رئيس التحرير
عصام كامل

معركة "أنصاف الإسلاميين".. الإخوان تستغل مبادرة "مناهضة البرقع" لاختراق صفوف السلفيين في أوروبا.. وعناصر تقوم بدور الوسيط

فيتو

لا يتوانى الإخوان عن استغلال التيار السلفي واستخدامه لصالحهم، وخاصة بعدما أصبح ‏التنظيم الإخواني نفسه محل شك وريبة في جميع بلدان العالم.

 

 

أنصاف الإسلاميين

 

ولهذا تلجأ الجماعة دائما لـ«أنصاف الإسلاميين» كما تسميهم للاختباء في صفوفهم، ولكن حتى تفعل ذلك وتضمن رضا ‏السلفية واصطفافهم خلفها، يجب أن يكون ذلك من خلال قضية عقائدية بالنسبة لهم.

 

حيث زحف الإخوان مؤخرًا إلى صفوف التيار السلفي في الغرب، من خلال استخدام كل خبراتهم ‏في تفخيخ المواد القانونية واللعب على الحريات الأوروبية لضرب مبادرة "مناهضة البرقع" ‏التي اجتاحت البلدان الغربية وتهدف إلى حظر النقاب تمامًا من الحياة الغربية.

 

 

مناهضة البراقع

 

واستغل الإخوان تخبط التيار السلفي وعدم قدرته على مواجهة الدعاية الموجهة بجميع وسائل ‏الإعلام الغربية، وعرضوا خدماتهم حتى تبقى الجماعة حائط الصد الأول في العالم عن كل ‏مظاهر الأسلمة بما فيها النقاب، بغض النظر إن كان قضية جوهرية للتنظيم أم لا، المهم ‏أن تصبح مثل هذه القضايا منفذ الإخوان للاختباء داخل خطوط السلفية، وإعادة الثقة ‏والحياة للتنظيم الدولي داخل التجمعات الدينية في أوروبا.

 

وكانت مبادرة حظر البرقع في الأماكن العامة، وهي مبادرة لليمين الأوروبي لحظر كل مظاهر ‏الأسلمة في البلاد، وخاصة إخفاء الوجه في الأماكن العامة قد اشتعلت بشدة وأصبحت قضية ‏تتجاوز الحدود وحاذت على شعبية كبرى، وخبرة الإخوان القانونية الطويلة في الغرب جعلتهم يجهزون بحسب مصادر حصونهم ‏القانونية، واللعب على فخ الاستثناءات التي تبيحها التشريعات الأوروبية لأسباب تتعلق ‏بالصحة أو السلامة أو المناخ أو العادات الثقافية. ‏

 

دعاية إخوانية


الدعاية الإخوانية التي تجيش السلفيين خلفها حاليًا، تستهدف جعل النقاب في أوروبا رمزا ‏للإرادة الحرة، والغريب أنها لم تقترب مطلقا من قضية اتهام رجال السلفية في الأوساط ‏الحقوقية والقانونية بالعنف والتطرف والتسلط، وتتهمهم بإجبار زوجاتهن على ارتداء ‏النقاب، حتى تبقى السلفية تحت نيران القصف باستمرار.

 

ويبقى للإخوان ما يميزهم عن ‏التيار السلفي الذي تتركه أوروبا يعمل بحرية حاليًا، في الوقت الذي يتم التضييق على ‏التنظيم الإخواني، ويتم وضعه تحت المراقبة من كل أجهزة المخابرات في العالم. ‏

 

 

حرية الضمير


اختار الإخوان زاوية حرية الضمير للدفاع عن المرأة السلفية التي تريد ارتداء الحجاب ‏الكامل، وشوهت التعريفات الأوروبية التي تعتبر مثل هذا الزي سرقة لشخصية المرأة التي ‏تختفي داخله.

 

وفي الوقت الذي تتجاهل الدفاع الكامل عن فكر "الرجل السلفي" صاحب ـــ القوامة السياسية ‏والدينية ـــ حتى يستمر محل تشكك من الجهات الفاعلة في الغرب، ولكنها تلعب من ناحية ‏أخرى على أن النقاب منصوص عليه في الإسلام أيضا ولايحرمه، ولهذا يتقرب الكثير من ‏النساء المتدينات إلى الله به، وحرمانهن منه، سيعني على الفور للقطاع الأوسع من ‏الجماهير الإسلامية، أنه محاولة لإخضاع المرأة المسلمة وعزلها عن الأماكن العامة في ‏أوروبا ما يثير الكراهية ضدهم في الشرق.


الدعاية الإخوانية تلعب أيضًا على تجريس "اليمين" وتصفه بالتطرف سواء المعتدل منه أو ‏المتطرف بالفعل، للتقرب إلى اليسار الأوروبي الصاعد بقوة، في الإعلام والمجال الحقوقي ‏خاصة مع تفاقم الأزمات العنصرية التي وضعت دولة مثل أمريكا في حرج بالغ، حتى ‏يستخدمونه مطية لتنفيذ أغراضهم .

 

وأطلق الإخوان حملات دعائية، تعتبر أن إبقاء المرأة السلفية بنقابها، هو أفضل ما يعبر عن ‏المساواة الغربية وحقوق الإنسان، وخلصت الدعاية الإخوانية، المطعمة بجهود اليسار إلى ‏أن المبادرة المعادية للنقاب لن تحرر أي شخص، وخلقوا حالة في بعض البلدان الأوروبية، ‏تؤكد أن منع المرأة من ارتداء هذا الزي المزعج لهم، لن يجعلها في النهاية تحصل على ‏المزيد من الحقوق، ولن تفعل شيئًا لتحسين وضعها الاجتماعي. ‏

 

 

النقاب

 

في المقابل يروج التنظيم أن حظر النقاب، وكل مظاهر الأسلمة سيقوض التقاليد المتعددة، ‏ويضرب ثقافات العيش المشترك في مقتل، ما يعني تأخر الغرب عن كل ما تحصلوا عليه في ‏حقوق الإنسان، والعودة من جديد لخطر التأخر حتى عن بعض البلدان العربية التي "تبيح ‏النقاب كما تبيح التحرر".

 

وينادي التنظيم الذي يعرف جيدا من أين تؤكل الكتف، بضرورة دعم التعليم وفتح الباب ‏لمؤسسات المجتمع المدني ودعمها حتى تستقطب النساء التي تفضل العزلة، وتعلمهن كيفية ‏الاندماج في مجتمع حداثي، وهو ما يفتح الطريق من جديد للوصاية الإخوانية، التي تملك ‏الغالبية العظمى من مؤسسات المجتمع المدني الخاصة بالمسلمين في الغرب، كما كانت ‏دائما حلقة الوصل بين الحكومات الغربية وكل ما هو إسلامي.

 

 

استغلال السلفيين

ويترك الإخوان الرجل السلفي صيدًا ثمينًا لكل أنواع قصف اليمين الغربي بكل مستوياته ‏المعتدل منه والمتطرف، حتى لايصبح ندًا لهم حتى في أضعف أوقاتهم، ولكنهم يدافعون عن ‏السيدة السلفية، ويتفننون في اللعب على أوتار العاطفة الأوروبية ونقاط ضعفها في كل ‏ما يتعلق بحقوق الإنسان، ولهذا فامرأة "البرقع" كما تسمى في الغرب نموذج نادر للمسلمات في الدعاية الإخوانية، ‏وليست النموذج الأول للمرة المسلمة في الغرب، ويزعمون أن أغلبهن سائحات، ويجب أن ‏يحملن معهن إلى بلداهن خلال عودتهن كل ما يبرر التسامح الأوروبي حتى يصبحن سفراء ‏له. ‏


لم يترك التنظيم كل ما يوثق علاقتهم بالأمن من جديد على حساب هذه القضية، ولهذا ‏اقترحوا أن تدخل القضية في حساب كل كانتون أمني ـ قسم شرطة ـ على حسب خصوصيتها، ‏حتى يصبح هناك حاجة لمندوب إخواني يتحدث مع الشرطة، ويدافع عن السيدة، ويبحث ‏خلفياتها من وجهة نظر حقوقية.

 

وهو أمر متاح في الغرب فمن ناحية يوثق كوادر الإخوان علاقتهم بكل ما هو أمني في طول البلدان الغربية وعرضها، ‏ومن ناحية أخرى يضعون لأنفسهم هيمنة كاملة على التيار السلفي، بعد أن يصبح التنظيم ‏الإخواني متحدثا باسمه، ومدافعا عنه، وفي رواية أخرى، هو الوحيد الذي يملك تثبيت ‏التهمة عليه أو تبرئته منها.

 

ونجح الخبث الإخواني بواسطة اللوبيات المنتشرة له في الغرب في تعطيل قانون حظر إخفاء ‏الوجه في الأماكن العامة في بلد مثل سويسرا، وتم رفض القانون بالفعل من قبل مجلس ‏الولايات في سبتمبر من العام الماضي.

 

وبعدها عُطل أكثر من مرة، بحجة ضرورة تطويره ‏من قبل المجلس، خاصة أن وباء الفيروس التاجي والوجود المتزايد للأقنعة في الشوارع ‏جعل البعض يرى أن الأزمة ليست في النقاب، ولاحاجة أن تكون البلاد الأوروبية رمزا للظلم ‏والتمييز الديني.

 

منفعة متبادلة 

ورصد تقرير نشر في إحدى الصحف تخوف آخر وهو "حقوق المرأة"، وقالت الصحيفة: ‏التفكير الأمريكي الجديد يعي أنه ليس من الممكن أبدا الاتفاق مع هؤلاء السلفيين في مجال ‏حقوق المرأة، على سبيل المثال، ولكن هذا لا يعني أنه لا يمكن أن تكون هناك علاقة منفعة ‏متبادلة مع الغرب أو عملية تطور.


على بكر الباحث في شئون الحركات الإسلامية، يرى أن الإخوان تعرف جيدا أن التيار ‏السلفي فصيلا إسلاميا أصوليا يتمسك بحرفية النص وإعلاء الشريعة في السياسة والدستور.

 

واستبعد الباحث السياسي أن يصبح السلفيين بديلًا للإخوان، لافتًا إلى أن مصالح أمريكا ‏والكثير من البلدان الغربية لازالت مع الجماعة لأنهم من وجهة نظرهم الأكثر فهما للسياسة ‏والقوانين الغربية.

 

ويوضح بكر أن الإخوان عملوا على الأرض لمدة تزيد على 40 عامًا، واقتربوا من الشارع الأوروبي ‏ويعلمون تفاصيله بعكس السلفيين، ولهذا لن يتركوا هذه المزايا لأحد غيرهم، على حد قوله.

 

نقلًا عن العدد الورقي...

الجريدة الرسمية