلام الجميع، الآلاف حول العالم ‏يبحثون عن الثراء من خلاله، حيث أصبح منصة للتعبير عن الرأي، وسوقًا للمنتجات الإعلامية ومكانًا للنقاش ومكتبة ‏معلومات قابلة للتنقل ومصدرًا للإلهام، ولاسيما أنه موقع مجاني المشاهدة بالكامل، فمليارات الساعات من محتوى الفيديو، ‏والأرشيفات الضخمة من الموسيقى والأفلام ولقطات التليفزيون مازالت تقدم للجميع بدون مقابل، وقد وفرّ اليوتيوب الفرص للجميع وفق مبدأ تكافؤ الفرص، بطريقة احترافية الصعود فيها لمن يملك القوة والجدارة، وهو ‏نموذج نادر من المثالية الاجتماعية، التي ربما لا تطبق في أفضل بلدان العالم.

 

جمهورية اليوتيوب

 

وكما جرت العادة فإنه مع استحداث كل نمط تكنولوجى جديد تتعمد فئة من المستخدمين أن تذهب به في اتجاه مختلف تمامًا، فوجدنا من يعتمد على نقل تفاصيل حياته الشخصية مثل: أحمد حسن وزينب، ومنهم من أساء الاستخدام بشكل أسوأ مثل فتيات التيك توك على غرار "حنين حسام" و "مودة الأدهم" وغيرهما. كما أن وفاة اليوتيوبر مصطفى حفناوى مؤخرًا لفتت الأنظار بقوة إلى هذا العالم الخفى.. وهو ما نكشف جانبًا كبيرًا منه في هذا الملف..

العالم العربي


وفي العالم الغربي يتم استخدامه من قبل ‏النشطاء والمشاهير لتعزيز وجهات النظر التي لا يستطيع الصحفيون تقديمها في كثير من الأحيان، فضلا عن الابتكار في ‏تقديم كل ما هو جديد، ولاسيما في ظل نقص العمالة الذي يلوح بالأفق في ظل أزمة كورونا. ‏


أصبحت مهنة اليوتيوبر خلال السنوات القليلة الماضية، الأكثر بروزًا من أي وقت مضى، خاصة أن شباب اليوم لا يريدون ‏رواتب ووظائف فقط، بل لديهم الشغف لإحداث فرق في هذا العالم حقًا، بما تؤثر على حياة الجميع، أما في المنطقة العربية ‏فينقل صانعو المحتوى من الشباب نفس مشكلات مجتمعهم، الغالبية يتنافسون ولكن من أجل اقتلاع بعضهم البعض.

 

سطحية 

 

وأصبح ‏المحتوى التافه هو المسيطر على صناعة أسيئ فهمها ‏تمامًا، وتقول الأبحاث إن أكثر المحتويات شعبية معاييرها "شبه واحدة" في الأردن ومصر وفلسطين وسوريا ولبنان والإمارات ‏والسعودية والعراق والكويت وقطر والبحرين وعمان، الأغلبية يبحثون عن الألعاب والكوميديا والترفيه.

 

فيما أصبحت ‏الريادة للمحتويات السياسية التي تسود فيها نظريات المؤامرة، سواء التي تتوهم محاربة العالم للمسلمين، أو التي تروج ‏للكراهية، وهناك من يبث محتويات ليس فيها أي شيء من فنون النقد، وإنما يكفي أن يكون استفزازيًا، حتى يصل إلى ما ‏يريد، والمشكلة أن الكوميديا والترفيه لا يتم استخدامهم في التثقيف كما هو الحال في الغرب، الذين تسمح لهم الفكاهة بالضحك على ‏الأشياء المؤسفة للغاية لدرجة تجعلهم يبكون أحيانا، ولهذا فأفلام مثل "الجوكر" التي روجت مقاطع إنسانية منه موقع ‏اليوتيوب يشيع لمنطق السخرية التي تخلخل الواقع، وبتحث عن تبديل السيئ من خلال السخرية منه.

 

الأجور


على مستوى الأجور، يتقاضى اليوتيوبر في الشرق الأوسط أجورًا أقل بكثير من الأشخاص الذين يعيشون في أوروبا أو في ‏الولايات المتحدة بحسب أبحاث مرتبطة بصناعة المحتوى الرقمي، إذ تزيد المكافأة على عائدات الإعلانات وفقًا للبلد ‏ومستوى تقدمه وقوة العملة فيه، وترتيبه على المستوى العالمي.

 

وتشير أبحاث جوجل إلى ضرورة تطوير اليوتيوبر العرب أفكارهم ومحتوياتهم، فالقضية ليست فقط الحصول على نقرات أو ‏مشاهدات وزيارات لكسب المال بسرعة، ولكن هناك ضرورة أخلاقية لتجب المحتويات التي لها تأثير سلبي بداية من الأفكار ‏المضللة، نهاية بالوسائط التي يتم التلاعب بها عبر المقاطع المقتطعة من سياقها، لرسم ادعاءات كاذبة تضر بالمرشحين ‏السياسيين أو المسؤولين والمعارضين، أو الشخصيات الدينية التي تعاديها تيارات تشيع أنها تؤمن بالحريات وهي منها ‏براء.

 

وتحذر الأبحاث اليوتيوبر العرب من التحريض على إجهاض العملية الديمقراطية، من خلال بث المحتوى الذي يشجع الآخرين ‏على إعاقة أو مقاطعة إجراءات التصويت، وإساءة استخدام البث المباشر، ولاسيما أن اليوتيوبر العربي معروف أنه يبحث ‏دائما عن تقديم محتويات أكثر جنونًا على جميع المستويات كما تحذرهم من توّهم سذاجة مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي من جميع أنحاء الشرق الأوسط ومدى استعدادهم ‏لتصديق نظريات المؤامرة أو الإيمان الأعمى، ولاسيما أن اليوتيوبر بمجرد الإشارة إلى الدين في محتوى ما، يعلم جيدا أنه ‏سيصدقه الكثير من الناس ويشاركونه دون أن يستغرق الأمر ثانية منهم للتفكير بشكل نقدي بشأن ما ينظرون إليه وهناك فرصة للتطور.

 

ولكن بشرط أن يتطور اليوتيوبر أنفسهم، ولايعتبرون كل هذه المساحات الممنوحة لهم، مجرد فرصة ‏للهذى وتسطيح العقول بما يعيق أي تقدم أو منافسه مع نظرائهم في الغرب. ‏

 

نقلًا عن العدد الورقي..

الجريدة الرسمية