رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

بيزنس الأزمات

الوليد بن طلال يضع مجموعة من شركاته تحت تصرف المملكة العربية السعودية لمواجهة (كورونا)، وسبقه بيل جيتس الذي تبرع ب ١٠٠ مليون دولار مساهمة منه في إكتشاف الفيروس، وجاك ما صاحب (على بابا) الذي تبرع بنصف مليون إختبار للفيروس ومليون كمامة وما يقرب من ستة ملايين دولار لمعامل الأبحاث..

 

وإنهالت التبرعات من رجال أعمال في الصين والهند وإيطاليا وألمانياوأسبانيا وكوريا ومن نجوم الفن والرياضة والأندية في أنحاء العالم، وفي قريتي بمحافظة الشرقية تبرع مجموعة من الشباب بثلاثة آلاف جنيه إشتروا بها كلور لتعقيم الشوارع والتكاتك والمحلات ومداخل المنازل، وهو مبلغ قيمته أكبر من جملة التبرعات السابقة إذا ما وضعنا في الإعتبار الفارق بين شباب قريتنا وبيل جيتس ونظرائه..

 

اقرأ ايضا: أزمة ثقة

 

أضف إلى ذلك عدوى التعقيم التي إنتقلت من القرية للقرى المجاورة، والأهم من ذلك المسئولية المجتمعية التي حركت الشباب في ريف مصر، لكنها لم تحرك ساكناً في مجتمع رجال الأعمال الذين صدعونا بالغناء للوطن، وأدهشونا بالمتاجرة به، وبإستغلالهم لأزماته لتكون موسماً للبيزنس، ومن هؤلاء نستثني قلة تاجرت مع الله فربحت تجارتهم حلالاً من جيوب المصريين.

 

يروي أحد الأصدقاء (وروايته موثوق فيها) أن الرئيس السيسي بعد توليه الحكم ببضعة شهور.. إجتمع بعدد من رجال الأعمال، وأكد على أهمية تذليل العقبات أمامهم لدورهم الكبير في النهوض بمصر، وطالبهم بمد آياديهم للوطن خاصة أن الدولة منهكة إقتصادياً..

 

وفي الإجتماع.. طلب أحد رجال الأعمال المشهود لهم بالوطنية ونظافة اليد والأعمال الخيرية سراً وعلانية من زملائه أن يعيدوا أموالهم التي هربوها للخارج أثناء أحداث يناير، عندما إستغلوا حالة الفوضى في البلاد وظنوا أن مصر لن تنعم بالإستقرار مرة أخرى..

 

اقرأ ايضا: انتبهوا.. الأسلحة فاسدة

 

وأكد الرجل أن البلد أولى بأموالنا لنستثمرها فيها، والغريب أن أحداً من الحضور لم يدافع عن نفسه، أو ينفي تهمة تهريبه لأمواله، لكن بعضهم أطل علينا ليعلن عن تبرعات كثيرة لصندوق تحيا مصر، يقيننا أن أغلبها كان وهمياً.

وجاء (كورونا) ليكون بمثابة بروفة ليوم القيامة، تحركت الدولة بكل مؤسساتها، وتحرك فقراء القرى في ريف مصر، وتحرك رجال الأعمال في أنحاء العالم، لكن الفيروس لم يحرك ساكناً في أروقة رجال الأعمال المصريين إلا من رحم ربي..

 

بل أن الهلع من خطر الفيروس تزامن مع حلقة جديدة من مسلسل زواج أحدهم، وبرواية لصديقي الذي ذهب ليعزم أحدهم على حفل عقد قرانه، فرد عليه الرجل قائلاً.. والله إنت إبن حلال، فكرتني بالزواج، تخيل إني لم أتزوج منذ ثلاثة شهور وهي أطول فترة أقضيها بدون زوجة جديدة!!

 

وسأل الرجل صديقي.. إنت عرفي ولا رسمي؟! فرد صديقي.. جئت لأدعوك، والدعوة تعني حفلاً، والحفلات لا تستقيم مع الزواج العرفي.

 

اقرأ ايضا: مرضاة الله واسترضاء الرئيس

 

أما رجل الأعمال هذا فقد أقسم لصديقي أنه لم يتخل عن الوطن يوماً واحداً، وأنه يخشى على المصريين من (كورونا) لذلك تبرع بنصف مليون دولار دعماً للدولة، وهذا آخر صدعنا كعادته بتبرعاته الوهمية، أما هؤلاء فاختبأوا في منازلهم، وودوا لو خلت الدول التي هربوا أموالهم إليها من كورونا، حتى يتمكنوا من السفر للحاق بما هربوه، لكنها بروفة يوم القيامة التي طالت العالم كله..

 

فلم تعد أموالهم المهربة في مأمن، ولا الدول التي حصلوا على جنسياتها مستقرة، بل أن البلد الذي جمعوا ثرواتهم منه وتنكروا له هو الأكثر أماناً، ومع ذلك لم يعوا الدرس وإستمروا في جحودهم.

 

أعلم أن المواطن مسئولية الدولة، لكن الأزمة أكبر من إنفراد الدولة بالمسئولية، لذلك يأتي الدور المجتمعي لرجال الأعمال وهو أقرب إلى قانون معمول به في كل دول العالم، ويعمل به بعض رجال الأعمال المصريين، لكن الكثير منهم تناسى ذلك، وأصبح العاملون في القطاع الخاص هم الأزمة الحقيقية التي تواجه الدولة في ظل أزمة تهاوت بسببها إقتصاديات الدول الكبرى..

 

وعلى الحكومة أن تلزم رجال الأعمال بدفع مرتبات العاملين بشركاتهم حتى لو توقفت هذه الشركات عن العمل لعدة أسابيع، وعلى الحكومة أيضاً أن تعلن عن المتبرعين من رجال الأعمال ليعرف الشعب من معه ومن عليه، أما الذين تاجروا بالأزمة وضاعفوا أسعار منتجاتهم واستغنوا عن العاملين بشركاتهم فمحاكمتهم واجب وطني.

besherhassan7@gmail.com

 

Advertisements
الجريدة الرسمية