رئيس التحرير
عصام كامل

كارثة جديدة في السودان!

يبدو أن مصير الدولة الوطنية في السودان الشقيق، بات مهددًا، وصارت تلك الدولة التي واجهت، على مر التاريخ، الكثير من المحن والمؤامرات، على وشك الدخول فى دوامة لا يعلم نهايتها إلا الله.

 

الحكاية أن رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك، تقدم، منفردًا، دون أن يستطلع رأي باقي أطراف السلطة، بطلب إلى الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة ويليام جوتيريش، لإرسال بعثة للسلام في السودان، تطبيقًا للفصل السادس من ميثاق المنظمة الدولية.

 

وتنص المادة "33" من الفصل السادس، على أنه "يجب على أطراف أي نزاع من شأن استمراره أن يعرض حفظ السلم والأمن الدولي للخطر أن يلتمسوا حله بادئ ذي بدء بطريق المفاوضة والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية، أو أن يلجأوا إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية أو غيرها من الوسائل السلمية التي يقع عليها اختيارها".

 

اقرأ أيضا:  السودان.. هل يستوعب الدرس؟!

 

السودان، هذه الأيام، يعيش على فوهة بركان؛ بسبب هذا التصرف المنفرد من الدكتور حمدوك.. وعلى إثر تسرب هذا الخبر، والذي تعمد رئيس الوزراء التكتم عليه، ثار جدل حاد بين المعارضة القوية من الجيش والقوى السياسية التقليدية، وتأييد خجول من القوى اليسارية تحت شعار أن بعثة الأمم قادرة على حماية النظام المدني وتحقيق الديمقراطية واستبعاد هيمنة الجيش على الحكم.

 

لم يعلن أي طرف من أطراف ترويكا الحكم في السودان (الجيش وقوات الدعم السريع والحكومة الانتقالية) موقفاً واضحًا من القضية التي يتوقع حدوث المزيد من ردود الأفعال حولها حين يتم تداولها علانية في الأمم المتحدة بنيويورك.

 

والتاريخ الأسود لكل بعثات حفظ السلام ينذر بضياع الهوية الوطنية للسودان، إذا حدث واستجابت الأمم المتحدة لمطلب حمدوك، وقام مجلس الأمن بإرسال بعثة للخرطوم.

 

اقرأ أيضًا:  سر الإنقلاب !!

 

فمنذ عام 2000، أصدر مجلس الأمن قرارات بتشكيل بعثات لحفظ السلام في عدد من دول العالم تباينت في صدورها بموجب الفصل السادس والسابع، ولكنها جميعها حققت فشلًا ذريعًا في أداء مهماتها المكلفة بها، كما تكبدت الدول الأعضاء نفقات مالية هائلة للدول الممولة دون فائدة تذكر لصالح الدول المعنية بتلك البعثات.

 

جميع تلك البعثات لا تتوانى عن التدخل السافر، وإذلال المواطنين، وحياة المجتمعات التي أرسلت إليها، والإضرار بالسلم والتعايش الاجتماعي بين الأهالي، وانتهاك التقاليد والحرمات، وارتكاب الفضائح والفظائع، والجرائم الجنسية، والتدخل المفرط في عمل الحكومات، بما في ذلك من تعزيز لقدرات بعض الأطراف (وكثيرًا ما تكون خارجية)، واستبعاد أطراف أخرى، وتشجيع حركات التمرد، والمعارضة المسلحة، وبيع السلاح لها.

 

اقرأ أيضًا:  السودان.. لماذا يدعم إثيوبيا ضد مصر؟!

 

وفي هذا الصدد، من المتوقع أن تتدخل القوة في السودان لصالح إثيوبيا وإسرائيل وقطر وتركيا، وقبلهم الولايات المتحدة بطبيعة الحال!

 

السودان مهددة بالتفتت.. وهنا تقع مسئولية جسيمة على جامعة الدول العربية التي يجب أن تتحرك بمنتهى السرعة والجرأة والحسم قبل أن تتحول السودان إلى دولة مهترئة، ومفتتة، وفاقدة للهوية العربية!!

 

وعلى مصر أن تتنبه فورًا إلى خطورة تلك الخطوة غير المحسوبة من رئيس الوزراء السوداني؛ وأن تعمل على قطع الأيدي التي تريد العبث في الحديقة الخلفية، بما يعنيه ذلك من المساس بالأمن القومي المصري.

 

وعلى الحكومة الانتقالية، وعلى رأسها الفريق عبد الفتاح البرهان، إدراك مغبة تلك الخطوة، وإقناع حمدوك بعدم جدواها، وأن ضررها أكبر من منفعتها المحدودة، وأن عليه توسيع نظرته الضيقة، والنظر إلى مستقبل بلاده وصون استقلالها، وحماية مصالحها العليا.

الجريدة الرسمية